هل تُحسَم مسألة إحياء الاتفاق النووي خلال اجتماع الأمم المتحدة؟

هل تُحسَم مسألة إحياء الاتفاق النووي الإيراني خلال اجتماع الأمم المتحدة؟

18 سبتمبر 2021
شهدت فيينا ستّ جولات من المباحثات بشأن الاتفاق النووي الإيراني (Getty)
+ الخط -

بعد سلسلة جولات من المباحثات غير المباشرة المعلقة منذ يونيو/حزيران، هل ستتمكن واشنطن وطهران من التوصل إلى تفاهم يعيد إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي انسحبت واشنطن أحادياً منه؟ يمكن الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يُعقَد الأسبوع المقبل أن يقدم بعض الإشارات إلى التوجهات المقبلة، إذ سيشكّل فرصة لحضور أول على المستوى الدولي لحكومة الرئيس الإيراني الجديد، المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.

إلى أين وصلت مباحثات الاتفاق النووي الإيراني؟

بعد تولي جو بايدن الرئاسة الأميركية خلفاً لدونالد ترامب في يناير/كانون الثاني، بدأت طهران والقوى الكبرى التي ما زالت منضوية في اتفاق فيينا (بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، ألمانيا)، بمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات في العاصمة النمساوية تهدف الى إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي جرى التوصل إليه عام 2015. وقرّر ترامب سحب بلاده أحادياً في 2018 من الاتفاق المبرم في عهد سلفه باراك أوباما، معتبراً أنه كان غير كافٍ ولا يتطرق إلى قضايا أخرى مثيرة للجدل مع إيران، بينها نفوذها الإقليمي ودعمها لمجموعات مسلحة تشكل تهديداً لحلفاء واشنطن، مثل تل أبيب والرياض.

وأتاح الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة، رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية، مقابل الحدّ من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن ترامب أعاد بعد الانسحاب فرض العديد من العقوبات التي طاولت قطاعات اقتصادية إيرانية شتى، من أبرزها تصدير النفط.

وشهدت فيينا ستّ جولات من المباحثات بين إبريل/نيسان ويونيو/حزيران. وأكد الأطراف المشاركون تحقيق تقدم، لكن من دون التوصل إلى تفاهم نهائي. وتشدد طهران على ضرورة رفع كل العقوبات التي فرضت أو أُعيد فرضها في عهد ترامب، بينما تصرّ إدارة بايدن على استعدادها لرفع العقوبات المتعقلة بالملف النووي حصراً. وشدد رئيسي الذي تولى منصبه رسمياً في أغسطس/آب، على دعمه أي مبادرات دبلوماسية تؤدي إلى رفع العقوبات، إلا أنه أكد ضرورة أن تحقق المباحثات المصالح الوطنية، رافضاً التفاوض لمجرد التفاوض. وفي ما عدّه محلّلون إشارة تشدد حيال الغرب، أعفت إيران في الأيام الماضية كبير مفاوضيها النوويين عباس عراقجي من منصبه الوزاري كنائب لوزير الخارجية، وعيّنت بدلاً منه علي باقري، الذي سبق أن أدلى بمواقف منتقدة للاتفاق، وما يعتبرها تنازلات قدمتها حكومة الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني في المجال النووي.

ماذا سيحصل في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؟

يلقي رئيسي الثلاثاء خطابه الأول عبر منصة دولية، متوجهاً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر تقنية الاتصال المرئي، حاله كحال العديد من الرؤساء والقادة الذين لن يحضروا الاجتماعات مباشرةً، في ظل الإجراءات الوقائية من كوفيد-19. وسيترأس الوفد الإيراني في نيويورك، وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، من دون أن يكون له أي لقاء مجدول مع مسؤولين أميركيين، في ظل العلاقات المقطوعة بين البلدين.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد: "لم نعدّ أي خطط مباشرة للقاءات ثنائية خلال وجودهم هنا، لكن هذا لا يعني أننا لا نرى قيمة لإجراء مباحثات مع الإيرانيين". وكما في حال المباحثات النووية، يتوقع أن يشكل دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي وأطراف أخرى مثل روسيا، صلة الوصل بين الإيرانيين والأميركيين. وأكد المبعوث الأميركي الخاص لإيران روب مالي، أنه عقد لقاءات "بناءة" أخيراً في موسكو بشأن الملف النووي الإيراني.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ماذا بعد اجتماع الجمعية العامة؟

ألمح أمير عبداللهيان في أواخر أغسطس/آب، إلى أن مباحثات فيينا قد لا تستأنف قبل شهرين أو ثلاثة، فيما يتوقع مراقبون أن يعود الأطراف المعنيون الى طاولة المفاوضات قبل انقضاء تلك الفترة الزمنية. لكن إحدى نقاط الاستفهام العالقة، ترتبط بما إذا كان الإيرانيون سيستأنفون التفاوض بناءً على الخطوط العامة ذاتها للمباحثات السابقة، أو سيكونون أكثر تشدداً في ظل الحكومة الجديدة ذات التوجهات المختلفة عن حكومة الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني.

ويرى علي واعظ، الباحث في الشأن الإيراني لدى مجموعة الأزمات الدولية، أن "الولايات المتحدة قريبة جداً من حدودها القصوى. لا أعتقد أنه يبقى أمام إدارة بايدن هامش واسع للمناورة (...) لذا في حال سعي الإيرانيين إلى مقايضة أكبر، فذلك سيكون بمثابة صيغة للوصول الى حائط مسدود".

متى يفوت الأوان لإحياء الاتفاق النووي؟

يعتبر مراقبون أنه كلما طالت فترة الانتظار، أصبحت إيران أقرب لامتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي إذا رغبت في ذلك، وهو ما نفت طهران مراراً سعيها إلى تحقيقه. وخلال زيارة لألمانيا مطلع سبتمبر/أيلول، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن الوقت ينفد أمام إيران للعودة إلى احترام التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، التي كانت قد تراجعت عن غالبيتها رداً على الانسحاب الأميركي. وقال بلينكن: "لن أحدد موعداً، لكننا نقترب من مرحلة تصبح معها العودة الصارمة للامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، لا تعود بالفوائد التي حققها الاتفاق".

ويرصد الغربيون من كثب التعاون بين إيران ومفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وزار المدير العام للوكالة رافايل غروسي طهران هذا الشهر، حيث اتُّفِق مع الجانب الإيراني على السماح للمفتشين بدخول منشآت نووية لصيانة معدات مراقبة، وذلك في الإطار العام لاتفاق تقني موقت توصل إليه الجانبان مذ قررت الجمهورية الإسلامية في فبراير/شباط الماضي، الحدّ من نشاط المفتشين، في ظل استمرار العقوبات الأميركية.

(فرانس برس)

المساهمون