هل تتحمّل ألمانيا اللوم إذا فشلت أوكرانيا عسكرياً؟

هل تتحمّل ألمانيا اللوم إذا فشلت أوكرانيا عسكرياً؟

10 يونيو 2022
وعدت برلين سابقاً أنها ستزود القوات الأوكرانية بمعدات عسكرية (Getty)
+ الخط -

احتدم الجدل مجدداً في ألمانيا حول أهمية دعم برلين لأوكرانيا بالأسلحة الثقيلة بشكل عاجل، بعد أن كان ساد اعتقاد مع إعلان المستشار أولاف شولتز وبكل جرأة خلال الفترة القريبة الماضية من البرلمان، أن برلين ستزود القوات الأوكرانية بمعدات عسكرية وأسلحة نوعية للدفاع عن نفسها ضد الاجتياح الروسي. لكن يبدو أن هناك عقبات أمام الوفاء بالوعود الألمانية، نظراً لوجود مشاكل فنية ولوجستية، أو على الأقل غموض في مواعيد التسليم، وكل ذلك وسط معلومات واردة من كييف، تشير إلى أنه يُقتل ما يصل إلى مئة جندي أوكراني يومياً من قبل القوات الروسية الغازية.

وفي ظل الخوف من إطالة أمد الحرب وتعثر تسليم الأسلحة الألمانية لكييف، أكدت وزيرة الثقافة الاتحادية المنتمية لحزب الخضر كلوديا روث، في برنامج حواري تلفزيوني، ليل أمس الخميس، على القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي أف"، أنّ الجميع يتحمل المسؤولية بشكل مشترك عن هذا الموضوع، ولا حرج في المكالمات الهاتفية التي يجريها شولتز مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا كان الموقف واضحاً، مشددة على أهمية أن يتم الوفاء بجميع الوعود من قبل الحكومة الألمانية لكييف.

في المقابل، رأى رئيس كتلة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي، وعضو الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا مانفرد فيبر، الأمر بشكل مختلف، إذ اعتبر في حديث خلال البرنامج نفسه، أنه إذا سقطت كييف اليوم، فسيكون هناك انطباع في جميع أنحاء أوروبا، وربما في جميع أنحاء العالم، بأنّ ألمانيا هي المسؤولة، منتقداً الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يتساءل "ماذا لو عاد (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب في غضون عامين إلى البيت الأبيض؟ نحن الأوروبيون عراة حالياً أمام العالم المليء بالعواصف، لسنا قابلين للدفاع عن أنفسنا وعن وضعنا السياسي عندما يكون ذلك ضرورياً".

واتهم المسؤول الألماني الحكومة بدعم أوكرانيا "بفتور"، "رغم أننا بلد يصنع الأسلحة ونزود دولاً بها، ولكن الأسلحة الثقيلة المطلوبة لا تزال لم تصل بعد للأوكرانيين"، وفق تأكيده.

وفي سياق متصل، حذر المفتش العام الإقليمي في الجيش الألماني الجنرال مارتين شيلايس، في مقابلة له مع صحيفة "كولنر شتات أنتسايغر"، اليوم الجمعة، من مخاطر عسكرية على ألمانيا، ومن أنّ هناك تهديدات ملموسة، قائلاً "في الأساس نحن بالفعل في حالة حرب: حرب في مجال المعلومات، والهجمات الإلكترونية"، مضيفاً: "على اعتبار السيناريوهات واقعية، فإنّ ألمانيا ليست في وضع جيد"، متحدثاً عن خطورة هجمات انتقائية على البنية التحتية الحيوية، على سبيل المثال من قبل القوات الخاصة، أو بطائرات من دون طيار، أو قوارب سريعة "لتعطيل سبل عيشنا".

وبالإضافة إلى ذلك، لفت شيلايس إلى أنّ هناك تهديدات بهجوم محتمل بصواريخ باليستية كانت روسيا قد نصبتها في منطقة كالينينغراد، والتي تم سحبها الآن بسبب حرب أوكرانيا، "لكن بالتأكيد من السهل إعادتها في أي وقت"، مشيراً إلى أنه يمكن لهذه الصواريخ أن تصل بسهولة إلى برلين، مضيفاً أنه "بالنظر إلى بوتين، من السهل تخيل محاولات الابتزاز".

إلى ذلك، اشتكى شيلايس، قائد ثاني أكبر وحدة تنظيمية في الجيش الألماني، والمسؤول عن لوجستياتها والاستعداد العملاني للقوات المسلحة، من "العجز الحقيقي" في الدفاع الجوي الذي يجب تعويضه على وجه السرعة، مشيراً إلى أنّ الجيش الألماني لم يموّل بشكل كافٍ في الأوقات السابقة، و"لدينا الآن الكثير لنفعله".

في خضم ذلك، ذكرت صحيفة "تاغس شبيغل"، أمس الخميس، أنّ موعد تسليم مدافع هاوتزر 2000 التي أعلنت وزيرة الدفاع كريستين لامبرخت، قبل شهرين، أنها ستسلم للقوات المسلحة الأوكرانية، "لا يزال غامضاً"، حتى أن هناك معلومات تفيد بأنّ الأمر قد يستغرق حتى شهر يوليو/تموز المقبل، مبرزة أنه، ومنذ بداية مايو/أيار، يتم تدريب الجنود الأوكرانيين عليها في مدرسة المدفعية التابعة للجيش الألماني ايدار أوبرشتاين.

أما بخصوص نظام مضاد الطائرات "إيريس ـ تي"، فإنّ الأمر يبدو أكثر تعقيداً، لأنّ نموذج حزمة الأسلحة الألمانية المخطط له لن يكون جاهزاً للاستخدام قبل نوفمبر/تشرين الثاني أو حتى ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي.

أما قاذفات صواريخ "مارس 2" التي وعد شولتز أوكرانيا بأربع قطع منها، فقد يؤجَّل تسليمها أيضاً، لأنه يجب إعادة برمجة التكنولوجيا الخاصة بها لكي تكون متوافقة مع الذخيرة التي تصل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وغيرها. وتكتمل التعقيدات مع الصيانة التي لا تزال مطلوبة لحوالي 30 من مضادات للطائرات من نوع "غيبارد"، كانت وعدت بها برلين السلطات الأوكرانية نهاية إبريل/نيسان الماضي، إذ أشارت الصحيفة إلى أنه قد يصار إلى تسليم 15 منها خلال يوليو المقبل.

وكان السفير الأوكراني لدى ألمانيا أندريه ميلينك، قد دعا، أمس الخميس، في حديث صحافي، ألمانيا لمزيد من الوضوح بشأن شحنات الأسلحة لبلاده، لافتاً إلى أنه من غير الواضح تماماً متى ستتلقى كييف قاذفات الصواريخ التي وعدت بها ألمانيا، داعياً الحكومة في برلين إلى مزيد من الوضوح، ولاسيما أن الحكومة الأوكرانية لم تتلقَ حتى الآن معلومات من ألمانيا عن موعد تسليم الأسلحة التي وعدت بها أخيراً للقتال الدفاعي ضد روسيا.

وقال السفير الأوكراني: "نتوقع أن تفي حكومة إشارات المرور بهذا الوعد على وجه السرعة، لأن قواتنا بحاجة إلى أنظمة الأسلحة هذه على وجه السرعة لحماية المدنيين الأوكرانيين من الهجمات البربرية التي تشنّها روسيا، وكسر التفوق العسكري الهائل".