هل تتجه تركيا إلى انتخابات برلمانية جزئية؟

هل تتجه تركيا إلى انتخابات برلمانية جزئية؟

18 أكتوبر 2020
تقترب مدة الدورة البرلمانية من الانتصاف (خليل صغيركايا/الأناضول)
+ الخط -

مع تنظيم مذكرات لرفع الحصانة البرلمانية عن عدد من النواب الأكراد في البرلمان التركي، وشغور عدد من المقاعد البرلمانية لأسباب متعددة، واقتراب انتصاف مدة الدورة البرلمانية الحالية، طرحت في تركيا أخيراً قضية إجراء الانتخابات البرلمانية الجزئية، إذ ينص القانون على إجرائها في حال وصول عدد المقاعد الشاغرة إلى 30، ومرور مدة نصف الدورة البرلمانية. وبينما يؤدي رفع الحصانة البرلمانية عن النواب الأكراد الحاليين إلى وصول الشغور إلى 22 نائباً، فقد تلعب المعارضة التركية دوراً في استقالة عدد من نوابها لتصل إلى نسبة 5 في المائة المطلوبة، ما يستدعي إجراء تلك الانتخابات التي تسعى عبرها المعارضة لرفع نسبة وجودها داخل البرلمان.


قد تلعب المعارضة دوراً في استقالة عدد من نوابها

السلطات القضائية أعادت فتح ملف "أحداث كوباني" أخيراً، في الذكرى السادسة لوقوعها، وهي أحداث حصلت عقب احتجاجات نظمها أكراد متعاطفون مع مدينة عين العرب (كوباني)، إبان هجوم "داعش" على المدينة الواقعة في ريف حلب، وخلّفت تلك الأحداث أضراراً كبيرة في الأرواح والممتلكات. وخلال التحقيقات الجديدة تم إعداد مذكرات لرفع الحصانة البرلمانية عن 7 نواب في حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، تمهيداً لمحاكمتهم بتهم التحريض على أعمال العنف، والارتباط بحزب "العمال الكردستاني" المحظور والمصنف إرهابياً في البلاد. وسبق أن فرغت بداية 4 مقاعد بسبب استقالة نواب من حزب "العدالة والتنمية" لتوليهم مناصب وزارية في الحكومة، وهناك 5 نواب استقالوا بسبب ترشحهم للانتخابات البلدية العام الماضي، وتوفي نائبان عن حزب "الشعب الجمهوري"، فضلاً عن 3 نواب سبق أن رفعت الحصانة عنهم وأسقطت عضويتهم في البرلمان، وقد بلغ مجموع هؤلاء 14 نائباً. وهناك نائب آخر في "الشعوب الديمقراطي" أقيل من الحزب بتهم "أخلاقية"، ويسعى البرلمان لإسقاط عضويته بعد رفع الحصانة عنه. ومع محاولة إسقاط عضوية 7 نواب جدد، يبلغ المجموع 22 مقعداً شاغراً، وهو ما يعني أنه في حالة استقالة 8 نواب آخرين سيتم إجراء انتحابات جزئية.

تنص المادة 78 من الدستور التركي المتعلقة بانتخابات البرلمان على أنه "يمكن اللجوء إلى انتخابات جزئية خلال 3 أشهر في حال بلوغ نسبة المقاعد الشاغرة 5 في المائة من إجمالي عدد المقاعد". ويبلغ عدد نواب البرلمان 600 ونسبة 5 في المائة تعادل 30 مقعداً. ولا يتطلب اتخاذ قرار الهيئة العامة الأغلبية، وهو يحتاج فقط لموافقة نصف حاضري الجلسة، وبالتالي لن يتمكن حزب "العدالة والتنمية" وحليفه في التحالف الجمهوري، "الحركة القومية"، من إعاقة عملية الانتخابات الجزئية. هذه الخطوة ستكون محط ترحيب المعارضة، وهو ما أكده نائب رئيس كتلة "الشعب الجمهوري" المعارض أوزغور أوزال، بالقول إن حزبه يوافق على هكذا خطوة. ومع إجراء الانتخابات البرلمانية، في يونيو/حزيران من العام 2018، تكون قد مضت عليها 27 شهراً، وهو ما يعني أن هناك حاجة للانتظار 3 أشهر فقط من أجل اكتمال الظروف القانونية، وهي الفترة الكافية من أجل النظر بموضوع طرد النواب السبعة الأكراد، ما يعني أن الانتخابات الجزيئة قد تحصل في إبريل/نيسان من العام المقبل.


لن يمتلك حزب "العدالة والتنمية" رفاهية تأجيل الملف أو توقيفه

أما حزب "العدالة والتنمية" فيمكنه أن يؤجل الأمر في حالة واحدة فقط، وهي إطالة فترة النظر بإسقاط عضوية البرلمانيين الأكراد السبعة، ليتم طردهم عندما يتبقى أقل من عام على انتهاء الدورة البرلمانية، لأن الدستور ينص على ألا تجرى هذه الانتخابات الجزئية في حال بقي أقل من عام على انتهاء الدورة البرلمانية. وهو ما يعني أنها لا يمكن أن تتم بعد يونيو/حزيران 2022. ولكن رئيس البرلمان مصطفى شنطوب، وهو من "العدالة والتنمية"، سبق أن زج بملف طرد النواب الثلاثة من المعارضة، وهم اثنان من "الشعوب الديمقراطي" ونائب عن حزب "الشعب الجمهوري"، في الهيئة العامة التي وافقت على طردهم، على الرغم من أن رئيس البرلمان السابق بن علي يلدريم لم يطرح موضوع الطرد الذي وصل إليه سابقاً من رئاسة الجمهورية بشكل فوري. وبالتالي لن يمتلك حزب "العدالة والتنمية" رفاهية تأجيل الملف أو توقيفه، أو حتى رفض استقالة بقية البرلمانيين من المعارضة، لا سيما إن كانوا من النواب الأكراد، لأنه لا يستطيع تفسير ذلك لأنصاره وحليفه القومي المتطرف. أمام هذا الوضع، يُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة منافسة جديدة في البرلمان، مع محاولة كل طرف إظهار قوته بعد أكثر من عام على خلو البلاد من الانتخابات، وستكون الاختبار الحقيقي لقياس التغيّرات الشعبية، في وقت شهدت تركيا تغيّرات داخلية وخارجية كبيرة جداً أثرت على المزاج الشعبي العام.