هدوء حذر في طرابلس الليبية بعد اشتباكات أسفرت عن 55 قتيلاً

هدوء حذر في طرابلس الليبية بعد اشتباكات أسفرت عن 55 قتيلاً

16 اغسطس 2023
شدّد البيان على أن تونس تتمسك بضرورة إيجاد حل ليبي نابع من إرادة الشعب (Getty)
+ الخط -

يسود الهدوء الحذر جميع أحياء العاصمة الليبية طرابلس، التي شهدت اشتباكات ضارية منذ مساء الاثنين ارتفعت حصيلتها إلى خمسة وخمسين قتيلاً ومائة وستة وأربعين مصاباً، في وقت كلف فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رئاسة أركان الجيش ووزارة الداخلية بحكومته التدخل لفضّ الاشتباكات ونشر عناصر أمنية من هيئة الشرطة لضبط الأمن في المناطق التي شهدت اشتباكات. 

وقال المتحدث الرسمي باسم مركز طب الطوارئ والدعم التابع لوزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية، مالك مرسيط، لـ "العربي الجديد"، إن حصيلة الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس مساء الاثنين ونهار الثلاثاء بين جهاز الردع واللواء 444 قتال، ارتفعت إلى 55 قتيلًا و146 مصابا.

وأضاف مرسيط لـ"العربي الجديد"، أن هذه الحصيلة من المصابين والضحايا "شبه نهائية بعد حصر كافة المراكز والمستشفيات التي نقل إليها المصابون والضحايا".

وكان جهاز الهلال الأحمر قد أعلن، في بيان له، عن إجلاء 870 أسرة من مناطق الاشتباكات، بالإضافة لعدد من العناصر الطبية الأجنبية العاملة في المصحات الخاصة بطريق الشوك في منطقة الفرناج، الذي شهد أكثر المعارك ضراوة يوم الأمس.

في غضون ذلك، كلف رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رئاسة أركان الجيش ووزارة الداخلية بحكومته التدخل لفضّ الاشتباكات ونشر عناصر أمنية من هيئة الشرطة لضبط الأمن في المناطق التي شهدت اشتباكات. 

وجاء إعلان الدبيبة بالتزامن مع تسلّم جهاز دعم الاستقرار التابع لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، آمر اللواء 444 قتال، العقيد محمود حمزة، في خطوة أشرف عليها المجلس الرئاسي لتهدئة الأوضاع المتصاعدة في العاصمة. 

ووفقاً لمصدر أمني تابع لمديرية أمن طرابلس، فقد انتهت جهود الوساطة التي قادها المجلس الرئاسي بين طرفي القتال، جهاز الردع واللواء 444 قتال، بإقناع قائد جهاز الردع، الملازم عبد الرؤوف كاره، بتسليم العقيد حمزة لجهة محايدة، مقابل تعهده بعرض حمزة على المدعي العسكري للتحقيق معه في تهم منسوبة إليه. 

وأكد المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن الجهود جرت بالتنسيق مع عدد من القيادات الاجتماعية بمنطقة سوق الجمعة بطرابلس، حيث يقع المقر الرئيس لجهاز الردع، وانتهت بموافقة جهاز الردع على تسليم العقيد حمزة لجهاز دعم الاستقرار التابع لوزارة الداخلية.

وحول آخر المستجدات توافقت معلومات مصادر حكومية وأخرى من مديرية أمن طرابلس حول استمرار حالة الترقب والحذر حتى الآن، مشيرة إلى أن اتفاق وقف الاشتباكات لا يزال هشا بسبب عدم عرض العقيد حمزة على المدعي العسكري للتحقيق معه في قضايا منسوبة له.

وقال أحد المصادر، التي تحدثت لــ"العربي الجديد" أن قادة جهاز الردع شددوا على ضرورة عرض العقيد حمزة للتحقيق معه، وأن اعتقاله جاء بناء على أوامر من مكتب المدعي العسكري، مشيرا إلى أن حمزة لا يزال متحفظا عليه في يد جهاز دعم الاستقرار الذي تسلمه ليل البارحة كطرف محايد، لكنه لم يعرض على التحقيق حتى الان.

وسبق أن صرحت مصادر متطابقة مقربة من المجلس الرئاسي ومديرية أمن طرابلس لـ"العربي الجديد"، عن تدخل المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، لإقناع قائد جهاز الردع بتسليم العقيد محمود حمزة لجهة محايدة لرأب الصدع الحاصل بين الفصيلين المتقاتلين. 

وفي الأثناء، أعلن الدبيبة تكليفه كلاً من رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، ووزير الداخلية بالحكومة عماد الطرابلسي، التدخل من طريق الوحدات التابعة لهما لفضّ الاشتباكات الجارية بمناطق جنوبيّ طرابلس ونشر عناصر أمنية من هيئة الشرطة لضبط الأمن في العاصمة. 

وعلى الرغم من انتشار عدد من وحدات الشرطة والأمن العام التابع لوزارة الداخلية بالحكومة في مفاصل الطرقات الرئيسية في الفرناج وعين زاره، إلا أن مقاتلي الفصيلين المتصارعين، جهاز الردع واللواء 444 قتال، لا يزالون يحافظون على مواقعهم في منطقتي الفرناج وعين زاره، في انتظار سلسلة من الإجراءات تشرف عليها وزارة الداخلية لتسلم مواقع الطرفين.

وفي السياق ذاته، تناقلت وسائل إعلام ليبية بياناً مصوراً لعدد من أعيان منطقة سوق الجمعة بطرابلس، أعلنوا خلاله اتفاقهم مع قائد جهاز الردع على تسليم حمزة "لجهة محايدة"، ودعوا جميع الوحدات العسكرية المشاركة في الاشتباكات للعودة إلى الثكنات العسكرية. 

وكانت الاشتباكات قد اندلعت، منذ مساء الاثنين، في حيّي عين زاره والفرناج بالعاصمة طرابلس، على خلفية اعتقال جهاز الردع آمر اللواء 444 قتال، العقيد محمود حمزة، في مطار معيتيقة خلال توجهه إلى مدينة مصراتة، لحضور عرض عسكري. 

تونس تدعو لتغليب الحوار الداخلي

إلى ذلك، دعت وزارة الخارجية التونسية، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، إلى تغليب لغة الحوار في ليبيا، في ظل ما تشهده العاصمة طرابلس من اشتباكات بين فصيلين تابعين لرئاسة أركان الجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية.

وأصدرت وزارة الخارجية التونسية بياناً قالت فيه إنّه "في الوقت الذي تتطلع فيه تونس مع أشقائها في ليبيا إلى التوصل إلى حل سياسي ليبي - ليبي دون أي تدخل خارجي، تتسارع الأحداث وتتجدّد الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، وهو ما يزيد في تعقيد الأوضاع، فضلاً عن سقوط ضحايا وغياب الأمن والاستقرار اللذين تنشدهما تونس، كما ينشدهما الشعب الليبي الشقيق". 

وشدّدت الوزارة على أن "تونس المتمسكة بضرورة إيجاد حل ليبي نابع من إرادة الشعب، تعرب عن عميق انشغالها بهذه التطورات المؤسفة، وتدعو إلى تغليب لغة الحوار والتوصل إلى حلّ سلمي في أقرب الأوقات، يسهم في تعزيز مقومات الأمن لا في ليبيا فحسب بل في المنطقة كلها".