"نيويورك تايمز": ديمقراطيون يسعون لربط دعم الاحتلال عسكريا بشروط

"نيويورك تايمز": ديمقراطيون يسعون لربط دعم الاحتلال عسكريا بشروط

29 نوفمبر 2023
الدعم الأميركي لدولة الاحتلال يتسبب بانقسامات بين الديمقراطيين (GETTY)
+ الخط -

تتزايد الانقسامات داخل ممثلي الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، بشأن ربط المساعدات التي تقدمها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لدولة الاحتلال في حربها على قطاع غزة بشروط، في ظل العدد المتزايد من الضحايا المدنيين في القطاع، إذ ارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 15 ألفا، فضلا عن أكثر من 7 آلاف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولا.

وقال تقرير نشرته صحيفة "ذا نيويورك تايمز"، اليوم الأربعاء، إن الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي يشتبكون مع بعضهم البعض ومع إدارة بايدن، بشأن ربط المساعدات الأمنية الأميركية الطارئة المقدمة لدولة الاحتلال في حربها مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشروط، ما يعكس الخلاف المتزايد داخل الحزب بشأن دعم دولة الاحتلال.

وأضاف التقرير أن هذا النقاش يشكل خروجا صارخا عن الممارسة المتبعة منذ فترة طويلة في الكابيتول هيل (مقر الكونغرس الأميركي)، حيث وافق المشرعون على مدى عقود على مبالغ ضخمة من التمويل العسكري لدولة الاحتلال مع القليل من الشروط، والآن، بينما تقاتل إسرائيل حماس، يعرب عدد متزايد من الديمقراطيين عن قلقهم بشأن كيفية "استخدام الدولارات الأميركية".

وأكد التقرير أن القضية يمكن أن تبلغ ذروتها في قاعة مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، حيث قال زعيم الأغلبية في الكونغرس الأميركي السيناتور تشاك شومر أن "المجلس يمكن أن يبدأ العمل على حزمة تشريعية بما في ذلك تقديم المساعدات"، بينما احتدمت الخلافات بين الديمقراطيين خلف أبواب مغلقة في "الكابيتول هيل" وفي البيت الأبيض.

 وبين التقرير أن اجتماعا جرى في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، بين جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، وحوالى 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين أثاروا مخاوف بشأن كيفية استخدام دولة الاحتلال للمساعدات الأميركية في ساحة المعركة، وأيضا في حفل غداء خاص أقيم في وقت لاحق في مبنى الكابيتول. جادل العديد من نفس الديمقراطيين زملاءهم بأن أي حزمة مساعدات لدولة الاحتلال يجب أن يقابلها المزيد من المساعدات الإنسانية لغزة، وأن تضمن قيام حكومة بنيامين نتنياهو ببذل المزيد من الجهد لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.

وقال السيناتور كريس فان هولين الذي يقود جهود ربط المساعدات بشروط: "نريد من الرئيس أن يحصل على ضمانات صريحة من حكومة نتنياهو فيما يتعلق بخطة لخفض المستوى غير المقبول من الضحايا المدنيين، ونريد من ائتلاف نتنياهو أن يلتزم بالتعاون الكامل مع جهودنا لتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة"، مؤكدا "الحاجة إلى تلك الضمانات الصريحة، أما كيفية تحقيق ذلك فهو أمر نناقشه الآن".

وكان فان هولين حمل رسالة هذا الشهر إلى الرئيس بايدن وقعها نصف التجمع الديمقراطي، وأثارت مخاوف بشأن ما إذا كانت الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لدولة الاحتلال سيتم استخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي.

وبحسب التقرير، طلبت إدارة بايدن 14.3 مليار دولار للمجهود الحربي الإسرائيلي ضد حماس كجزء من حزمة الأمن القومي الشاملة التي تتضمن مليارات إضافية، لتسريع المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

ولم يقل أي من الديمقراطيين إنهم لن يدعموا تلك الحزمة، لكن العديد منهم يشعرون بالقلق من أنه إذا ترك الأمر دون رادع، فإن استخدام دولة الاحتلال للأسلحة الهجومية الأثقل التي توفرها الولايات المتحدة، والممولة من خلال ضخ جديد للأموال الأميركية، يمكن أن يقوض الجهود المبذولة لتقليل الخسائر البشرية الفلسطينية وتوزيع المساعدة على المدنيين تحت القصف.

وأصبحت مخاوف هؤلاء، نقطة جدل مشتعلة داخل الحزب الديمقراطي حول مدى ضبط النفس الذي ينبغي لدولة الاحتلال أن تمارسه في ضرباتها على غزة، بينما رفض زعماء الحزبين "الديمقراطي والجمهوري" الدعوات لفرض شروط باعتبارها غير ضرورية، وحذروا من أنها ستعرقل الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. وقال تشاك شومر للصحافيين بعد غداء أمس الثلاثاء: "هناك وجهات نظر مختلفة حول ذلك، وخلاصة القول هي أنني سأناقش الأمر مع الإدارة وتجمعي الحزبي".

أما الجمهوريون، الحريصون على إظهار الانقسامات الديمقراطية بشأن هذه القضية، فكانوا أكثر صراحة بكثير، ففي كلمة له، قال السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية في المجلس، "إذا أراد الديمقراطيون في مجلس الشيوخ التصويت لصالح تقييد أيدي الجنود الإسرائيليين أثناء دفاعهم عن بلادهم ضد عناصر حماس (الذين وصفهم بالإرهابيين الأشرار)، فأنا أرحب بمثل هذه المناقشة، مضيفا أن "إسرائيل تستحق الوقت والمساحة والموارد لاستعادة أمنها، وسأقف إلى جانب حليفنا بنسبة 100%" .

وتعتبر دولة الاحتلال أكبر متلقٍّ تراكمي للمساعدات الخارجية الأميركية منذ تأسيسها في عام 1948، ويتجاوز مبلغ 3.8 مليارات دولار الذي تتلقاه كمساعدات عسكرية سنوية المبلغ الممنوح لأي دولة أخرى، باستثناء أوكرانيا مؤخرًا، وعلى الرغم من أن بعض هذه الأموال تمت الموافقة عليها في أعقاب اتفاقيات السلام، إلا أن الكونغرس لم يفصل من قبل بنودا تقيد الشروط التي بموجبها يمكن استخدام الأسلحة التي تشتريها أو تحصل عليها دولة الاحتلال من أميركا، لكن هذا قد يتغير مع مطالبة بعض الديمقراطيين بالحصول على ضمانة صريحة بأن العمليات التي تقوم بها حكومة نتنياهو ضد حماس لا تتعارض مع القانون الدولي في حزمة المساعدات.

وقالت "ذا نيويورك تايمز" إنه وعلى الرغم من الدعم الواضح الذي تقدمه إدارة جو بايدن لدولة الاحتلال لطرد حماس من غزة، إلا أنها بدأت تحثها مؤخرا على أن تكون أكثر دقة في ضرباتها، لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل، وفي الأسبوع الماضي، أكد بايدن للصحافيين أن فكرة فرض شروط على المساعدات المقدمة لدولة الاحتلال هي "فكرة جديرة بالاهتمام"، بينما اعتبر بعض الديمقراطيين البارزين في الكونغرس أن إدارة بايدن فعلت بالفعل ما يكفي لضمان قيام جيش الاحتلال بتنفيذ عملياته بطريقة تتجنب معاناة المدنيين.

وأكد السيناتور بنيامين كاردين أن إدارة بايدن أجرت محادثات جيدة مع الإسرائيليين، وكان لها تأثير على الاستراتيجية العسكرية وكذلك المساعدة الإنسانية، لكنه عارض صراحة فرض قيود على الأسلحة الإضافية لهم، وأضاف: "نحن لا نشترط المساعدات على أحد الحلفاء، ولن نحاول إدارة دفاعهم بشكل دقيق".

وبرر الديمقراطيون الذين يضغطون من أجل فرض شروط على المساعدات المقدمة لدولة الاحتلال، أن مخاوفهم لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها تراجع عن دعمهم لحليفهم، لكنهم يحاولون تجنب كارثة إنسانية وأزمة أمنية أسوأ في المنطقة. وعن ذلك، قال السيناتور الديمقراطي بيتر ويلش: "لقد فعلت ذلك دائمًا، مشكلتي الكبرى ليست مع المساعدات الإسرائيلية، بل مع القصف الذي له تأثير مدمر على المدنيين"، مضيفا أن إدارة بايدن تدين للكونغرس بمزيد من "الشفافية" بشأن الأغراض التي تستخدم فيها حزمة المساعدات، بما في ذلك بيان سبب الحاجة إلى أسلحة هجومية ضخمة.

وتعرضت دولة الاحتلال لانتقادات واسعة لاستخدامها قنابل ثقيلة لضرب أهداف في قطاع غزة، بسبب الضرر الذي تسببه هذه القنابل للمدنيين في منطقة مكتظة بالسكان.

المساهمون