نذر مواجهة بين بولندا وبيلاروسيا: تعرّف إلى قدراتهما الدفاعية

نذر مواجهة بين بولندا وبيلاروسيا: تعرّف إلى قدراتهما الدفاعية

11 اغسطس 2023
جنود بولنديون على الحدود مع بيلاروسيا، نوفمبر الماضي (أومار ماركيز/الأناضول)
+ الخط -

بعد أكثر من عام ونصف عام على المواجهة غير المباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي على الأرض الأوكرانية، تنذر التصريحات الصادرة عن موسكو ومينسك ووارسو، والتحركات على الحدود البيلاروسية البولندية بإمكانية حدوث تصعيد خطير يمكن أن يجرّ "الأطلسي" وروسيا إلى مواجهة مباشرة على الأراضي البيلاروسية.

وأعلن وزير الدفاع البولندي، ماريوس بلاشتشاك، أمس الخميس، أن بلاده تنوي نشر نحو عشرة آلاف جندي كي تحمي بشكل رادع حدودها الشرقية مع بيلاروسيا، وأوضح الوزير في تصريحات نشرتها صحيفة "بولسكا أغينسكا" أن "4 آلاف جندي سيدعمون حرس الحدود، و6 آلاف آخرين سيكونون في الاحتياط".

وكان الوزير البولندي قد أعلن أول من أمس الأربعاء، أنه سيرسل نحو ألفي جندي في غضون أسبوعين للانضمام إلى ألفي عسكري انتشروا سابقاً على الحدود، بعد تلقي وزارته طلباً من قوات حرس الحدود بإمدادات من الجيش لحماية 418 كيلومتراً من الحدود المشتركة مع بيلاروسيا.

وفي رسائل مباشرة للداخل البولندي قبل نحو شهرين من انتخابات برلمانية مقررة في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وأخرى للجانبين الروسي والبيلاروسي، جدد بلاشتشاك تعهدات سابقة بجعل الجيش البولندي أقوى جيش بري في أوروبا في غضون عامين، في حال استمرار حزبه "القانون والعدالة" في الحكم. وكشف أن بلاده سترفع إنفاقها العسكري إلى 650 مليار زلوتي (نحو 161 مليار دولار) حتى 2035 في حال بقاء حزبه في الحكم.


بولندا ستنشر 10 آلاف جندي على الحدود مع بيلاروسيا

وتصاعد التوتر على الحدود البولندية البيلاروسية في شكل لافت، بعد إعلان بيلاروسيا استقبال جزء من مرتزقة "فاغنر" بموجب وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، لإنهاء أخطر تمرد عسكري واجهه نظيره الروسي فلاديمير بوتين في فترة حكمه في 24 يونيو/ حزيران الماضي، تضمنت انتقال قائد المجموعة يفعيني بريغوجين مع من شارك في التمرد وأي أعضاء آخرين من "فاغنر" إلى بيلاروسيا.

وازدادت مخاوف بولندا وليتوانيا بعد تدريبات مشتركة لـ"فاغنر" مع وحدات من الجيش البيلاروسي على بعد كيلومترات من الحدود المشتركة، التي تشهد منذ نهاية 2020 موجات من المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا، وتوقعات بدخول مقاتلي "فاغنر" على الخط وإمكانية تهريب عناصر متطرفة إلى بولندا، ولاحقاً إلى داخل الاتحاد الأوروبي. وفي مطلع الشهر الحالي اتهمت بولندا مروحيتين بيلاروسيتين باختراق الحدود.

القدرات الدفاعية البولندية

تعهد بلاشتشاك في يوليو/ تموز 2022 بأن يكون لبلاده "أقوى قوات برية في أوروبا". وحسب تقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو" في مطلع العام الحالي، تمتلك بولندا دبابات ومدافع أكثر من ألمانيا، وعدد عناصر الجيش البولندي وضباطه سيصل إلى 350 ألف جندي بحلول 2035. وحسب الصحيفة، يبلغ عدد العسكريين في الجيش البولندي حالياً نحو 150 ألفاً، إضافة إلى 30 ألفاً من قوات الدفاع الإقليمية التي تأسست في عام 2017، وهم جنود يخضعون لتدريب عسكري لمدة 16 يوماً كل سنة.

ووقّعت بولندا صفقة بقيمة 4.9 مليارات يورو لشراء 250 دبابة "أبرامز" من الولايات المتحدة، تعويضاً عن قرابة 240 دبابة من طرازات سوفييتية صنعت في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أُرسِلَت إلى أوكرانيا. وتملك بولندا عشرات الطائرات من نوع "أف 16" الأميركية، وفي عام 2020 وقّعت عقداً للحصول على 32 طائرة من نوع "أف 35" بقيمة 4.6 مليارات دولار.

وكشف خبراء ومحللون عسكريون في العام الماضي أن بولندا عقدت صفقات تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار مع كوريا الجنوبية، وتتضمن 180 دبابة، و200 مدفع هاوتزر و48 طائرة هجومية خفيفة، وقاذفات صواريخ، وأسلحة أخرى. وإضافة إلى القوات البولندية، ترابط قوات من الأطلسي في بولندا ودول البلطيق (ليتوانيا، لاتفيا، إستونيا).

وقدّر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو في اجتماع في موسكو، أول من أمس الأربعاء، أن عدد الوحدات العسكرية التابعة لحلف الأطلسي، من خارج المنطقة المتمركزة في شرق أوروبا، ارتفع بواقع مرتين ونصف مرة منذ فبراير الماضي، ليبلغ العدد الإجمالي للقوات 30 ألف جندي حالياً.

وأضاف شويغو أن الأطلسي حشد نحو 360 ألف عسكري قرب حدود "دولة الاتحاد" (روسيا وبيلاروسيا)، في إطار ما وصفه بـ"تحقيق الحلم التاريخي" لبولندا باحتلال غرب أوكرانيا، حسب وصفه. وذكر أن الأطلسي يحتفظ بنحو 8 آلاف عربة مدرعة و6 آلاف منظومة مدفعية وهاون و650 مقاتلة ومروحية قرب حدود دولة الاتحاد، متعهداً بتعزيز مجموعات القتال الروسية على الحدود الغربية لبلاده.

وخلص شويغو إلى أن بولندا أصبحت الأداة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة المناهضة لروسيا، مشيراً إلى أن "المخاطر الحالية مرتبطة بعسكرة بولندا، التي أصبحت الأداة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة المعادية لروسيا، مع إعلان وارسو عزمها على بناء أقوى جيش في القارة. وبناءً عليه، بدأت بشراء أسلحة على نطاق واسع من الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية، بما فيها دبابات وأنظمة المدفعية والدفاعات الجوية وأنظمة صاروخية ومقاتلات".

القدرات العسكرية البيلاروسية

منذ انفصالها عن الاتحاد السوفييتي في عام 1991، لم تخض بيلاروسيا حرباً، منذ تأسيس جيشها في مارس/ آذار 1992. وحسب تقرير لموقع "أمال نيوز" الروسي المتخصص بالشؤون العسكرية، نُشر أول من أمس الأربعاء، فإن عديد الجيش البيلاروسي بلغ 48 ألفاً بين موظفين مدنيين ومقاتلين. وقدّر الموقع عدد الجنود ما بين 25 و28 ألف جندي موزعين على أربعة ألوية ميكانيكية، وأربعة ألوية صواريخ ومدفعية، وضمنهم 6 آلاف عنصر في القوات الخاصة، موزعين على أربعة ألوية.

وفي شهر يوليو/ تموز، أعلن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو تأسيس قوات الدفاع الإقليمية، التي يتوقع أن يصل عددها إلى 120 ألف عنصر، سيُزوَّدون بأسلحة خفيفة، ويشرف على تدريبها مقاتلون من مجموعة " فاغنر". وتملك بيلاروسيا 400 دبابة من "تي 72"، إضافة إلى 1500 عربة مدرعة خفيفة، و900 مصفحة ثقيلة، معظمها من الإنتاج السوفييتي، إضافة إلى 700 عربة خفيفة من إنتاجات روسية وصينية حديثة.

وفي حوزة الجيش البيلاروسي مجموعة واسعة من مدافع هاوتزر، قطرها 122 ميليمتراً، ومدافع ذاتية الدفع "غفوزديكا"، إضافة إلى مدافع ذاتية الدفع عيار 152 ميليمتراً، وإجمالا يبلغ عدد المدافع لدى بيلاروسيا 400 مدفع.


يبلغ عديد الجيش البيلاروسي بين 25 و28 ألفاً فقط

وتملك بيلاروسيا أنظمة دفاع سوفييتية من منظومات "تور" و"بوك" و"أس 300"، ويصل إجمالي عدد منظومات الدفاع الجوي إلى 130 وحدة من مختلف الأنواع. وفي ما يخص سلاح الطيران، لدى بيلاروسيا 65 طائرة مقاتلة من أنواع "ميغ 29" متعددة المهمات، و"سوخوي 25" و"سوخوي 27" و"سوخوي 30".

وتحتفظ القوات الجوية البيلاروسية بأسطول من 40 مروحية مقاتلة، منها 10 هجومية من طراز "أم آي ـ 24 في"، والباقي مروحيات هبوط من طراز "أم آي ـ 24 في أم".

وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن لوكاشينكو أنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على مشاركة مجموعة مشتركة من القوات في ما يتعلق بتفاقم الوضع على الحدود الغربية لدولة الاتحاد. ولاحقاً، أوضحت وزارة الدفاع في بيلاروسيا، أن العدد الإجمالي للأفراد العسكريين الروس في التجمع الإقليمي المشترك للقوات في بيلاروسيا، بلغ 9 آلاف جندي روسي يرابطون دائماً على أراضي مينسك، وهم مزودون بنحو 170 دبابة، و200 مركبة قتالية مدرعة، و100 مدفع هاون من عيارات تزيد على 100 ميليمتر، وفقاً لإفادة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 22 أكتوبر الماضي.

وفي الشهر الماضي، بدأت روسيا بنشر صواريخ "إسكندر" القادرة على حمل رؤوس نووية في بيلاروسيا، بعد توافقات سابقة بين بوتين ولوكاشينكو. ومن الواضح أن الميزان العسكري مختل بشكل واضح لصالح بولندا في أي صراع مع بيلاروسيا، ولكن المؤكد أن الصراع سيجرّ كلاً من روسيا وبلدان الأطلسي إلى الساحة.

وفيما لا تستطيع روسيا توفير عدد أكبر من الجنود والمعدات لدعم حليفها الأقرب لوكاشينكو في أي حرب محتملة مع بولندا، فإن السلاح الأمضى بيد روسيا يبقى التلويح بالسلاح النووي. وإضافة إلى ذلك، ورغم أن عدد مقاتليها لا يتجاوز 7 آلاف عنصر حتى الآن، وهم غير قادرين على خوض حرب نظامية مع الجيش البولندي، لا يمكن الاستهانة بقدرة مقاتلي "فاغنر" على زعزعة الأوضاع على الحدود مع بولندا وليتوانيا باستخدام سلاح المهاجرين، أو التسرب إلى بعض القرى الحدودية أو داخل أوروبا ضمن حرب هجينة بين الجانبين.

المساهمون