ميانمار: أول اجتماع وزاري بعد الانقلاب العسكري ودعوات للعصيان المدني

ميانمار: أول اجتماع وزاري بعد الانقلاب ودعوات إلى العصيان المدني

03 فبراير 2021
عصيان مدني رافض للانقلاب(جاك تايلور/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن قادة الانقلاب العسكري في ميانمار، مستمرون في ترسيخ سيطرتهم، عبر عقد أول اجتماع وزاري، اليوم الأربعاء، وسط تكثيف الدعوات إلى العصيان المدني. بينما اتهمت واشنطن، بشكل رسمي، العسكريين، بتنفيذ "انقلاب"، ووعدت بعقوبات جديدة ضد السلطات العسكرية.
وكان الجيش أنهى، أول من أمس الإثنين، بشكل مفاجئ، الانتقال الديمقراطي الهش في البلاد، عبر فرض حالة الطوارئ لمدة سنة، واعتقل رئيسة الحكومة أونغ سان سو تشي ومسؤولين آخرين من حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية".
وبعد يومين على هذا الانقلاب الذي نددت به عدة عواصم أجنبية، عقد قادة الانقلاب أول اجتماع وزاري، في خطوة من شأنها تثبيت هذا الانقلاب.
وأعلن زعيم ميانمار الجديد، مين أونغ هلاينغ، في أول اجتماع لحكومته العسكرية في العاصمة، أن الحكومة العسكرية التي تم تشكيلها بعد انقلابٍ تخطط لإجراء تحقيق في تزوير مزعوم في انتخابات العام الماضي، وستعطي الأولوية أيضاً للتعامل مع تفشي فيروس كورونا، والاقتصاد، بحسب ما ذكرته صحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار" الحكومية، اليوم الأربعاء.

وذكرت الصحيفة أن مين أونغ هلاينغ أخبر أعضاء مجلس الوزراء بأن لجنة انتخابات نقابية جديدة، مع من وصفهم بأفراد مستقلين وغير متحيزين، "ستفحص بيانات التصويت للتوصل إلى النتائج الصحيحة، وسيتم اتخاذ الإجراءات وفقاً لذلك في هذه العملية".
وأضاف أن إجراءات احتواء فيروس كورونا - التي اتخذتها حكومة سو تشي - ستستمر.
كما حث الجنرال على اتخاذ تدابير لتعزيز الاقتصاد المتأثر بكورونا، خاصة القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه 70 بالمائة من سكان البلاد الذين يعيشون في المناطق الريفية.

توجيه اتهامات لسو تشي
في السياق، أظهرت وثيقة لشرطة ميانمار، اليوم الأربعاء، أن الشرطة وجّهت اتهامات لأونغ سان سو تشي، زعيمة البلاد التي أطاح بها انقلاب عسكري، باستيراد معدات اتصالات على نحو مخالف للقانون، مضيفة أنها ستظل رهن الاحتجاز حتى 15 فبراير/شباط لإجراء تحقيقات.
وجاء في طلب قدّمته الشرطة إلى المحكمة ويشمل تفاصيل الاتهامات الموجهة لسو تشي (75 عاماً) أنه تم العثور على أجهزة لاسلكي في منزلها بالعاصمة نايبيداو. وذكرت الشرطة أن هذه الأجهزة مستوردة بطريقة غير قانونية وتم استخدامها من دون إذن.
وطالبت الوثيقة، التي جرى الاطلاع عليها اليوم الأربعاء، باحتجاز سو تشي "لاستجواب شهود وجمع أدلة وطلب المشورة القانونية بعد استجواب المتهمة".
وكشفت وثيقة منفصلة أن الشرطة وجهت للرئيس وين مينت، الذي أطيح به، اتهامات بموجب قانون إدارة الكوارث.
ولم يتسن لوكالة "رويترز" الوصول إلى الشرطة أو الحكومة أو المحكمة للتعقيب.
وقال حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الذي تتزعمه سو تشي، اليوم الأربعاء، إن مكاتبه في عدة مناطق من البلاد تعرضت للمداهمة. وحث السلطات على وقف ما وصفها بأنها "أفعال غير قانونية" بعد فوزه في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني.

تقارير دولية
التحديثات الحية


عار على الجيش
في المقابل، ظهرت أولى إشارات رفض الانقلاب على شبكات التواصل الاجتماعي. وأطلقت مجموعة تدعى "حركة العصيان المدني" على "فيسبوك"، وباتت تعد صباح الأربعاء نحو 150 ألف مشترك. "عار على الجيش" و"العسكريون لصوص"، شعاران وردا على هذه الصفحة، حيث لم يتردد أطباء وممرضون في إعلان رغبتهم في الاحتجاج.
وكتب هؤلاء العاملون في القطاع الصحي في إعلان مشترك: "سنطيع فقط حكومتنا المنتخبة ديمقراطياً"، فيما يعترض الجيش على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني وحققت فيها الرابطة الوطنية فوزاً كبيراً.


وأضافوا: "لقد توقفنا عن الذهاب إلى المستشفيات التي وضعت حالياً تحت سلطة عسكرية غير شرعية".
ومساء الثلاثاء، وفي حي تجاري في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية، كان سكان يقرعون على الطناجر للاحتجاج، فيما ردد بعضهم "تحيا الأم سو"، في إشارة إلى أونغ سان سو تشي.


وكانت سان سو تشي توقعت احتمال حصول انقلاب، فأعدت رسالة خطية قبل اعتقالها حضّت فيها شعب ميانمار على "عدم القبول بالانقلاب".
لكن الخوف من أعمال انتقامية لا يزال كبيراً في البلاد، التي عاشت منذ استقلالها عام 1948 تحت حكم ديكتاتورية عسكرية على مدى خمسين عاماً.
واعتبر فرنسيس وايد، وهو مؤلف كتب عن البلاد، أن "الشعب يدرك إلى أي حد يمكن أن يستخدم الجيش العنف وعدم اكتراثه بالسمعة الدولية، وهذا يمكن أن يكبح الرغبة في التعبئة".
الأربعاء، نشرت صحيفة "غلوبال نيو لايت أوف ميانمار"، الخاضعة لسيطرة الدولة، تحذيراً من وزارة الإعلام يقول: "بعض المنظمات ووسائل الإعلام تنشر شائعات على شبكات التواصل الاجتماعي". وحذرت من القيام بمثل هذه الأعمال، داعية السكان إلى "التعاون".
وأثار الانقلاب الذي اعتبر الجنرال مين أونغ هلاينغ الذي بات يجمع حالياً كل السلطات تقريباً على رأس حكومة عسكرية، أن "لا مفر منه"، موجة إدانات دولية.

اختبار للرئيس الأميركي
وبعدما هددت بفرض عقوبات جديدة، صعّدت إدارة جو بايدن لهجتها، الثلاثاء، ضد ميانمار، في أول اختبار دولي للرئيس الأميركي الجديد.
وقالت مسؤولة أميركية: "خلصنا إلى أن أونغ سان سو تشي زعيمة الحزب الحاكم في ميانمار، ووين مينت رئيس الحكومة المنتخب، أقيلا في انقلاب عسكري". 
ويعطل هذا القرار القانوني المساعدة المباشرة لدولة ميانمار.
لكن هذا القرار يبقى رمزياً إلى حد كبير، لأن الجيش في ميانمار يتعرض أساساً لعقوبات منذ الفظاعات التي ارتكبها جنوده في 2017 ضد أقلية الروهينغا المسلمة، في أزمة دفعت محققي الأمم المتحدة إلى اتهام ميانمار بارتكاب "إبادة".

ردود فعل دولية
من جانب آخر، وفي إطار ردود الفعل الدولية أيضاً عبّر وزراء خارجية مجموعة السبع، اليوم الأربعاء، عن "قلقهم الشديد" إزاء الانقلاب في ميانمار.
وجاء في بيان مشترك صدر من لندن: "نحن نشعر بقلق شديد إزاء اعتقال قادة سياسيين وناشطين من المجتمع المدني، بينهم مستشارة الدولة أونغ سان سو تشي والرئيس وين مينت، وإزاء استهداف الإعلام".
وأضاف: "ندعو الجيش إلى إنهاء حالة الطوارئ فوراً، وإعادة السلطة إلى الحكومة المنتخبة ديمقراطياً، والإفراج عن كل المعتقلين بشكل ظالم، واحترام حقوق الإنسان وسلطة القانون".
من جهته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، اليوم الأربعاء، أنه على الاتحاد الأوروبي "التفكير" في فرض عقوبات جديدة على العسكريين في ميانمار، في حال لم يرفعوا حالة الطوارئ.
وقال لودريان لإذاعة "أوروبا 1": "إذا استمر الوضع فيجب التفكير على مستوى أوروبي، في إجراءات إضافية لإبداء دعمنا للمسار الديمقراطي، وفي الوقت نفسه رغبتنا في عدم السماح لهذا البلد بالانحراف إلى ديكتاتورية عسكرية".
وعقد مجلس الأمن الدولي، أمس الثلاثاء، اجتماعاً طارئاً في جلسة مغلقة، لكنه لم يتمكن من الاتفاق على نص مشترك. وقال دبلوماسي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة "فرانس برس"، إن المفاوضات لا تزال جارية.
ومن أجل اعتماد إعلان مشترك، يجب الحصول على دعم الصين التي تملك حق النقض، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي.
لكن بكين تبقى الحليف الرئيسي لميانمار في الأمم المتحدة. وخلال أزمة الروهينغا تصدّت الصين لكل مبادرة في مجلس الأمن الدولي، معتبرة أن النزاع مع الأقلية المسلمة في البلاد هو من الشؤون الداخلية البورمية.

المساهمون