مهمة لودريان في بيروت مستمرة بصعوبة في ظلّ الصراع السياسي

مهمة لودريان في بيروت مستمرة بصعوبة في ظلّ الصراع السياسي

14 سبتمبر 2023
يواصل لودريان زيارته في لبنان لليوم الثالث دون أن يستطيع تقريب وجهات النظر (فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، جولته على المسؤولين اللبنانيين، في اليوم الثالث لزيارته بيروت، من دون أن يتمكّن حتى اللحظة من تقريب وجهات النظر بين "حزب الله" وحلفه السياسي من جهة، ومعارضيه من جهة أخرى، خصوصاً لناحية تلبية دعوة الحوار التي أطلقها رئيس البرلمان نبيه بري، في شهر سبتمبر/أيلول الجاري.

ويؤيد لودريان وجهة نظر رئيس البرلمان اللبناني أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الرئاسية يكمن في الحوار، وهو ما حاول استطلاع رأي الفرقاء السياسيين بشأنه، ليلقى جوابًا صارما من قبل معارضي "حزب الله"، باعتبار أن الحوار "مخالفٌ للدستور، وإمعانٌ في الشغور الرئاسي، وبالتأكيد على أنّ الحلّ الوحيد يكون بدعوة مجلس النواب وفق الأصول لانتخاب رئيسٍ عبر جلسات مفتوحة متتالية"، علماً أن موقف النائب السابق وليد جنبلاط وتكتله السياسي سار عكس أجواء القوى المعارضة التي ينضمّ إلى صفوفها.

التأكيد على أهمية الحوار

وقالت أوساط نيابية معارضة، التقت لودريان خلال زيارته، لـ"العربي الجديد"، إن "الموفد الرئاسي الفرنسي تحدّث عن أهمية وضرورة الحوار بغض النظر عن شكله ومكانه للخروج من الأزمة الرئاسية، ونبّه إلى مخاطر عدم القبول بإجرائه، وكأنه بمثابة فرصة أخيرة أمام لبنان للخروج من أزمته".

وأضافت: "لقد سمع من المعارضين كلاماً واضحاً بأنّ الحل يكون باحترام الدستور واللعبة الديمقراطية والنزول إلى مجلس النواب لانتخاب الرئيس، وأن حوار بري ليس إلا مناورة وابتزازا ومحاولة للظهور بأنه ليس الطرف المعطّل".

لودريان لم يقدّم مبادرة جديدة

وأشارت الأوساط إلى أن "لودريان لم يقدّم مبادرة جديدة قادرة على إحداث خرق جدّي في الملف الرئاسي، لكنه في الوقت نفسه لم يمانع في أن يكون هناك حل وسطي بين الفريقين، وأن تُعرَض بدائل أو أفكار جديدة للبحث بها، والعمل عليها في إطار مهمته، إذ اعتبر أن المطلوب تنازل كل طرف لمصلحة البلد، نظراً للمرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، وانعكاسات الفراغ الرئاسي الخطيرة عليه".

واعتبرت الأوساط المعارضة أنها "فهمت من حديث لودريان عدم ممانعته السير بمرشح ثالث وسطي يرضى به الطرفان، وذلك بعد أن يتنازل كل فريق عن مرشحه، أي (حزب الله) وحلفه السياسي عن دعم رئيس تيار (المردة) سليمان فرنجية، والمعارضة عن الوزير السابق جهاد أزعور، علماً أنّ لودريان لم يطرح ذلك مباشرة، بل كرّر أنه لا (فيتو) على أي اسم، وأن فرنسا لا تتدخل بالأسماء أو تدعم اسماً معيّناً، مؤكدًاً أن هذا شأنٌ لبنانيٌ".

ولفتت الأوساط إلى أن "لودريان لم يبلغها ما إذا كان سيأتي إلى بيروت بزيارة رابعة قريباً، وأنه قد يعلن عن نتائج جولته فور الانتهاء منها، لكنه أكد (لودريان) أن فرنسا مستمرة بدورها في مساعدة لبنان على الخروج من أزمته الراهنة"، وأكد "أن مسعاه مدعومٌ من قبل اللجنة الخماسية، التي تضمّ المملكة العربية السعودية، مصر، فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية وقطر".

لودريان يلتقي البطريرك بشارة الراعي

واستهلّ لودريان جولته اليوم بلقاء عقده مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي أكد أن "انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصري لانتظام عمل المؤسسات الدستورية وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها".

وكرّر الراعي، بحسب بيان صادر عن مقرّ البطريركية المارونية، مواقفه المعلنة في شأن حرصه على ممارسة الديمقراطية واعتماد الدستور كآلية أساسية وطبيعية للحل.

وذكر البيان أيضاً أن الراعي التقى السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، التي أكدت أن "بلادها لن تألو أي جهد من أجل دعم لبنان والمساهمة في الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الأمور تعقيداً وخطورة على جميع المستويات".

اجتماع لودريان مع المفتي في منزل السفير السعودي

إلى ذلك، عقد اجتماع في منزل السفير السعودي في بيروت وليد بخاري، ضمّ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والموفد الرئاسي الفرنسي، قبل عقد لقاء مع النواب السنة، الذين غاب عنهم عددٌ من النواب، ولا سيما من "قوى التغيير".

وكشف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أمس الأربعاء، عن تحرّك مستجد في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، لمسه في لقائه مع الموفد الفرنسي، لكنه قال: "لا أعرف إلى أي مدى سيصل، لذا لا يمكننا الكلام عنه في الوقت الراهن بانتظار بلورته في الأيام والأسابيع المقبلة".

وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت المبادرة الفرنسية تغيّرت، خاصة بما يتعلق بالموقف من فرنجية وأزعور، والدفع بأسماء جديدة من خلال الحوار كيفما كان شكل هذا الحوار، رفض جعجع الدخول بأية تفاصيل.

ولم يدل الموفد الرئاسي الفرنسي بأي تصريحات مباشرة، أو بمواقف علنية عن تفاصيل اجتماعاته حتى الساعة، باستثناء بيان السفارة الفرنسية في بيروت الذي تحدث عن مهمة لودريان في بيروت، وكذلك ما نقله مكتب بري الإعلامي، بأن وجهات النظر بين الطرفين متطابقة لناحية أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.

وتعدّدت التحليلات لجولة لودريان، بين من رأى أنه يحمل طرحاً جديداً قد يكون باستطلاع آراء المسؤولين اللبنانيين عن موقفهم بتأييد مرشح ثالث وسطي، وبهذا الإطار، عاد اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى الواجهة من جديد، ولا سيما أنه يحظى بدعم وترحيب خارجي، وذلك في حال فشل حوار بري، وبين من يرى أنه لم يحمل أي مبادرة قادرة على إحداث خرق جدي للملف الرئاسي، وأنه قد يذهب ولن يعود إلى بيروت في حال لم يلمس أي نية جدية للحل.

وكذلك، تردّد أن لودريان قد يطرح صيغة جديدة بعيداً من اسم الحوار، يجمع من خلالها القادة السياسيين على طاولة واحدة، بيد أن مصدراً دبلوماسياً في السفارة الفرنسية في بيروت اكتفى بالقول لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة لودريان مستمرة، وإنه لم ينهِ بعد لقاءاته، فهو يستمع إلى الجميع ويدوّن الملاحظات، وكل شيء سيعلن في وقته.. ربما يصدر في نهاية الجولة بيان أو موقف يذكر فيه النتائج والخطوات المقبلة، لكن ما يمكن تأكيده أن فرنسا لم ولن تطرح أي اسم للرئاسة، فهذا شأن لبناني بحت، كما أنها لن تتخلى عن لبنان والشعب اللبناني".

من جهته، قال مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان، لـ"العربي الجديد"، إن "بري ينتظر انتهاء جولة لودريان ومعرفة نتائجها، خصوصاً لناحية المواقف من مبادرته"، مشيرًا إلى أن "بري لم يحدد بعد جلسة لانتخاب رئيس أو للدعوة إلى الحوار، لكنه متمسّك بموقفه بأن الحوار يجب أن يسبق أي دعوة لجلسة انتخاب، وإلا سيكون مصيرها كسابقاتها".

المساهمون