مدنيو إدلب... حقل تجارب

مدنيو إدلب... حقل تجارب

27 يونيو 2021
تتخوّف تركيا من نزوح جديد باتجاه المناطق الحدودية (محمد عبدالله/الأناضول)
+ الخط -

تشير التطورات العسكرية اليومية في محافظة إدلب إلى تفاقم الخلاف بين روسيا وتركيا حول منطقة "خفض التصعيد الرابعة"، التي أقرّها مسار أستانة، وأن الاتصالات بين الطرفين، خلال الفترة الأخيرة، لم تفض إلى أية تفاهمات.
ويشي هذا الأمر بعودة روسيا إلى تسخين الوضع العسكري هناك، من خلال دعم قوات النظام، وتأمين غطاء جوي لها، للقيام بعملية قضم جديدة لأجزاء من تلك المنطقة، كنوع من الضغط على تركيا، التي بدأت تظهر بوادر خلاف مصالح بينها وبين روسيا في أكثر من ملف، كأذربيجان وأوكرانيا. ويشكّل توغل قوات النظام في محافظة إدلب، من خلال عملية مشابهة لما قامت به بداية 2020 وسيطرت خلالها على مدينتي معرة النعمان وسراقب، ورقة ضغط كبيرة على تركيا، كون حدوث ذلك مجدداً سيتسبب بنزوح مئات آلاف المدنيين باتجاه المناطق الحدودية، في الوقت الذي قطعت فيه أنقرة وعوداً بإعادة مليون نازح هجرتهم الحملة السابقة إلى قراهم. وسيزيد هذا الأمر من مأساة السكان هناك، ويتسبب بقتل وتهجير مزيد منهم. كما يرتب أعباء إضافية على الجانب التركي، وسيضعه في موقف الضعيف غير القادر على أداء دور الضامن لتلك المنطقة.
ويبدو أن الاتصالات التركية مع الجانب الأميركي، خلال الفترة الماضية، بما يخص الملف السوري، كانت بهدف كسب تأييد أميركي، في حال زيادة التصعيد الروسي في إدلب، خصوصاً بعد نجاح موسكو في تمرير لعبة الانتخابات في دمشق، ومحاولتها كسب أوراق قوة إضافية للنظام. إذ من غير المتوقع أن تتمكن أنقرة، رغم كل الحشود العسكرية التي تستقدمها إلى محافظة إدلب، من إيقاف عملية عسكرية تقودها روسيا في المنطقة.
وبما أن الملف السوري يقع في أسفل سلم اهتمامات الإدارة الأميركية الجديدة، والتي اختصرته بجانب إنساني مرتبط بفتح معابر لإدخال المساعدات الأممية لمناطق شمال سورية، حاولت تركيا كسب الولايات المتحدة، من خلال إعادة طرح فكرة المنطقة الآمنة في الشمال السوري، ومن خلال التعويل على ردة فعل واشنطن على ما قد يترتب من مأساة إنسانية، قد يتسبب بها أي عمل عسكري تقوده روسيا في محافظة إدلب من قتل وتدمير، والأهم ما يترتب عليه من تهجير، قد يتسبب بموجة لجوء جديدة عبر الحدود التركية. ليبقى سكان محافظة إدلب الضحية الأولى لتضارب مصالح الدول المتدخلة في الشأن السوري، ورهن رد فعل الولايات المتحدة، التي لم تتخذ موقفاً حاسماً مما يجري في سورية، منذ بداية الثورة.