محمد مهدي علي لـ"العربي الجديد": التغيير العسكري ليس حلاً لتشاد

رئيس "فاكت" محمد مهدي علي لـ"العربي الجديد": التغيير العسكري ليس حلاً لتشاد

19 اغسطس 2022
محمد مهدي علي: نريد أن ينعم الشعب التشادي بالأمن والسلام (المكتب الإعلامي لفاكت)
+ الخط -

تستعد تشاد لحوار وطني من المقرر أن ينطلق في 20 أغسطس/آب الحالي في العاصمة إنجامينا، بعد توقيع اتفاق الدوحة للسلام في تشاد، في 8 أغسطس الحالي في العاصمة القطرية، بين المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في البلاد، ونحو 30 حركة سياسية وعسكرية تشادية معارضة، بعد 5 أشهر من المفاوضات بين المجلس العسكري وحركات المعارضة بوساطة قطرية.

لكن جبهة التغيير والوفاق "فاكت"، إحدى أبرز الحركات المعارضة والمتمردة في تشاد، رفضت توقيع اتفاق الدوحة، وغاب زعيمها محمد مهدي علي عن المفاوضات في العاصمة القطرية. وعن أسباب غيابه ورؤية حركته للحل في تشاد، يتحدث محمد مهدي علي، في حوار مع "العربي الجديد"، أُجري عبر تطبيق "تيليغرام"، حيث يوجد في شمال تشاد، معلناً تخليه عن الخيار العسكري، لتحقيق التغيير في تشاد، مؤكداً أن يده ممدودة ليتحقق السلام والاستقرار والتنمية في البلاد. وفي ما يأتي نص الحوار:

 

لماذا رفضتم توقيع اتفاق الدوحة للحوار الوطني في تشاد. ما أبرز ملاحظاتكم عليه؟

تقدّمنا بأربعة مطالب من أجل إنجاح الحوار التشادي في الدوحة، لتأكيد حسن النيات والرغبة في تحقيق السلام في تشاد، وهذه المطالب تتمثل أولاً بوقف إطلاق النار، ونحن كنا قد أعلنا في إبريل/نيسان 2021 وقفاً لإطلاق النار بناءً على طلب شيوخ القبائل والمنظمات المدنية والأحزاب السياسية، فيما لم يعلن الطرف الآخر الالتزام بذلك.

طالبنا بمحاسبة كل من قتل أسير حرب ومحاكمته، ولكن لم تتم الاستجابة لنا

أما المطلب الثاني، فمتعلق بأسرى الحرب، وبادرنا في شهر مايو/أيار 2021 بإطلاق سراح أسرى الحرب لدينا، ومعظمهم من قبيلة الرئيس محمد إدريس ديبي، فيما فضّل الأسرى الآخرون الانضمام إلينا، لكن الطرف الثاني قتل 10 أسرى لديه بدم بارد لأنهم أقرباء محمد مهدي. والمطلب الثالث يتعلق بمجرمي الحرب، سواء من الحكومة أو الثوار، إذ طالبنا بمحاسبة كل من قتل أسير حرب ومحاكمته، ولكن لم يُستجَب لنا. أما المطلب الرابع فيتعلق بقمع الحكومة للتظاهرات السلمية الداعية إلى التغيير، وهو أمر لا يستقيم مع من يريد السلام.

وعندما جئنا للدوحة للحوار والتفاوض على الرغم من عدم الاستجابة لمطالبنا، جاءت الحكومة بمشروعها للسلام ووزعته على المشاركين بالحوار، ومنهم مجموعات مزيفة شكلتها الحكومة ولا تمثل المعارضة التشادية، وطلبت من الوسيط القطري تبنّيه، لكن الوسيط القطري رفض ذلك، وقدّم مشروع الحكومة للمعارضة التشادية لدراسته، وهو المشروع الذي رفضته المعارضة. وللأسف فإن اتفاق الدوحة لا يختلف كثيراً عن مشروع الحكومة، فالاتفاق أحال جميع القضايا الخلافية على الحوار الوطني الشامل في إنجامينا، الذي تتمثل الحكومة فيه بنحو 1200 عضو، بينما لا تتمثل بالمعارضة إلا بنحو 22 عضواً أو أكثر قليلاً.

ألا ترون في اتفاق الدوحة أي نقاط إيجابية؟

لقد رفضنا الاتفاق، كما قلت، لأنه قريب من مشروع الحكومة، ولا يختلف عنه كثيراً، وهنا أود أن أنوه بجهود الوسيط القطري، الذي كان نزيهاً ومحايداً، وبذل جهوداً كبيرة لتحقيق اتفاق، توافق عليه جميع الأطراف. وأوجّه هنا التحية لأمير قطر، وللشعب القطري الشقيق وللحكومة القطرية، للجهود الكبيرة التي بذلت لحل المشكلة التشادية، وشكرنا أيضاً للوسيط القطري مطلق القحطاني لجهوده الكبيرة وحياديته. نحن لم نفقد الأمل في تحقيق السلام، فقد عانينا كثيراً من الحروب، ونريد لتشاد والشعب التشادي أن ينعما بالأمن والسلام.

لماذا لم تشارك في حوار ومفاوضات الدوحة شخصياً، علماً أنه كان يمكن مشاركتك أن تعطي دفعة إلى الأمام للمفاوضات وتقريب وجهات النظر؟

أنا موجود في منطقة التحرك فيها شديد الصعوبة، ومشاركتي تحتاج إلى ترتيبات أمنية وقانونية كثيرة، وقد كنت متابعاً للحوار والمفاوضات وعلى تواصل دائم مع وفد حركة "فاكت" الذي شارك في الحوار.

برفضكم توقيع اتفاق الدوحة، هل أغلقتم باب التفاوض مع الحكومة؟

لا. منذ عام 2016 ويدنا ممدودة، ونريد حل المشكلة التشادية بالحوار. هم يصنفونا مرة إرهابيين، ومرة مرتزقة، ومرة إسلاميين، ولم يفتحوا لنا الباب للحوار، نحن نريد السلام ويدنا مفتوحة للحوار.

أعلن المجلس الانتقالي العسكري في تشاد عقد الحوار الوطني الشامل في 20 أغسطس/آب الحالي. كيف ستتعاملون مع نتائج هذا الحوار، وهل ستعترفون بمخرجاته إذا لبّى مطالب الشعب التشادي؟

إذا خرج الحوار في إنجامينا بنتائج إيجابية للشعب التشادي، ونحن نستبعد ذلك، سنؤيد نتائجه وسنعترف به إذا لبّى مطالب الشعب، حتى لو لم نشارك به. وأؤكد نحن مع الحوار ونتائجه إذا حقق مطالب الشعب بالعدالة والديمقراطية. فليست لدينا أجندات خاصة أو مطامع شخصية، ومطالبنا هي مطالب الشعب التشادي، وإذا لبيت سنكون أول من يؤيد نتائج الحوار.

سنؤيد الحوار في إنجامينا إذا خرج بنتائج ايجابية للشعب التشادي ولبّى مطالبه

كيف تصفون الدعم الدولي لاتفاق الدوحة، وهل ترون أنه سيقلل من حضوركم إقليمياً ودولياً؟

لا أظن أن الدعم الدولي الذي تتحدث عنه يمكن أن يؤثر في المعارضة، ونحن لدينا شكوك حقيقية بنجاح تطبيق ما أُعلن في الدوحة، فهذا الاتفاق يلقى معارضة قوية من الحركات التشادية المؤثرة، ولا يوجد ضامن لتطبيق الاتفاق، وحتى لو طُبِّق لن يتغير شيء، والأزمة في البلاد ستستمر.

هل ما زلتم ملتزمين إعلان وقف إطلاق النار، وهل يمكن اعتبار ذلك قراراً بالتخلي عن العنف والكفاح المسلح للتغيير في تشاد؟

نحن مع السلام. نريد الحوار بحسن نيّة، وعندنا أفكار للنهوض بالبلاد وتحقيق التنمية، نريد بناء المؤسسات ورسم الطريق لجميع الناس من أجل أن تتنافس بطريقة سلمية. التغيير العسكري ليس حلاً، فالتغيير الحقيقي يكون من خلال الحوار والمفاوضات، ونحن يدنا ممدودة ليتحقق السلام والاستقرار والتنمية، والحل العسكري لم يعد خياراً لحل الأزمة في تشاد.

التغيير الحقيقي يكون من خلال الحوار، ويدنا ممدودة ليتحقق السلام والاستقرار والتنمية

أعلنتم تشكيل إطار دائم للتفكير مع بعض مجموعات المعارضة، ما الخطوة المقبلة بعد تشكيل هذا الإطار؟

ما زلنا نطرق جميع الأبواب، ونتواصل مع جميع الأطراف، سواء في الدول أو المنظمات الدولية، ونتحدث في جميع المنابر عن سعينا لحل المشكلة سلمياً، وهذا الموقف وصل إلى كل الدول المحيطة. نريد تحقيق السلام لإنقاذ بلادنا تشاد، التي غرقت قبل أيام في مياه الأمطار والسيول، وهي تعاني من بنية تحتية منهارة، والنظام يهدر ثروات البلاد بالفساد، والمواطن البسيط هو من يدفع الثمن.

نحن نؤكد لمن يتواصل معنا رغبتنا في السلام والحوار، ونطالبهم بالضغط للإفراج عن الأسرى. ما نريده أن تتساوى الحكومة والمعارضة في الحوار الوطني الشامل وأن تُجرى انتخابات وأن يكون هناك رئيس مدني منتخب للبلاد. ويجب الإفراج عن أسرى الحرب، حتى يتحقق السلام.

كيف ترون تأثير معارضة الداخل والحركات الشعبية كحركة "وقت تما"، وهل هي قادرة على تحقيق التغيير المنشود؟

نحن ندعم هذه التحركات وواثقون برؤيتها ومطالبها والأشياء التي يمكن أن تقدّمها للناس في الداخل. نحن ندعم مطالبها، والشعب التشادي قادر على تحرير نفسه مثل الشعوب الأخرى في تونس ومصر والسودان وليبيا وغيرها، وفي الوقت الحالي العالم تغيّر، ولم يعد بالإمكان حُكم الناس كما في السابق.