محكمة تونسية تثبّت اختصاص القضاء العسكري في محاكمة مدنيين

محكمة تونسية تثبّت اختصاص القضاء العسكري في محاكمة مدنيين

07 ديسمبر 2021
مظاهرة أمام البرلمان التونسي دعت إليها "مواطنون ضد الانقلاب" (الشدلي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -

ثبتت محكمة التعقيب بتونس العاصمة، اختصاص المحكمة العسكرية في ملف ما يعرف بقضية المطار،  الذي يتم فيها ملاحقة محام وستة نواب من ائتلاف الكرامة، ورفضت طلب الدفاع سحب الملف وتحويله لدوائر القضاء العدلي المدني.
وقدمت هيئة الدفاع مرافعاتها وحججها، منذ صباح اليوم الثلاثاء، إلى المحكمة، معتبرة أن قضية المطار قضية مركزية ومفصلية في مسار العدالة التونسية، بعد إصدار دستور الثورة، تتمثل خطورتها في فتح المجال أمام مقاضاة المدنيين أمام القضاء العسكري في المستقبل بتثبيت هذه السابقة. 
 وبالرغم من تجند المجتمع المدني والحقوقي الرافض للمحاكمات العسكرية بسبب مخالفتها للدستور، إلا أن القضاء التعقيبي أقر بسلامة الإجراءات والتتبعات.  

ويلاحق القضاء العسكري، في القضية المعروفة باقتحام "المطار"، 7 أشخاص منهم 6 نواب من حزب ائتلاف الكرامة، اثنان منهم في السجن على ذمة القضية، وهما رئيس الكتلة والمتحدث باسم الائتلاف، المحامي سيف الدين مخلوف، والنائب نضال سعودي، إلى جانب نائبين يحاكمان في حالة سراح، وهما عبد اللطيف العلوي وأحمد عياد، واثنين آخرين مفتش عنهما، رفضا تسليم نفسيهما إلى القضاء العسكري، وهما الدكتور محمد العفاس وماهر زيد. 
ويضاف للنواب الستة المحامي مهدي زقروبة الذي يحاكم في حالة سراح أيضا بعد إطلاق سراحه منذ شهرين تقريبا.

حبيب بن سيدهم: الملف المعروف بملف المطار يتعلق بمحام وستة نواب من ائتلاف الكرامة

ملحوظة "إس 17"

تطورت ما يسمى إعلاميا بقضية المطار، في مارس /آذار الماضي، حين تحوّل عدد من نواب ائتلاف الكرامة إلى مطار تونس قرطاج الدولي بالإضافة إلى المحامي زقروبة، واحتجوا على منع امرأة من السفر إلى تركيا بسبب وجود إجراء احترازي وتحفظي في حقها (إس 17)، من قبل شرطة الحدود ومحافظ الأمن بالمطار.
وتطور الخلاف بين البرلمانيين والأمنيين ليقع اشتباك مع النقابات الأمنية التي تقدمت بشكاية ضدهم بتهم اقتحام مناطق محجرة في المطار والاعتداء على أعوان أمن خلال أدائهم لواجبهم.
في مقابل ذلك اعتبر النواب أنهم بصدد القيام بدورهم الرقابي وإنصاف إمرأة مظلومة، وكذلك المحامي الذي اعتبر أنه يقوم بدوره في إنابة الضحية لدى إدارة المطار، بحسب توضيحاتهم.

وبالرغم من تجند المجتمع المدني والحقوقي الرافض للمحاكمات العسكرية بسبب مخالفتها للدستور، إلا أن القضاء التعقيبي أقر بسلامة الإجراءات والتتبعات

ويعتبر حزب ائتلاف الكرامة أن سعيّد يسلّط يد القضاء العسكري على معارضيه وخصومه في تونس، مستخدماً القضاء لترهيب مناهضي الانقلاب في تونس.  
واستنكر سعيّد بالأمس، اتهامه بتسليط القضاء العسكري على خصومه، خلال كلمة بحضور رؤساء المجلس الأعلى للقضاء والمحكمتين، الإدارية والمحاسبات، مشيراً إلى إن "القضاء العسكري يعمل وفق القانون كبقية المحاكم وليس محكمة استثنائية، هناك من حوكم لقضايا تعود إلى 2008، وآخر شتم قاضياً عسكرياً"، واستدرك بالقول "يتهمونني بالانقلاب.. لم أنشئ محاكم استثنائية رغم وجود خونة ومن يتآمرون مع جهات أجنبية".

وأكد المحامي والقيادي بائتلاف الكرامة حبيب بن سيدهم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الملف المعروف بملف المطار، يتعلق بمحام وستة نواب من ائتلاف الكرامة من بينهم محام ثان".

محاكمة عسكرية للمدنيين

وأكد بن سيدهم أن "المسألة الأساسية تتعلق في مدى اختصاص القاضي العسكري بناء على طلب لسان الدفاع التخلي عن الملف لفائدة القاضي العدلي المدني، بحكم أنّ هناك قضية سابقة من مارس/آذار الماضي، في حين جاء القاضي العسكري بعد 25 يوليو/تموز للتعهد بالملف".
وأضاف "أن القضاء العسكري غير مختص بالعودة إلى أحكام الدستور"، وأنّ "القضية مصيرية تتمثل في قرار يتعلق بمصير الحقوق والحريات بعد 25 يوليو، إذا أقرت دائرة الاتهام بأن القاضي العسكري مختص، فإنها فتحت الباب لمحاكمة المدنيين عسكرياً".

وبخصوص الحيثيات، بين أنّ 'الفيديوهات المسلمة من النقابات الأمنية أمام التحقيق تظهر براءة  المحامي والنواب، لأنها تبين بوضوح أنه قد تم الاعتداء عليهم". 

  

وشهد مطار تونس قرطاج الدولي، آذار الماضي، شجاراً بين أمن المطار ونواب في ائتلاف الكرامة اقتحموا المطار إثر منع مسافرة من مغادرة البلاد لدواعٍ أمنية، وما يُعرف في تونس بملحوظة "إس 17"، وهي تعليمة أمنية كانت معتمدة خلال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لوصم كل من تحوم حولهم شبهة علاقة بتنظيمات إرهابية.

وعلى الرغم من إعلان القضاء الإداري في عديد من الأحكام الصريحة بعد ثورة الياسمين عام 2011 بطلان هذا الإجراء الحدودي واعتبار أن هذه الملحوظات غير قانونية، إلا أن الأمن ظل يعتمدها في متابعة الوافدين والمغادرين للبلاد، بحجة أنه يطبق التعليمات الأمنية ولايمكنها الاجتهاد ومخالفة هذه التراتيب والقرارات الأمنية، ما دامت سارية في أجهزتها الداخلية ولم تُلغَ.

المساهمون