ليبيا: مجلس النواب يستأنف جلسته في سرت وآمال بمنح الثقة لحكومة الدبيبة

09 مارس 2021
استُدعي الدبيبة إلى الجلسة للاستماع إلى إجاباته عن الأسئلة المثارة (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

استأنف مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، جلسته المنعقدة في مدينة سرت لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، وذلك بعد استدعاء رئيس الوزراء المكلف عبد الحميد الدبيبة لعرض تشكيلة حكومته، والرد على تساؤلات النواب، في ظل مقترح لتضمين مخرجات الحوار السياسي في الإعلان الدستوري.

وأكدت مصادر مقربة من عدد من النواب أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عقد اجتماعا مغلقا مع الدبيبة، صباح اليوم، في إحدى قاعات الفندق الذي يقيم فيه النواب. 

وفيما أشارت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاجتماع المغلق ناقش إمكانية إجراء تعديل على التشكيلة الوزارية، لم تتبيّن بعد نتائج الاجتماع، إذ غادر صالح والدبيبة إلى قاعة مجلس النواب فور انتهاء اجتماعهما. 

وكان المجلس قد أكد، في بيان له مساء أمس الاثنين، استدعاءه الدبيبة لجلسة اليوم، بعد جدل واسع حول شخصيات وصفت بـ"الجدلية"، ودراسة إمكانية تقليص عدد المناصب الوزارية التي وصلت إلى 27  حقيبة وستة وزراء دولة.

كما طلب المجلس من اللجنة التشريعية تقديم مقترح بشأن تضمين الخريطة السياسية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري.

كان المجلس قد أكد، في بيان له مساء أمس الإثنين، استدعاءه الدبيبة لجلسة اليوم، بعد جدل واسع حول شخصيات وصفت بـ"الجدلية"، ودراسة إمكانية تقليص عدد المناصب الوزارية التي وصلت إلى 27  حقيبة وستة وزراء للدولة

وانطلقت جلسة مجلس النواب، ظهر أمس الاثنين، بمشاركة 132 نائباً من أصل 200، بينما دعا عقيلة صالح النواب إلى تجاوز العقبات من أجل إنجاز الاستحقاق المقبل، وهو تنظيم الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وعبّر عضو مجلس النواب عن مدينة سرت، زايد هدية، عن أمله في أن يتمكن المجلس من منح الثقة للحكومة خلال جلسة اليوم، مشيراً إلى أنّ حضور هذا العدد من النواب "غير مسبوق ويجب استثماره لإخراج البلاد من محنتها".

وأكد هدية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "جلسة الأمس شارك فيها 132 نائباً، وهو العدد نفسه الذي يشارك اليوم، وهناك رغبة حقيقية في تمرير التشكيلة الوزارية المقدمة".

وحول اعتراض بعض النواب على وجود "أسماء جدلية" رشحها الدبيبة لتولي حقائب وزارية، قال هدية: "يمكن، بحسب لوائح مجلس النواب، أن يعترض 40 نائباً على أي وزير والمطالبة باستبداله"، مضيفاً أنّ "رفض الحكومة بمجملها لن يحقق أي غاية، وسيزيد من سوء الأوضاع".

وخلال جلسة أمس الاثنين، أثار عدد من النواب أسئلة عن العدد الموسع للحقائب الوزارية، وعدم تناسبها مع الفترة القصيرة التي ستعمل خلالها الحكومة المنوط بها الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. كما انتقدوا وجود شخصيات وصفها نواب بـ"الجدلية" في التشكيلة المقترحة، بسبب انتمائها للنظام السابق، ما دفع رئاسة المجلس إلى تعليق الجلسة واستدعاء الدبيبة إلى جلسة اليوم للاستماع إلى إجاباته عن الأسئلة المثارة.

وتحصّل "العربي الجديد" على قائمة الأسماء التي طرحها الدبيبة أمام النواب، خلال جلسة أمس الاثنين، في تشكيلته الوزارية التي تضم 27 حقيبة وزارية، إضافة إلى 6 وزراء دولة. وضمت التشكيلة نائبين لرئيس الحكومة، وهما رمضان أبوجناج من الجنوب الليبي، والصقر أبوجواري من الشرق.

أثار عدد من النواب أسئلة عن العدد الموسع للحقائب الوزارية، وعدم تناسبها مع الفترة القصيرة التي ستعمل خلالها الحكومة المنوط بها الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل

كما ضمّت التشكيلة ستة وزراء دولة، هم فرح محمد وزير الدولة لشؤون المهجرين وحقوق الإنسان، ووليد عمار وزير الدولة للشؤون السياسية، واجديد معتوق وزير الدولة لشؤون الهجرة، وعادل عامر وزير الدولة لشؤون رئيس ومجلس الوزراء، ومازن التائب وزير الدولة لشؤون المرأة، وسلامة الغويل وزير الدولة للشؤون الاقتصادية.

وبالإضافة لمنصب وزير الدفاع الذي سيشغله الدبيبة، اقترح لوزارة الداخلية خالد التيجاني، ولوزارة الخارجية لمياء أبوسدرة، ولوزارة المالية خالد عبد الله، ولوزارة النفط والغاز محمد عون، ولوزارة العدل حليمة عبد الرحمن، ولوزارة الصناعة والمعادن أحمد عمر، ولوزارة الصحة خالد الجازوي، ولوزارة الاقتصاد والتجارة عمر العجيلي.

كما تضمنت القائمة أحمد المريمي وزيراً للزراعة، وطارق أبوفليقة وزيراً للموارد المائية، وتوفيق الدرسي وزيراً للثروة الحيوانية والبحرية، وعبد الشفيع الجويفي وزيراً للرياضة، وكامل الحاسي وزيراً للتخطيط، وموسى المقريف وزيراً للتربية والتعليم، وعبد السلام تيكي وزيراً للسياحة والصناعات التقليدية، وإبراهيم منير وزيراً للبيئة، وعلي بو عزوم وزيراً للعمل والتأهيل.

وفي القائمة أيضاً وفاء الكيلاني وزيرة للشؤون الاجتماعية، ويخلف سيفاز وزيراً للتعليم الفني والتقني، وعمر القيب وزيراً للتعليم العالي، ومبروكة أوكي وزيرة للثقافة والتنمية المعرفية، وعبد الفتاح خوجة وزيراً للخدمة المدنية، ومحمد شهوب وزيراً للمواصلات، وأبو بكر الغازي وزيراً للإسكان، وعبد الله بلعيد وزيراً للحكم المحلي، وفتح الزني وزيراً للشباب.

وبعد مطالبة بعض النواب بضرورة تحصين خريطة الطريق التي أنتجها ملتقى الحوار السياسي بتضمينها في الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت لليبيا)، طلبت رئاسة المجلس من اللجنة التشريعية في المجلس تقديم مقترح بذلك، ينتظر أن يطرح خلال جلسة اليوم للنقاش. 

في الأثناء، قال المجلس الأعلى للدولة إنّ رئيسه خالد المشري وجّه رسالة إلى عقيلة صالح، دعاه خلالها للتشاور معه قبل إدخال أي تعديل على الاتفاق السياسي، في إشارة إلى تضمين خريطة الطريق في الاتفاق السياسي.

وأكد المشري في الرسالة: "تفادياً للطعون الدستورية التي قد تلحق التعديلات المنفردة المزمع إجراؤها من قبل مجلسكم، فإننا ندعوكم لتنفيذ ما جاء في الاتفاق السياسي المضمن بالإعلان الدستوري، وسيتعامل المجلس الأعلى للدولة بإيجابية مع مشروع التعديل المقترح".


وبحسب نصوص خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، فإنه في حال لم يمنح مجلس النواب الثقة للتشكيلة المقترحة حالياً، فسيتاح للدبيبة تعديل تشكيلته أو تقديم تشكيلة أخرى قبل 19 مارس/ آذار الجاري، وإذا تكرر الفشل في مجلس النواب، فسيؤول حق منح الثقة لملتقى الحوار السياسي.

وكان الدبيبة قد برر، خلال كلمة مصورة وجهها للشعب الليبي صباح أمس الاثنين، توسيع تشكيلته الوزارية بـ"ضيق الوقت"، داعيا النواب إلى عدم تفويت الفرصة، والسماح للحكومة بـ"أداء مهامها الصعبة على الفور، وعدم تأجيل التصويت على الثقة". 

وبحسب الناشط السياسي الليبي محمود الخطري، الذي واكب جلسة النواب في سرت، فإنّ "جلسة الأمس كشفت حجم الخلافات بين النواب، على الرغم من أنها بددت الشكوك بشأن إمكانية عدم انعقادها".

وقال الخطري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حجم الانتقادات يؤكد أنّ أغلب النواب لم يكونوا ضمن المشاورات حول تشكيل الحكومة". ومع ذلك، رجح الخطري أن تمرر التشكيلة الوزارية خلال جلسة اليوم "من دون أي تعديلات"، مرجّحاً أنّ "الدبيبة سيقنع النواب بأن توسيع التشكيلة فرضه واقع انقسام البلاد إلى عدة أطراف يجب استيعابها".

وبخصوص وجود "شخصيات جدلية" يمكن أن تعرقل مرور الحكومة، قال: "لم يحدد النواب تلك الشخصيات، وكان الوصف عاماً حول وجود شخصيات من النظام السابق ضمن التشكيلة، لكنها ليست سوى ورقة للضغط من أجل حصول بعض النواب على ممثلين بالحكومة لدوائرهم الانتخابية". 

وتابع الخطري: "الدبيبة أظهر منذ البداية شخصية ضعيفة، فقد سمح باختراق حكومته بسعيه لترضية الجميع ومنحهم مراكز في حكومته، وكأنه جلب كل أطراف الصراع إلى حلبة واحدة بعدما كانوا متباعدين". 

ويرى الناشط السياسي الليبي أنّ العقبات والمشاكل ستستمر في استهداف حكومة الدبيبة، بعدما "نجح ديناصورات السياسة"، بحسب وصفه، "في خلق بيئة توتر حول الدبيبة منذ البداية، ببث إشاعات الرشاوى السياسية لابتزازه". 

ورغم مطالب عدد من النواب بتأجيل جلسة منح الثقة للحكومة إلى حين نشر الأمم المتحدة تقرير خبرائها، بشأن مزاعم وجود رشى سياسية خلال انعقاد جلسات ملتقى الحوار السياسي، إلا أنّ رئيس البعثة الأممية في ليبيا يان كوبيتش رفض ذلك، وشدد، أمس الاثنين، على "أهمية عقد جلسة مجلس النواب للنظر في منح الثقة لتشكيلة الحكومة التي اقترحها رئيس الوزراء".

واعتبر المبعوث الأممي، في بيان له، انعقاد جلسة سرت "خطوة مهمة أخرى نحو استعادة وحدة وشرعية المؤسسات والسلطات الليبية، بما يحقق وحدة البلاد وسيادتها واستقرارها"، مشدداً على "عدم عرقلة هذه الجهود تحت أي ذريعة، بما في ذلك تناقل أخبار مزيفة حول التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة بشأن مزاعم الرشوة".