ما وراء تلويح حمدوك باستقالته من الحكومة السودانية

ما وراء تلويح حمدوك باستقالته من الحكومة السودانية

22 ديسمبر 2021
حمدوك "غاضب جداً من موقف الحرية والتغيير" (إبراهيم حميد/ فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيترك الباب مفتوحاً لتراجعه عن الاستقالة التي يعتزم تقديمها اليوم الأربعاء، وذلك في حال وافق المكونان العسكري والمدني على الدخول في حوار جديد يساعد على عمل الحكومة وتنفيذ أجندة الانتقال الديمقراطي.

وأشارت المصادر التي فضّلت عدم نشر هويتها إلى أن حمدوك "غاضب جداً من موقف الحرية والتغيير وتصعيدها لخطاب سياسي ضده شخصياً، ورفضها كذلك مناقشة مشروع ميثاق سياسي مقترح من شخصيات قومية يدعمها حمدوك".

  • رسالة إلى المجتمع الدولي بعد تنصّل العسكر

ويقول شهاب إبراهيم، القيادي بقوى "الحرية والتغيير"، إن رئيس الوزراء أراد بتلويحه بالاستقالة إرسال رسالة في بريد المجتمع الدولي يستغيث به فيها من المكون العسكري وحلفائه الذين تنصلوا من اتفاقه معهم في 21 نوفمبر/تشرين الأول الماضي واتفاقات أخرى غير معلنة، مشيراً إلى أن الاستقالة تُعد أيضاً تعبيرا واضحا عن الضغط الذي يتعرض له من قبل الجماهير والقوي السياسية الرافضة للانقلاب، خصوصاً أنه فشل حتى الآن في تكوين ائتلاف سياسي، أو حاضنة جماهيرية، وحتي المجموعة التي دعمت توقيع الإعلان السياسي لم تستطع أن تقدم له الدعم السياسي الكافي.  

ويستطرد إبراهيم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بقوله إن استقالة حمدوك أربكت المشهد وقد تفضي إلى تشكيل تحالف يعبر عمن بيدهم السلاح مثل القوات المسلحة والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح وجهاز الأمن والمخابرات، ولذلك يشدد إبراهيم على أن يعي رئيس الوزراء ضرورة التواصل مع القوي السياسية ومجموعات المقاومة المدنية الرافضة للانقلاب لوضع خارطة طريق تضمن عدم مشاركة أو محاولة التأثير من العسكريين في العملية السياسية في الفترة الانتقالية وما بعدها.

  • إرغام الجميع على تقديم تنازلات

ويرى الدكتور فتح الرحمن أحمد الأمين، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين، أن حمدوك تعرض خلال الفترة السابقة لضغوط كثيفة من كافة الاتجاهات، خصوصاً من جانب الحركات المسلحة المتمسكة بالمحافظة على حصتها في حكومة الكفاءات المستقلة، غير الضغوط من الشارع غير المقتنع باتفاقه مع البرهان، مع ضغوط مجلس السيادة عليه بتدخله المباشر في الشأن التنفيذي وبصورة أكبر مما كان عليه قبل التوقيع على الاتفاق بين حمدوك والبرهان.

استقالة حمدوك، لو اكتملت فصولها، سوف تقسم المسرح إلى فريقين يواجهان بعضهما دون منطقة وسطى كان يمثلها الأخير

ويضيف الأمين، لـ"العربي الجديد"، أنه مع تلك الضغوط رمى رئيس الوزراء ببطاقة الاستقالة كوسيلة للضغط على الجميع، بمن في ذلك العسكر، المكون المدني الداعم للانقلاب العسكري، والحركات المسلحة، وبعث رسالة في ذات الوقت للشارع بعدم قدرته على فعل شيء، وعبر بشكل أو بآخر عن عدم رضاه عن استمرار قتل المتظاهرين السلميين، مشيراً إلى أن حمدوك وضع نفسه أمام خيار الاستقالة ومن ثم الانضمام للحراك الثوري، أو رفضها بما يضمن له فرض شروطه وإرغام كل الأطراف على تقديم تنازلات لصالحة بما يضمن له تشكيل حكومته المستقلة والانفراد كلياً بالقرار التنفيذي دون تدخلات، وبعد ذلك يحصل على حاضنة سياسية فيما تبقى من الفترة الانتقالية.

ونوّه إلى أن خروج حمدوك من المشهد يمثل خطراً على العسكر الذين راهنوا عليه وعلى الاتفاق معه لكسب ود المجتمع الدولي، كما نبه رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين إلى أن استقالة حمدوك، إن اكتملت فصولها، سوف تقسم المسرح إلى فريقين يواجهان بعضهما دون منطقة وسطى كان يمثلها حمدوك؛ الأول رافض للانقلاب كليا والآخر داعم له.             

وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت مساء أمس عن مصدرين مقربين من رئيس الوزراء السوداني قوله إنه يعتزم الاستقالة من منصبه خلال ساعات. وأوضح المصدران، اللذان لم تكشف الوكالة عن اسميهما، أن حمدوك أبلغ مجموعة من الشخصيات القومية والمفكرين الذين اجتمعوا معه بأنه يعتزم التقدم باستقالته من منصبه.

وأضاف المصدران بأن الشخصيات نفسها دعت حمدوك للعدول عن قراره، إلا أنه أكد إصراره على اتخاذ هذه الخطوة خلال الساعات المقبلة.

  • "الحرية والتغيير" تعلّق

في غضون ذلك، استنكر خالد عمر يوسف، القيادي بحزب المؤتمر السوداني، تحميل قوى "إعلان الحرية والتغيير" مسؤولية نية حمدوك الاستقالة من منصبه، اليوم الأربعاء.

وقال يوسف الذي شغل منصب وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة حمدوك المقالة إن الأزمة الحالية هي "نتاج مباشر للانقلاب العسكري، وأن تكرار الحديث عن القوى السياسية وعدم توافقها هو في الأصل متساوق مع خطاب الانقلابيين وتبرير لما اقترفوه من جرم في حق البلاد".

وأضاف خالد عمر يوسف أن الانقلاب العسكري "لم تصنعه الحرية والتغيير، بل إنها واجهته بصلابة قبل وقوعه، وكانت هي الهدف المباشر لمن قاموا به، ولذا كانت عناصر الحرية والتغيير أول من اقتيد إلى السجون، وسارع الفريق البرهان بحذف اسمها من الوثيقة الدستورية".

وأشار إلى أن اتفاق حمدوك مع البرهان في 21 نوفمبر/ تشرين الأول الماضي "سعى لمحو الحرية والتغيير واستبدالها بمدنيين آخرين يطيعون الانقلابيين ويسيرون في تنفيذ مخططاتهم".

وكان حمدوك قد وقع الشهر الماضي على اتفاق مع قائد الجيش نصّ على عودته إلى منصبه رئيساً للوزراء، واستئناف العمل بالوثيقة الدستورية، وإعداد إعلان سياسي جديد بين القوى السياسية والمكون العسكري، مع تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وعدد آخر من البنود، ووجد الاتفاق رفضاً واسعاً من القوى السياسية والأجسام المهنية ولجان المقاومة التي دعت إلى التصعيد الثوري لهزيمة الانقلاب.   

وأوضح الوزير السابق أن "الواجب الآن هو التوافق على جبهة شعبية موحدة لهزيمة الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية ديمقراطية حقيقية تستكمل مهام ثورة ديسمبر المجيدة، وتبني على ما تحقق من تقدم في العامين الماضيين وتتجاوز العثرات التي واجهت قوى الثورة وأوجه قصورها العديدة".

المساهمون