ما وراء اتهامات بايدن للسيسي بإغلاق معبر رفح؟

ما وراء اتهامات بايدن للسيسي بإغلاق معبر رفح؟

12 فبراير 2024
معبر رفح، الثلاثاء الماضي (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

اعتبرت مصادر مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بخصوص معبر رفح، التي زعم خلالها أنه أقنع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي لم يُرِد فتح المعبر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة في البداية، "جاءت في إطار الضغط على الإدارة المصرية للقبول بترتيبات معينة تخص الوضع في قطاع غزة، التي يتضمنها مسار المفاوضات الحالي، الذي تقوده مصر إلى جانب قطر، ويشمل حركات المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلية".

وأوضحت المصادر أن "الجانب الأميركي، ظل يركز في المفاوضات مع الجانب المصري على الطلب الأميركي - الأوروبي، الخاص بإخلاء قطاع غزة من الأجانب، وهذا فحوى تصريحات الرئيس بايدن".

رد مصري في قضية معبر رفح

وكانت رئاسة الجمهورية المصرية قد ردت، في بيان الجمعة الماضي، على تصريحات بايدن، معلنة أن "مصر، منذ اللحظة الأولى، فتحت معبر رفح من جانبها من دون قيود أو شروط، وقامت بحشد مساعدات إنسانية بأحجام كبيرة، وأن مصر ضغطت بشدة على جميع الأطراف المعنية لإنفاذ دخول هذه المساعدات إلى القطاع، إلا أن استمرار قصف الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل إسرائيل حال دون إدخال المساعدات".

وأضافت الرئاسة في بيان أنه "بمجرد انتهاء قصف الجانب الآخر من المعبر، قامت مصر بإعادة تأهيله على الفور، وإجراء التعديلات الفنية اللازمة، بما يسمح بإدخال أكبر قدر من المساعدات لإغاثة أهالي القطاع". في السياق، قال وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "كان الأجدر بالرئيس الأميركي جو بايدن أن يتحدث عن موقف الولايات المتحدة من وقف إطلاق النار".


سعيد صادق: حديث بايدن قد يكون محاولة للضغط على السيسي لتقديم تنازلات معينة

من جهتها، رأت مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن ميريت مبروك، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الرئيس الأميركي تحدث عن أن مصر كانت رافضة أن يدخل مزدوجو الجنسية من غزة إلى مصر في بداية الحرب، إلا لو دخلت المساعدات إلى غزة، وكانت الولايات المتحدة مصرة على أن كل مزدوجي الجنسية يعبرون من غزة إلى مصر، ولكن مصر اشترطت من أجل إدخالهم دخول المعونة إلى غزة". واعتبرت أن "الرئيس بايدن يبدو أنه خلط بين ذلك وبين فتح المعبر لإدخال المساعدات".

أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا سعيد صادق قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن حديث بايدن "قد يكون محاولة للضغط على السيسي لتقديم تنازلات معينة، خصوصاً مع نية إسرائيل الاستعداد لضرب رفح، ما قد يؤدي إلى هجرات حتمية فلسطينية إلى سيناء"، مشدداً على أنه "من دون التنسيق مع مصر وأخذ موافقتها على ذلك، سيكون التحرك العسكري صعب جداً".

وأضاف صادق أن "التصريح الأميركي يحرج السيسي سياسياً، ويعطي ذخيرة إعلامية للمعارضة، لكنه لن يحدث أي تحول على الأرض خصوصاً في ما يتعلق بمعبر رفح". وتابع: "قد يكون قصد الرئيس بايدن إخراج الأجانب من رفح، وهو ما رفضته مصر من دون ربط خروجهم بدخول المساعدات".

وأكد أن مصر "تستطيع إحضار قافلة مساعدات أجنبية تابعة للأمم المتحدة، ووسائل إعلام دولية، والتوجه إلى رفح، وإظهار من يمنع دخول المساعدات، وإرسال النتيجة لملف جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، التي ستعيد النظر في القضية قبل نهاية الشهر الحالي".

من جهته، قال الناشط الفلسطيني رامي شعث، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "حديث الرئيس بايدن هو محاولة استجداء لإبقاء نفسه في الحكم في الانتخابات المقبلة (الرئاسيات الأميركية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، في ظل الغضب الكامل من جانب الجاليات العربية والمسلمة والعديد من الديمقراطيين من مشاركته في الإبادة في فلسطين".

وأضاف: "يصعب أخذ كلامه بشكل جدي، لأنه هو وحكومته الأميركية جزء رئيسي من الإبادة، ومشاركان بالدعم والغطاء السياسي، وكل أنواع الأسلحة لإبادة شعبنا، وقطع الأموال عن أونروا بما يضعف قدرة شعبنا على الصمود في وجه التجويع الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلية".

وجوب الوضوح الأميركي والمصري

أما نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي، فقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "هناك العديد من علامات الاستفهام حول سبب الخلاف حول المسؤولية عن إغلاق معبر رفح بين بايدن والسيسي، ولماذا لم توضح الرئاسة المصرية بشكل أكثر دقة موقف مصر، ولماذا لم يوضح البيت الأبيض تصريحات بايدن في حال وجود لبس في تلك التصريحات".

وأضاف أن "مصر تتحدث رسمياً عن أن معبر رفح مفتوح على مدار 24 ساعة، والحقيقة هناك شاهد عيان وهو (الأمين العام للأمم المتحدة) أنطونيو غوتيريس، الذي جاء إلى معبر رفح، وهو يستجدي المجتمع الدولي لإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية وإسرائيل تمنع ذلك".


رامي شعث: بايدن يحاول الاستجداء لإبقاء نفسه في الحكم في الانتخابات المقبلة

وتابع الغباشي: "أتصور أن أميركا في أزمة، وبايدن في أزمة، وأن بلينكن الذي أتى في أول زيارة إلى إسرائيل بعد الحرب وقدم نفسه أنه يهودي، في أزمة أيضاً"، مشيراً إلى أن "بلينكن جاء 5 مرات، وفي كل مرة يغادر تل أبيب، تبدأ إسرائيل في توجيه ضربات عنيفة على قطاع غزة. كما أن وقوف الولايات المتحدة مع إسرائيل بلا حدود أزمة، والضعف غير المحدود من قبل العالم العربي أزمة".

واعتبر الغباشي أنه "من الواضح أن هناك تبايناً في بعض المواقف المرتبطة بدخول المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى، ومسألة مخرجات مؤتمر باريس، ثم مدى تعاطي الأطراف الإقليمية والدولية والإسرائيلية معه. كل ذلك يشكل أزمات أدت إلى هذا الالتباس الكبير في الكثير من التصريحات التي خرجت بلا منطق ولا داع". ورأى أنه "كان الأحوط بالولايات المتحدة أن تقدم سبباً لهذا الوقوف بلا حدود مع إسرائيل، ولماذا الموافقة على هذا الدمار المروع".

المساهمون