ما التحديات التي تواجه أميركا في منع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين؟

ما التحديات التي تواجه أميركا في منع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين؟

16 مارس 2024
السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر لمواجهة هجمات الحوثيين (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تكثف إدارة بايدن جهودها لمراقبة واعتراض الأسلحة الإيرانية المهربة إلى الحوثيين في اليمن، مستخدمةً تعقب الطرق البحرية وتطبيق العقوبات والضغوط الدبلوماسية، رغم مواجهة عقبات مثل نقص الموارد والحاجة لتعاون دولي.
- منذ 2014، طور الحوثيون ترسانتهم بمساعدة إيران، مما يهدد الملاحة في البحر الأحمر ويبرز الحاجة لتكثيف الجهود الأمريكية لوقف تدفق الأسلحة، خاصة بعد توثيق هجمات على سفن تجارية.
- تواجه مهمة مراقبة واعتراض الأسلحة تحديات كبيرة بسبب نقص الموارد والعجز في الموظفين المدربين، مما يعقد العمليات الأمريكية لمكافحة التهريب ويستدعي ضرورة تخصيص المزيد من التمويل لضمان الأمن الإقليمي.

تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى توسيع عمليات مراقبة الأسلحة الإيرانية واعتراضها، التي يتم تهريبها إلى جماعة الحوثيين في اليمن بعد فشل الضربات العسكرية الأميركية والبريطانية، التي بدأت منذ نحو ستة أسابيع، في منع الجماعة من استهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ولكن هناك عدة عوائق تقف في طريق تنفيذ هذه المهمة.

نقص في الموارد الأساسية

قالت صحيفة واشنطن بوست، اليوم السبت، نقلاً عن مسؤولين أميركيين إن المهمة تسعى لوضع خريطة للطرق البحرية التي تستخدمها طهران ووقف شحنات الأسلحة أثناء عبورها وهذا جزء من استراتيجية أوسع تشمل أيضاً العقوبات والضغوط الدبلوماسية، الأمر الذي يمثل اعترافاً بأنه من الممكن أن يشكل الحوثيون تحدياً أمنياً كبيراً في المستقبل المنظور كما تذكر الصحيفة، مشيرة إلى أن إتمام هذا العمل تواجهه قيود بسبب نقص الموارد العسكرية الأساسية.

ووصف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية هذه المهمة بأنها مجهود يسعى لـ"محاولة فهم أفضل لعمل الممرات المائية وأماكنها"، مشدداً على أن هذا العمل يتطلب تعاوناً كبيراً مع مجتمع الاستخبارات الأميركي.

ووصف مسؤول كبير ثانٍ الجهود بأنها "قوية للغاية" وقال إن واشنطن تستكشف أيضاً كيف يمكن للدول الشريكة توسيع عملها على تعطيل تهريب الأسلحة الإيرانية، للمساعدة في تعويض المخزون المحدود من الطائرات الأميركية بدون طيار وغيرها من أصول المراقبة التي تعتبر أساسية في العملية. ورفض المسؤول ذكر الدول المشاركة في تلك المحادثات، لكنه قال إن جميع الحكومات المتضررة اقتصادياً من هجمات الحوثيين يجب أن تفعل المزيد.

وقال كينيث "فرانك" ماكنزي جونيور، وهو جنرال متقاعد من مشاة البحرية قاد القيادة المركزية من 2019 إلى 2022، إن وقف تدفق الأسلحة الفتاكة من إيران إلى الحوثيين أمر بالغ الأهمية، وأضاف: "علينا أن ندرك ذلك، وعلينا أن نخصص الموارد لمواجهته".

وأضاف أن ذلك يتطلب في المقام الأول موارد المراقبة، ولكن "يتطلب أيضاً المنصات التي تسمح بإجراء عمليات الاعتراض فعلياً، ونحن في حاجة إلى العمل مع شركائنا في التحالف من أجل القيام بذلك".

معلومات قليلة عن الحوثيين

وتنقل الصحيفة عن محمد آل خليفة باشا، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي، أنه عندما استولت جماعة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، في عام 2014، ورثت مجموعة من الأسلحة بما في ذلك صواريخ سكود الكورية الشمالية والسوفيتية وصواريخ أرض جو من الحقبة السوفيتية، والصواريخ الصينية المضادة للسفن. ومنذ ذلك الحين، تعلمت الجماعة صنع أسلحة أكثر تقدماً عن طريق تعديل العناصر الموجودة في ترسانتها واستخدام التكنولوجيا التي تم الحصول عليها من الخارج، بما في ذلك إيران.

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني وثقت وزارة الدفاع الأميركية ما لا يقل عن 105 هجمات على السفن التجارية قبالة اليمن، بما في ذلك حوالي 40 هجوماً خلال الأسبوع الماضي. وقال المسؤولون إن الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون تشمل طائرات بدون طيار هجومية وصواريخ باليستية وغواصات مسيّرة محملة بالمتفجرات يمكنها تخطي الأمواج والسفر تحت الماء.

وترجع الصحيفة سبب الارتباك في الإدارة الأميركية اتجاه الحوثيين إلى قلة المعلومات المتوفرة لديها عن الجماعة وعمليات التهريب التي تقوم بها المجموعة، حيث كانت واشنطن تركز خلال السنوات الماضية على مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن وأولت اهتماماً محدوداً للحوثيين الذين كانوا منهمكين في مواجهة الحملة الجوية التي تشنّها المملكة العربية السعودية.

ووفق خبراء الأمم المتحدة يجري التهريب البحري من الموانئ الإيرانية مثل بندر جاسك في خليج عمان وبندر عباس في مضيق هرمز. ويمكن نقل هذه الشحنات عبر بحر العرب وخليج عدن على طول الطريق إلى اليمن أو عبر الطرق البرية عبر البلدان المجاورة مثل عمان.

وبحسب الباشا، فإن ما لا يقل عن 18 عملية اعتراض بحري نُفذت منذ عام 2013، مما كشف عن شحنات أسلحة قادمة من إيران، تتراوح بين مدافع رشاشة وصواريخ مضادة للدبابات، وجرت عمليات تهريب إضافية عبر القرن الأفريقي.

ومن غير المعروف مقدار العتاد الذي تم تمريره من دون أن يتم اكتشافه مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة تقييم مدى فعالية ضرباتها الأخيرة، التي بلغت العشرات منذ يناير/كانون الثاني الماضي، في إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم البحرية.

مهمة محفوفة بالمخاطر

وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، الذي يشرف بصفته رئيس القيادة المركزية الأميركية على النشاط العسكري الأميركي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ هذا الشهر إنه "لبعض الوقت" قام بتحويل قدرات المراقبة من فوق أفغانستان للتركيز، بدلاً من ذلك، على البحر الأحمر وكذلك العراق وسورية، وقال كوريلا إنه يجب تخصيص المزيد من التمويل لتزويد الجيش بـ"قدرات إضافية".

وقال مسؤولون أميركيون إن الحوثيين أسقطوا ما لا يقل عن طائرتين بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper قبالة سواحل اليمن، في نوفمبر/تشرين الثاني وفي فبراير/شباط.

وتشير الصحيفة الأميركية إلى وجود عائق آخر أساسي أمام تنفيذ مثل هذه المراقبة الصارمة حيث إن هناك عجزاً في عدد الموظفين المدربين تدريباً عالياً للصعود على متن السفن المشتبه في أنها تحمل أسلحة إيرانية إلى اليمن وهي مهمة محفوفة بالمخاطر.

وقال مسؤولون أميركيون إن قوات مشاة البحرية شاركت تاريخياً في مثل هذه المهام، ولكن من غير المتوقع وجود أي منها في المنطقة بسبب النقص المستمر في السفن البرمائية المتاحة التي تشرف عليها البحرية، وظهرت خطورة هذا التفتيش من خلال عدد قليل من عمليات الصعود على متن السفن التي تم الكشف عنها في الأشهر الأخيرة.

وكان اثنان من قوات البحرية الأميركية فُقدا في البحر أثناء محاولتهما الصعود على متن سفينة تهريب مشتبه بها قبالة الصومال في 11 يناير/كانون الثاني،  وتمكن زملاؤهما من مصادرة مجموعة من الأسلحة الإيرانية الصنع، بما في ذلك مكونات الصواريخ، واحتجزوا 14 شخصاً، وأعلنت وزارة العدل في فبراير/شباط أن أربعة منهم يواجهون اتهامات، بما في ذلك نقل رأس حربي عمداً.

وقال مسؤولون إنه بعد شهر من الحادثة السابقة اعترض أفراد خفر السواحل سفينة في بحر العرب وصادروا مكونات صواريخ باليستية ومتفجرات وأجزاء أسلحة أخرى، وأضافوا أن الشحنة جاءت من إيران.

ووصف كارل سام موندي، وهو فريق متقاعد أشرف على قوات مشاة البحرية في الشرق الأوسط من 2018 إلى 2021، أن هذه المهام من بين أخطر المهام العسكرية التي لا يمكن التنبؤ بها، ويمكن أن تقع الحوادث مع قيام القوات الأميركية "بالتسلق السريع" من طائرات الهليكوبتر إلى سفينة التهريب المشتبه بها أو الصعود من الماء بعد الانقضاض بقوارب صغيرة عالية السرعة.

ويضيف موندي: "في كثير من الأحيان، لا نعرف ما هو التهديد بالضبط، وهذا بالتأكيد يعقد العملية لأنك تضع الناس في موقف ضعيف، وتضيف كل هذه الظروف الجوية التي تجعل الأمر برمته صعباً للغاية.. المشكلة في المساحة الكبيرة للمنطقة، وليس لدينا ما يكفي من الموارد للقيام بذلك.. للقيام بهذا على الوجه الصحيح، سيستغرق الأمر بعض الوقت".

المساهمون