ما أهم التحديات التي تواجهها الحكومة الكويتية الجديدة؟

ما أهم التحديات التي تواجهها الحكومة الكويتية الجديدة؟

11 ابريل 2023
ترفض المعارضة عودة مجلس الأمة السابق 2020 وترفض التعامل معه (فرانس برس)
+ الخط -

 أعلنت الحكومة الكويتية الجديدة، في أولى اجتماعاتها التي انعقدت، الإثنين، تأكيدها على احترام أحكام القضاء والتزامها بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية القاضي بإبطال مجلس الأمة (البرلمان) المُنتخب أخيراً، وعودة مجلس 2020 المنحلّ، بحسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا".

وأوردت "كونا" أن "مجلس الوزراء استعرض كتاب وزير العدل بشأن أحكام المحكمة الدستورية، الصادرة بتاريخ 19 مارس/آذار الماضي، بإبطال عملية انتخاب أعضاء مجلس الأمة برمّتها، والتي أُجريت بتاريخ 29 سبتمبر/أيلول الماضي في الدوائر الانتخابية الخمس، وبعدم صحة عضوية من أُعلن فوزهم فيها، لبُطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، والتي تمت على أساسها هذه الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار".

وأضافت أن مجلس الوزراء "قد تدارس التفاصيل المتعلقة بالحكم، والإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن"، وعليه أكّد على "احترامه الكامل لجميع الأحكام الصادرة من قضائنا العادل، والتزامه بتنفيذها وفقاً للدستور والقانون".

واستعاد مجلس 2020 المنحلّ، بناءً على حكم المحكمة الدستورية، كافة صلاحياته الدستورية على أن يستكمل مدته الباقية كأن الحلّ لم يكن. يُذكر أنه صدر مرسوم أميري، الأحد، بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجل أمير البلاد الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد نحو أكثر من شهر على إعادة تكليفه من قِبل نائب الأمير ووليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وهي الحكومة الرابعة له منذ تكليفه لأول مرة، في 24 يوليو/تموز الماضي، بمعدل حكومة كل شهرين تقريباً.

من شأن خطوة الحكومة هذه تأجيج غضب المعارضة الكويتية، والتي ترفض رفضاً قاطعاً عودة مجلس الأمة السابق 2020، وترفض التعامل معه و مع رئيسه مرزوق الغانم، والذي كان قد شكّل تحالفاً مع رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ما ساهم في تفاقم الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان، حتى أُطيح بحكومة الشيخ صباح الخالد وحُلّ البرلمان رسمياً، في 2 أغسطس/آب الماضي.

مع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان بيان الحكومة هذا يعني إقرارها بالتعامل مع البرلمان العائد بحكم المحكمة الدستورية على أنه أمر واقع، أم أنها في صدد البحث عن مخارج قانونية ودستورية، من أجل إعادة حلّه من جديد استجابةً لضغوط المعارضة، أو أنها محاولة لقياس ردة فعل الشارع على هذه الخطوة.

وعليه، تواجه الحكومة الجديدة تحدياً كبيراً أمام تداعيات حكم المحكمة الدستورية على المشهد السياسي، كما أنها أمام مأزق قانوني فيما لو قررت الاتجاه لحلّ البرلمان بذات الطريقة، خاصة أن المحكمة استندت في حكمها إلى سابقة جديدة، لكون الحكومة التي ترأسها لأول مرة الشيخ أحمد النواف، لم تتعامل مُطلقاً مع البرلمان، وبالتالي ليس ثمة ما يستدعي أن يرفع مرسوم الحل إلى القيادة السياسية، واعتبرت ذلك كافياً لأن يترتب عنه حكمها بإبطال مرسوم الحل، ما يترك خيار الإبطال مجدداً لما استندت إليه المحكمة خياراً متاحاً.

وتعليقاً على بيان الحكومة اليوم، قال المحلل السياسي جابر باقر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الكويت دولة مؤسسات وقانون، واحترام القضاء وأحكامه التي تصدر باسم أمير البلاد، واجب على كل السلطات الثلاث، والمادة 50 من الدستور نصت على مبدأ الفصل بين السلطات مع تعاونها".

ولفت إلى أن "هناك ذوبانا للجليد في العلاقة بين السلطة التشريعية (مجلس 2020) والسلطة التنفيذية، ولكن ببطء"، وأضاف: "أعتقد أنهما توصلا إلى تفاهمات، أتمنى أنها لما فيه خير البلاد والعباد".

وعند سؤاله عن تأثير ردة فعل المعارضة إذ ما قررت الحكومة التعامل مع مجلس الأمة 2020، العائد بحكم المحكمة الدستورية، رفض باقر إطلاق هذا المصطلح عليهم قائلاً: "لا توجد لدينا معارضة في الكويت"، مضيفاً: "هناك بعض الأبواق المأجورة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، من قِبل أطراف معروفة، بعضهم بدأ بالصراخ الآن لأني أعتقد أنهم لن يعودوا مرة أخرى إلى قبة عبد الله السالم (قاعة البرلمان)، بمعنى أنهم لن ينجحوا في الانتخابات القادمة، لذلك دائماً الصراخ على قدر الألم، والبعض الآخر الوضع الحالي يتعارض مع مصالحهم، فاتجهوا عكسها".

من جهته، أعرب الناشط السياسي والمرشح السابق لانتخابات مجلس الأمة، عبد الله المفرج، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن بيان الحكومة "طبيعي"، قائلاً: "غالباً تكون بياناتها بهذا الشكل، ولطالما تعودنا أن نرى أو نسمع أو نقرأ بيانات مثله".

وأضاف: "لكن ما سيختلف هو فعل الحكومة الذي يتبع هذا البيان، هل يدعم حكم المحكمة الدستورية سياسياً، وهل تُعطى شرعية إلى مجلس 2020؟ أم الاستمرار بإقصائه وبعزله عن المشهد السياسي؟ والأخير هو المطلوب من الحكومة في الوضع الراهن، وهو ما ننتظره من رئيسها الشيخ أحمد النواف". وأشار المفرج إلى أن "أمير البلاد يملك وفق المادة 107 من الدستور حل البرلمان في أي وقت حسب تقديره، لذا على رئيس الحكومة الاستمرار بالغياب عن الجلسات، وسرعة حلّ المجلس".

وشدد على أن أي تعاطي للحكومة مع البرلمان العائد بحكم المحكمة الدستورية، يُعرّض البلاد إلى فصل جديد من فصول الأزمة السياسية، قائلاً: "الشيخ أحمد النواف يحظى اليوم بثقة شعبية كبيرة، ويجب أن يحافظ عليها، وسوف يخسرها إذا تحالف أو أضفى الشرعية على مجلس 2020، وعليه عدم تمكين هذا المجلس من مزاولة مهامه وأن يحلّه بأسرع وقت، وإلا يكون حاله من حال سابقيه من رؤساء الحكومات السابقين مثل الشيخ صباح الخالد والشيخ جابر المبارك والشيخ ناصر المحمد".

واختير الشيخ أحمد النواف لقيادة الحكومة الكويتية الصيف الماضي، بعد خطاب أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، تلاه نيابةً عنه وليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد، في 22 يونيو/حزيران الماضي، عقب أزمة حادة عصفت بالعلاقة بين البرلمان والحكومة، أدت إلى الشلل التام في البلاد وانسداد أفق الحلول السياسية.

وفتح خطاب أمير الكويت حينها مساراً جديداً في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعدما أعلن عبره عن حل البرلمان السابق، والدعوة إلى انتخابات جديدة، كما منح ضمانات عديدة، اعُتبرت مكاسباً سياسية من قِبل الشارع الكويتي، منها "عدم التدخل في خيارات الشعب لممثليه في مجلس الأمة المقبل"، وهو ما حصل بالفعل عندما انسحبت الحكومة قبل بدء البرلمان في جلسته الافتتاحية منتصف أكتوبر/تشرين الماضي، بالتصويت على منصب رئيس البرلمان وبقية مناصب مكتب المجلس، في خطوة لاقت استحسان شعبي واسع.
 
وعلى الرغم من تأكيد الأمير في خطابه على أن تُجرى عملية الاقتراع بعد "إعداد الترتيبات القانونية اللازمة لذلك"، والتي خلقت حالة تفاؤل صاحبت أجواء الانتخابات بسلامة إجراءاتها القانونية، إلا أن حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة 2022، أثار حالة من الارتباك في المشهد السياسي في البلاد، عكَسَ حجم الصدمة التي تلقاها السياسيون والمواطنون المشاركون في العملية الانتخابية.

يُذكر أن إبطال مجلس الأمة هذا هو الثالث من نوعه، حيث سبق للكويت أن عاشت أجواء إبطال البرلمان مرتين، الأولى في شهر يونيو/حزيران عام 2012، بعدما كانت تسيطر أغلبية معارضة على تركيبة البرلمان المُنتخب في فبراير/شباط من ذات العام، بنحو 40 عضواً، في رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ البلاد، والثانية في الشهر نفسه من عام 2013، في ظل مقاطعة المعارضة انتخابات مجلس ديسمبر/كانون الأول 2012، وسجّل بسبب المقاطعة أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات البرلمانية الكويتية.