يستعد عدد من الأحزاب والمنظمات والنقابات والمستقلين في الجزائر لعقد المؤتمر الوطني للمبادرة السياسية في العاصمة الجزائرية، السبت المقبل، وسط رفض أحزاب من المعارضة الجزائرية المشاركة.
وأنهت هيئة التنسيق والمتابعة للمبادرة في الجزائر تحضيرات انعقاد الندوة الوطنية التي سيُعلن خلالها عن المبادرة بشكل رسمي، بعد استكمال اجتماعات سابقة ولقاءات تمهيدية، ومساعٍ قامت بها الأحزاب القائدة للمبادرة لإقناع أكبر عدد ممكن من الأحزاب السياسية والمنظمات والنقابات والشخصيات المستقلة، على قبول الانخراط والمساهمة في الندوة.
وأعلنت الهيئة أنها اختارت تاريخ 19 أغسطس/ آب الجاري، لانعقاد مؤتمر المبادرة الوطنية، عشية احتفالات عيد المجاهد (انعقاد مؤتمر صورة الجزائر عام 1956)، واعتبرت أن هذا الاختيار يمثل رسالة سياسية باستمرار القيم الثورية.
وتشارك في المبادرة غالبية الأحزاب الخمسة المشكلة للحزام الحكومي (حركة البناء الوطني وجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وصوت الشعب) إضافة إلى حزمة أحزاب موالية (الفجر الجديد والكرامة وتجمع أمل الجزائر) وانضم حزب التحالف الجمهوري إلى المبادرة.
وتضم المبادرة نقابات عمالية أبرزها الاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابات مستقلة، ومنظمات وطنية كالمجاهدين (قدماء محاربي الثورة)، وأبناء شهداء الثورة والكشافة الإسلامية، وقوى من المجتمع المدني، وجمعت المبادرة أيضاً مشايخ طرق صوفية وزوايا دينية ومرجعيات مجتمعية ودينية، وكذلك عدداً من الشخصيات مستقلة من نخب أكاديمية وإعلاميين وكتاب، وتجاوز عدد المنخرطين في المبادرة بحسب هيئة التنسيق والمتابعة 1300 مشارك.
وتصف وثيقة المبادرة الوطنية أن المؤتمر سيكون "فضاءً يشكل إطاراً وطنياً للحوار والتشاور والتنسيق"، في مواجهة حزمة "التوترات المتسارعة في العالم والمنطقة وتصادم المصالح، ولكون الجزائر ليست بمنأى عن تداعيات هذا المخاض، سواء في جوارها أو في فضائها الإقليمي الذي يتسم بالتوتر وبعدم الاستقرار"، وبناء موقف وطني موحد في ظل "اتساع بؤر التوتر والفوضى، التي تفرض على الطبقة السياسية والنخب والقوى الوطنية كافة التحرك جماعياً وبشكل موحد، لتفعيل الإرادة الوطنية وتعزيز التلاحم الوطني وتمتين الجبهة الداخلية، من خلال رفع حالة التأهب واليقظة لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تستهدف الدولة الوطنية ومؤسساتها، وإعلان التعبئة من أجل النهوض بالوطن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".
ويتضمّن نص وثيقة المبادرة التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها حزمة أهداف سياسية تخص "تحصين ثوابت الأمة ومقومات هويتها (التي رسمها بيان الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني) وكرسها الدستور كقاعدة مشتركة لالتقاء، وخط أحمر يمنع تجاوزه أو المساس به، والدفاع عن المصالح العليا، وتغليب مصلحة الوطن، وتعميق الحوار في القضايا والقرارات الوطنية الهامة، لصناعة اليقظة الاستراتيجية، وبناء رؤية متكاملة لكسب رهانات الأمن القومي، وتحقيق الانسجام الوطني في المواقف الدولية، ودعم أدوار وجهود مؤسسات الدولة، وإسناد توجهات رئيس الجمهورية في السياسة الخارجية ولمؤسسة الجيش".
وتهدف المبادرة أيضاً، بحسب نص الوثيقة، إلى "الحفاظ على استقلالية القرار السياسي والاقتصادي الوطني، في ظل التحديات والمتغيرات الحاصلة على أكثر من صعيد، وتحقيق التكامل بين أدوار الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسيات التمثيلية الأخرى، وتعبئة الجماعة الوطنية لتعزيز الجبهة الوطنية في الداخل والخارج وحمايتها من الاستهداف، وتقديم الرؤى والمقترحات العملية للسلطات العليا في كل ما من شأنه دعم الجبهة الداخلية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والعمل على تحقيق تطلعات المواطن وتحسين ظروفه المعيشية".
ويعقب مؤتمر المبادرة الوطنية استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وفداً يمثل القوى المشاركة في المبادرة، لتسليمه نص الأرضية السياسية المتوافق عليها.
ورفضت أحزاب سياسية فاعلة من قوى المعارضة المشاركة في المبادرة، إذ رفضت حركة مجتمع السلم، وجبهة القوى الاشتراكية، وجيل جديد، وحزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والاتحاد من أجل التقدم والرقي الانخراط، هذه المبادرة بسبب ما اعتبرته عدم وضوح في الأهداف السياسية، وكذا بسبب شكوك حول خلفيات علاقتها بالانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2024، وتوجهها لدعم الرئيس عبد المجيد تبون لعهدة رئاسية ثانية.