لهذه الأسباب تفشل مساعي رئيس النواب الليبي لإسقاط حكومة الدبيبة

لهذه الأسباب تفشل مساعي رئيس النواب الليبي لإسقاط حكومة الدبيبة

30 اغسطس 2021
شدد صالح على ضرورة استجواب الحكومة(Getty)
+ الخط -

أرجأ مجلس النواب الليبي، خلال جلسة، اليوم الإثنين، استجواب الحكومة، كما كان متوقعًا، بسبب اختلاف مواقف النواب حول الأمر، والشكوك التي شابت حقيقة الأهداف من وراء الاستجواب.
وقال المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، "تم تأجيل استجواب الحكومة بناءً على طلبها الرسمي، لاستيضاح نقاط الاستجواب الواردة في مذكرة أعضاء مجلس النواب، لتقوم الحكومة بتجهيز الردود والتوضيحات حول ذلك"، دون تحديد موعد جديدة للجلسة.
وأضاف: "الجلسة ستكتفي بمناقشة مشروع قانون انتخاب مجلس النواب في 24 ديسمبر (كانون أول) المقبل".

وقبل موعد الجلسة الخاصة باستجواب الحكومة، اليوم، حل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في عمان، تلبية لدعوة رسمية من الأردن، التقى خلالها الملك عبد الله الثاني، ونظيره الأردني بشر الخصاونة. 
ووفقاً للمكتب الإعلامي للحكومة الليبية، في بيان نشره أمس، الأحد، على صفحته الرسمية، فقد عقد الدبيبة والوفد الوزاري المرافق له جلسة عمل مع الخصاونة وعدد من الوزراء الأردنيين.
وخلال الجلسة، اتفق المجتمعون على عقد الاجتماع الثالث للجنة العليا الليبية الأردنية بالعاصمة طرابلس في الفترة المقبلة بعد توقفها عن الاجتماع منذ العام 2009.
كما بحث اللقاء أوجه التعاون في مجال التعليم والتدريب ومجالات أخرى، بحسب بيان الحكومة.


وكان الدبيبة قد أعلن، الخميس الماضي، عن عدم استجابته لدعوة مجلس النواب التي وجهت لحكومته بشأن مثوله أمام النواب، قائلاً إنه سيكون "خارج البلاد" في الوقت الذي حدده مجلس النواب للجلسة.
في مقابل ذلك، شدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في تصريحات عديدة خلال الآونة الأخيرة، على ضرورة استجابة الحكومة للدعوة، متوعداً بسحب الثقة في حال لم تحضر جلسة الاستجواب. 

مواقف النواب
وعلى الرغم من استناد دعوة صالح للحكومة إلى "طلب من عدد من السادة النواب"، وفقاً لبعض تصريحاته، إلا أن مواقف النواب حيال الدعوة اختلفت وتباينت بشكل كبير، حيث عبر عضو مجلس النواب جلال الشويهدي عن رفضه للدعوة.
وقال الشويهدي، لـ"العربي الجديد"، إن الدعوة صدرت عن رئاسة المجلس أولاً "ثم لحقها بيان أقلية تلتقي مصالحها مع الرئاسة لتظهر أن الدعوة جاءت بشكل قانوني".
 وتساءل "كيف يمكن لرئاسة المجلس استجواب حكومة لم تسمح لها أن تنجز شيئًا؟". 
وهو موقف متطابق مع رأي عضو مجلس النواب عمر تنتوش، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، أن أغلبية النواب لم يستشاروا في استدعاء الحكومة لاستجوابها، معتبراً أن ما يحدث من جانب البعض هدفه خلط أوراق المشهد في مرحلة شديدة الحساسية تستوجب البحث عن توافق وتقريب وجهات النظر لا تكريس الفوضى. 
على الضفة الأخرى، شدد عضو مجلس النواب طلال المهيوب على حق المجلس في استدعاء الحكومة لمساءلتها على تقصيرها.
وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تقوم بتمويل عدد من المشروعات وتعلن عن المزيد، فمن حق النواب معرفة من أين تصرف الحكومة قبل إقرار ميزانيتها ومحاسبتها على أوجه الصرف". 
وبرر المهيوب دعوة الحكومة بأنها "خطوة في اتجاه تلافي الأوضاع قبل انهيارها وتأثيرها على مسار الإعداد للانتخابات".
وقال "يجب أن ننقذ الأوضاع ولا نسمح للدبيبة بأن يسير بالبلاد في الاتجاه الذي سار فيه سلفه فائز السراج، فلا يمكن لحكومة أن تعمل بمعزل عن مراقبة السلطة التشريعية".

"فشل" الجلسة
وتعليقاً على هذه المواقف المتباينة، توقع الناشط السياسي الليبي من طبرق بشير المريمي أن تفشل الجلسة "وألا تتعدى خطوات عقيلة صالح وحلفائه أكثر من الشغب وإثارة الفوضى".
وأردف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "صمت العديد من النواب يدل على انتظارهم لما ستسفر عنه جلسة، لكن فشلها سيجعلهم ينضمون لمعارضي الدعوة". 
ولفت المريمي إلى أن "جلسة تتطلب حضور 85 عضواً، ويتطلب طرح قضية سحب الثقة من الحكومة موافقة الأغلبية من الحضور لنقلها إلى جلسة خاصة، يتطلب فيها أيضاً 120 صوتاً لإسقاط الحكومة".
واستطرد "كل هذا يجب أن يحدث بعد أن يضمن مجلس النواب خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي في الإعلان الدستوري، فحتى الآن لم يتم تضمينها، ويمكن سؤال النواب أيضاً على أي أساس تم منح الثقة للحكومة وكيف يتعاملون مع المجلس الرئاسي؟". 
وإذ أكد المريمي أن بنية النظام الحالي تعاني من اختلال قانوني كبير، رأى أن "طلب دعوة الحكومة هو الآخر مشبوه، فقد استند إلى بيان حمل اسم مطالب نواب برقة ووقع عليه 29 نائباً، بينما نواب المنطقة الشرقية وعددهم 51 نائباً لم يوقعوا، ما يعني أنه لا يمثل موقف حتى المنطقة الشرقية فضلاً عن الغرب والجنوب".
 لذا يرى الناشط السياسي الليبي من طبرق أن "صالح خسر المعركة مع الدبيبة مسبقاً ولم يتمكن من التحشيد لخطوته"، وتساءل أنه "في حال تم إسقاط الدبيبة وحكومته من سيقبل برئاسة حكومة عمرها ثلاثة أشهر فقط؟".
وأوضح أنه جرى إعداد أكثر من سيناريو بديل في الكواليس لأكثر من حكومة، "لكن صمت المجتمع الدولي والبعثة الأممية قد يؤكد فشل كل هذه السيناريوهات البديلة". 
ورغم أن الدبيبة يواجه قرارات عقيلة صالح بثقة وبدا انتقاده لدعوة مجلس النواب متوازنا، إلا أن المريمي يرى خطورة لما سيترتب على إصرار عقيلة صالح وحلفائه على موقفهم وذهابهم إلى اللعب بأكثر من ورقة لخلط المشهد وتعقيد مسار التوافق وتشتيته بعدما وصلت البلاد إلى أول سلطة موحدة بعد سنوات من الانقسام.

المساهمون