لعلها قمة عربية في أكتوبر

لعلها قمة عربية في أكتوبر

02 فبراير 2022
عُقدت آخر قمة عربية في تونس عام 2019 (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -

لتكن القمة العربية المقبلة في الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لعل أكتوبر المجيد ينعش في الذاكرة العربية بعضاً من لحظات الفخر بانتصار المقاتل العربي في حرب 1973، ويعيد مشاهد النخوة والوحدة في الموقف والقرار، ويستعيد فقرة زاهية من تضامن الجسد العربي في أيام الحرب والمحنة.

ويذكّر أكتوبر بعض العرب بأن العدو الحقيقي الذي خاض العرب قاطبة ضده الحروب لأجل استعادة الأرض، ما زال يحتل أرضاً عربية وينكّل بشعب عربي أعزل في فلسطين، وأنه لا سلام والمعركة المقدسة مع العدو لم تنته بعد.

لا تكره إسرائيل شهراً أكثر من أكتوبر، ولا أبغض لديها منه شهراً آخر، فهو الشهر الذي كادت أن تغرق فيه في قطرات عرق المقاتلين المصريين والعرب، وهو الشهر الذي تحطمت فيه أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وهو الشهر الذي فيه لكل عربي نصيب من المجد.

للسعوديين نصيب من الفخر في أكتوبر، بمواقف الملك فيصل الشجاعة والتاريخية عندما قرر قطع تموين الدول الغربية بالنفط في حرب 1973. وللإماراتيين حصتهم بمواقف الشيخ زايد وقوله الشهير "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي".

وللكويتيين نصيب من الشهداء في تلك الحرب المظفرة. وللجزائريين حصة بالغة من العزة بمواقف الرئيس هواري بومدين والسخاء المالي في دفع فاتورة سلاح الحرب.

لتكن القمة في أكتوبر، لعل العرب، شعوباً وحكومات ودولا، يفحصون في أوراق التاريخ، فيكتشفون كيف قاد تجاوز الخلافات العربية وتوحيد المواقف والمجهود العربي، نحو تحقيق انتصار، رمم بعضاً من الكرامة العربية المهدورة من زمن النكسة.

ولعل العرب يعيدون التصويب على العدو الحقيقي، وتكبح قاطرة التطبيع وقطار الهرولة، ولعل الفلسطينيين يتخذون العبرة بأن الاحتلال باق ما دام الانقسام الفلسطيني قائماً، وما دامت البندقية في جهة والذخيرة في الأخرى.

سيكون اختيار أكتوبر لعقد القمة العربية المقبلة في الجزائر، خطوة بالغة الرمزية كشهر للحرب والانتصار بالنسبة للعرب كافة، وللجزائريين أيضاً، ففي أكتوبر يشتم الجزائريون والقمة تعقد في رحابهم، رائحة ثورة الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المجيدة (1954).

وهي الثورة الحية التي ما زالت تحدد إلى الآن مواقف الجزائر وتُلبس خياراتها عمقاً تاريخياً. وسيكون هناك متسع من الوقت لإنجاز تقدم على صعيد المصالحة الفلسطينية، وقد تكون ليبيا أنجزت انتخاباتها المعطلة، ويكون هناك زمن كاف لمناقشة باقي المسائل الخلافية، بما فيها ملف سورية والبدائل الممكنة بشأنها، وتكون الأزمة بين لبنان ودول الخليج قد طويت، بما يوفر الحد الأدنى الممكن لعقد قمة عربية ناجحة سياسياً.

قد يكون للشعوب العربية، والحال هذه، الحق كل الحق في أن تنفض يديها، ومنذ زمن، من القمم العربية التي لم تعد تسمن من قرار ولا تغني عن أزمة، وقد يكون عقد قمة الجزائر في أكتوبر بكل رمزيته التاريخية، أو في غيره من الأشهر المقبلة، محلاً لاهتمام الساسة والإعلاميين، لكونها خبزاً في السياسة وخبراً في الإعلام، لكنها باتت بلا معنى بالنسبة للشعوب العربية التي تشابهت عليها الأشهر والأحوال، ما لم تكن قمة قرارات بحجم همة عرب أكتوبر 1973، توحيداً للمواقف وتصويباً للخيارات.

المساهمون