لبنان يترقب مفاوضات الهدنة في غزة وارتداداتها جنوباً أمنياً وسياسياً

لبنان يترقب مفاوضات الهدنة في غزة وارتداداتها جنوباً أمنياً وسياسياً

07 فبراير 2024
تتوالى الزيارات الدبلوماسية للبنان في مسعى لمنع اندلاع حرب (رويترز/Getty)
+ الخط -

تتسارع وتيرة التحركات الدبلوماسية تجاه لبنان ضمن محاولات التهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" ووقف التصعيد الدائر على طرفي الحدود منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غداة عملية "طوفان الأقصى".

وارتفعت حدة الاشتباكات في الفترة الأخيرة، أدخل إليها الحزب أهدافاً جديدة وأسلحة أكثر تطوراً في ردّه على الاعتداءات الإسرائيلية التي تطاول المنازل والمدنيين والأطقم الصحية والصحافية، وأيضاً الاستهدافات التي طاولت مسؤولين حزبيين في الجنوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ويؤكد جميع الزوّار الذين يتوافدون إلى بيروت، وآخرهم وزيرا الخارجية، الفرنسي ستيفان سيجورنيه، والبريطاني ديفيد كاميرون، أنّ هناك جهوداً كبيرة تُبذل لنزع فتيل التوترات بين إسرائيل و"حزب الله"، وأنّ هناك اقتراحات أميركية أوروبية لتجنّب تفاقم الوضع، مع تشديد دولي على ضرورة دعم المؤسسة العسكرية وتعزيز قدراتها في منطقة جنوب الليطاني، حيث ينتشر هناك حالياً لواءان وفوجٌ واحدٌ للجيش اللبناني.

ويأتي المقترح الأميركي الأوروبي لزيادة عديد الجيش اللبناني على الحدود، وتعزيز تعاونه مع "اليونيفيل"، ضمن إطار بنود الحلّ الدبلوماسي، والشروط الإسرائيلية لإبعاد "حزب الله" إلى شمال الليطاني، الذي من أبرز العاملين على خطّه، عاموس هوكشتاين، كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، والمنتظر أن يعود إلى بيروت، في حال حمله أيَّ تقدم إيجابي ملموس.

ويترقب لبنان مفاوضات الهدنة في غزة، التي من المتوقع أن تنعكس مباشرة على جبهته الجنوبية، وتحمل معها تفاهمات جديدة على صعيد التهدئة في الجنوب، تؤسِّس للمرحلة المقبلة، وعنوانها العريض، الترسيم البري، خصوصاً أن "حزب الله" لم يقفل باب التشاور غير المباشر الذي على الدولة اللبنانية أن تقوم به، لكنه أرجأ فتحه إلى حين انتهاء العدوان على غزة.

وقال موقع "أكسيوس" الأميركي، أمس الثلاثاء، إنّ واشنطن وحلفاءها الأوروبيين يأملون الإعلان قريباً عن سلسلة من الالتزامات، التي تعهّدت بها إسرائيل و"حزب الله"، لنزع فتيل التوترات واستعادة الهدوء على الحدود.

وقالت مصادر تبعاً للموقع إنّ "التفاهمات ستتضمّن التزاماً من الطرفين بوقف المناوشات على الحدود، ونقل حزب الله قواته كافة على بعد ثمانية إلى عشرة كيلومترات فقط من الحدود الإسرائيلية، على أن يرسل الجيش اللبناني ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف جندي إلى المنطقة الواقعة على طول الحدود، في حين تلتزم إسرائيل سحب بعض القوات، التي حشدتها على طول الحدود خلال الأشهر الأربعة الماضية، ووقف التحليق الذي تقوم به طائراتها المقاتلة في الأجواء اللبنانية".

مصدر في "حزب الله": لا واقع جديداً في الجنوب

في الإطار، قال مصدر نيابيّ في "حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، "إننا لم نتسلّم أي مطالب إسرائيلية، بل نسمع عنها عبر الإعلام، وتصل إلينا بعض الأجواء من المسؤولين اللبنانيين، لكن موقف حزب الله أصبح معروفاً لجهة ارتباط جبهة الجنوب اللبناني بغزة. أما المفاوضات الأخرى، فالدولة اللبنانية تقوم بها على غرار الترسيم البحري"، مضيفاً: "على إسرائيل أن تنسحب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، وتوقف خروقاتها وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية، وهي لن تتمكن من فرض أي واقع جديد في الجنوب، خصوصاً إذا كان على حساب أهالي القرى الحدودية".

أما الموقف اللبناني الرسمي، فقد عبّر عنه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله بو حبيب، بقوله: "نحن لا نريد حرباً، بل اتفاقاً بواسطة الأمم المتحدة، والفرنسيين والأميركيين، على الحدود، ويمكن الحديث به الآن، لكن لا يمكن أن يصبح نهائياً قبل انتخاب رئيس للبنان ووقف الحرب على غزة".

وحول الشروط الإسرائيلية بشأن انسحاب "حزب الله" إلى شمال الليطاني، وخصوصاً فرقة "الرضوان"، قال بو حبيب في مؤتمر صحافي أمس بعد لقائه نظيره الفرنسي: "هذا الكلام ينقله الإسرائيلي، ونحن مستعدون لقيام اتفاق على الحدود، فهناك 13 نقطة خلافية، وتطبيق القرار 1701 بحذافيره".

وأضاف: "لا شروط لبنانية، بل يجب اقناع الإسرائيليين بوقف احتلالهم لقسم من لبنان، ونحن نقترح على الخارج مساعدتنا في تجنيد حوالى 6 إلى 7 آلاف جندي في الجيش اللبناني، ونلقى ترحيباً على هذا الطرح".

وحول ما إذا كان هذا الكلام يعني أن يكون الجيش بديلاً من "حزب الله" على الحدود، اكتفى بو حبيب بالقول: "الجيش لوحده، وحزب الله لوحده، ونحن في حوار دائم مع حزب الله".

اهتمام أميركي بدعم الجيش اللبناني

في السياق نفسه، قال النائب في البرلمان اللبناني عن "قوى التغيير"، ياسين ياسين، لـ"العربي الجديد"، إن "الإدارة الأميركية هدفها الجيش اللبناني واستمرارية دعمه، إلى جانب رئاسة الجمهورية".

وأضاف ياسين الذي زار واشنطن والتقى وفد نيابي لبناني مسؤولين بالإدارة الأميركية أن "الموضوع الأساسي كان بوضع خط أحمر بوجه إسرائيل لمنع جرّ لبنان إلى حرب لن تقتصر على الأراضي اللبنانية، بل ستمتد إلى المنطقة ككلّ، التي تقف اليوم على كفّ عفريت".

وتابع: "كان التشديد على ضرورة عدم تقليص دعم الجيش اللبناني، سواء المالي واللوجستي، الأمر الذي يجعلنا نطبق أكثر القرار 1701 لأننا بحاجة إلى المؤسسة العسكرية التي أثبتت على مرّ السنين أنها على مسافة واحدة من الجميع".

كذلك، قال ياسين: "سمعنا من الأميركيين أن الحكومة الإسرائيلية غير قادرة على تطبيق القرار 1701، وتطالب في الوقت نفسه بانسحاب قوات الرضوان من جنوب الليطاني، فكيف لها أن تضع شروطاً في حين هي تستمرّ في خرقها السيادة اللبنانية، برّاً وجوّاً وبحراً، وتحتل أراضي لبنانية؟"، مشيراً إلى أن "قوات الرضوان هم من أهالي وسكان الجنوب، والقرار 1701 يحتاج إلى الكثير من العمل حتى تطبيقه، ويحتاج إلى جهتين لذلك، ليس فقط لبنان".

ولفت ياسين إلى أن "هناك خطوات تدريجية لتطبيق القرار 1701، ويجب أن نكون عقلانيين، ونسلك الحلول الدبلوماسية التي تبقى أفضل من تلك العسكرية، التي سيخرج الكل منها خاسراً، وكما يريد الإسرائيليون العودة إلى مستوطنات الشمال، فإن أهالي الجنوب يريدون أيضاً العودة إلى منازلهم وقراهم، وعلى الإسرائيلي أن يوقف اعتداءاته عليهم".

وأشار ياسين إلى أن "الخشية لا تزال موجودة من اندلاع عدوان على لبنان، خصوصاً أنه كل يوم من الحرب على غزة، يزيد فرص جرّ لبنان إلى حرب، من هنا ركزنا عند المسؤولين الأميركيين على ضرورة وضع خط أحمر بوجه إسرائيل لمنعها من جرّ لبنان إلى الحرب".