كييف تطالب بتعزيز الدعم الغربي بعد تحذيرات من غزو روسي وشيك

كييف تطالب بتعزيز الدعم الغربي بعد تحذيرات من غزو روسي وشيك

20 فبراير 2022
زيلينسكي أعرب عن عدم رغبته في الرد على الاستفزازات الروسية (Getty)
+ الخط -

شدّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس السبت، على أنّ بلاده تُشكّل "درع" أوروبا في وجه روسيا، وتستحق مزيداً من الدعم، مطالباً بجدول زمني لانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، في ظل مخاوف من غزو روسي تقول واشنطن إنّه وشيك، بينما استعرضت موسكو قوّتها عبر اختبار صواريخ بقدرات نووية.

ودان زيلينسكي، في خطابه أمام مؤتمر ميونخ للأمن، ما وصفها بـ"سياسة مهادنة" ينتهجها الأوروبيون حيال موسكو. وقال الرئيس الذي توجّه إلى ميونخ رغم اشتداد حدّة القصف في شرق بلاده ومقتل جنديَّين أوكرانيين إنّه "على مدى ثماني سنوات، كانت أوكرانيا درعاً. وعلى مدى ثماني سنوات، كانت أوكرانيا تصدّ جيشاً يُعدّ بين الأكبر في العالم".

وطالب زيلينسكي بـ"جداول زمنية واضحة وعملية" لانضمام أوكرانيا إلى الأطلسي، وهو أمر تعتبره موسكو خطاً أحمر بالنسبة إلى أمنها.

واقترح زيلينسكي لقاء فلاديمير بوتين لمعرفة "ما الذي يريده الرئيس الروسي". وأكد زيلينسكي لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء السبت، أنه لن "يردّ" على "الاستفزازات" الروسية في شرق أوكرانيا، مشدداً على استعداده "للحوار" مع موسكو.

وأوردت الرئاسة الفرنسية بعد محادثة بين الزعيمين دامت نحو ساعة، أن زيلينسكي "أعرب عن عدم رغبته في الرد على الاستفزازات على طول خط التماس" وأنه عهد إلى ماكرون "إبلاغ فلاديمير بوتين باستعداد أوكرانيا للحوار".

من جهته، أعرب الاتحاد الأوروبي، السبت، عن قلقه حيال ما اعتبر أنها جهود مكثّفة للتلاعب بالمعلومات، هدفها دعم ذرائع ملفّقة لتبرير تصعيد عسكري محتمل في أوكرانيا. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان إن "الاتحاد الأوروبي قلق للغاية من أن أحداثاً مدبّرة يمكن أن تستخدم ذريعة لتصعيد عسكري محتمل".

وواصل المسؤولون الغربيون في ميونخ التحذير من نيّات موسكو حيال أوكرانيا، بعدما قال الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة إنّه "مقتنع" بأنّ بوتين خطّط لغزوها في عملية سيجري في إطارها استهداف العاصمة كييف في غضون أيام.

وجدّدوا تحذيراتهم لروسيا من عقوبات واسعة في حال شنّها هجوماً، فيما أشارت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إلى أن ذلك سيدفع الحلف الأطلسي إلى تعزيز "جناحه الشرقي"، بينما حضّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الغرب على "الوقوف بقوة صفاً واحداً".

لكن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، حذّرت من "التكهّن" بنيّات روسيا. وقالت لصحافيين، رداً على سؤال عمّا إذا كانت تتفق مع تقييم بايدن، إنّه "في الأزمات، أسوأ ما يمكن فعله هو التكهّن أو افتراض" قرارات الطرف الآخر. وتابعت: "لا نعرف إن كان قد اتُّخذ قرار بشنّ هجوم".

وخالف زيلينسكي توقعات واشنطن التحذيرية، وقال أمام كبار المسؤولين وخبراء الأمن من جميع أنحاء العالم: "لا نعتقد أنّ علينا أن نفزع".

اختبارات لصواريخ استراتيجية

أثارت التحذيرات الأميركية وتصاعد حدّة المواجهات في شرق أوكرانيا وإجلاء مدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرة المتمرّدين المدعومين من روسيا، مخاوف من اندلاع نزاع كبير في أوروبا، ليبلغ التوتر الذي بدأ قبل أسابيع ذروته.

ويصرّ الكرملين على أنّه لا يخطّط لغزو أوكرانيا. لكنّ موسكو لا تتخذ أيّ خطوات لتخفيف المخاوف، فيما اتّهمت وسائل الإعلام الرسمية الروسية كييف بالتخطيط لهجوم على جيب خاضع للمتمرّدين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.

وبثّ التلفزيون الروسي صوراً لبوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو في أثناء جلوسهما إلى طاولة مستديرة في غرفة العمليات في الكرملين أمام شاشات تظهر القادة العسكريين وهم يختبرون أحدث صواريخهم الفرط صوتية والمجنحة والباليستية ذات القدرات النووية.

وقال الكرملين إنّ "كلّ الصواريخ أصابت أهدافها، ما يؤكد أهدافها المرتبطة بالأداء"، مشيراً إلى أنّ قاذفات من طراز "تو-95" وغواصات شاركت في التدريبات.

وتصرّ الولايات المتحدة على أن روسيا اتّخذت قرار غزو جارتها، إذ حشدت نحو 150 ألف جندي عند حدود أوكرانيا، وهو عدد يرتفع إلى 190 ألفاً إذا احتُسبت القوات الانفصالية المدعومة من روسيا في شرق البلاد.

وتشارك قوات روسية (نحو 30 ألف جندي) في بيلاروسيا، في تدريبات من المقرر اختتامها الأحد. ولفتت موسكو إلى أن هذه القوات ستعود إلى ثكناتها، لكنّ أجهزة الاستخبارات الأميركية قلقة من أنها قد تشارك في غزو أوكرانيا.

وأعلنت روسيا سلسلة عمليات سحب لقواتها من حدود أوكرانيا في الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أنها تشارك في تدريبات عسكرية دورية، واتّهمت الغرب بـ"الهستيريا" بسبب زعمه أنّها تخطط لغزو جارتها. لكنّ بوتين صعّد لهجته مطالباً بضمانات خطية بأن لا يُسمح لأوكرانيا أبداً بالانضمام إلى الأطلسي، وبأن يسحب الحلف الذي تقوده واشنطن قواته المنتشرة في شرق أوروبا إلى المواقع التي كان موجوداً فيها قبل عقود.

 "ازدياد كبير" في المواجهات

وذكر مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، السبت، أنّ الجبهة بين الجيش الأوكراني والانفصاليين المدعومين من موسكو في منطقتي دونيتسك ولوغانسك شهدت "زيادة كبيرة" في الانتهاكات لوقف إطلاق النار بين الطرفين. وسجّلت مئات الهجمات بالمدفعية والهاون في الأيام الأخيرة، في نزاع مستمر منذ ثماني سنوات، أدى إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص.

وأكّدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، السبت، أنها سجّلت 1500 خرق لوقف إطلاق النار في دونيتسك ولوغانسك خلال يوم واحد فقط. وتبادل الجيش الأوكراني والقوات الانفصالية الاتهامات بشنّ قصف السبت، إذ أعلنت كييف مقتل جنديين في القصف.

وسقطت عشرات قذائف الهاون على بُعد مئات الأمتار من المكان الذي كان وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي يلتقي فيه صحافيين السبت خلال تفقّده جبهة القتال في شرق البلاد. وأُجبر الوزير على الاختباء لدى انفجار القذائف، بعيد إدلائه بتصريحات لوسائل إعلام دولية، وفق ما أفاد مراسلو فرانس برس.

واتّهم المتمرّدون القوات الأوكرانية بشنّ هجمات جديدة السبت، وأعلنوا التعبئة العامة في المنطقتين، داعين الرجال إلى القتال، بينما أعلنوا حصول عمليات إجلاء واسعة للنساء والأطفال إلى روسيا.

واتّهمت موسكو والمتمرّدون كييف بالتخطيط لشنّ هجوم لاستعادة المنطقتين، وهو أمر نفته أوكرانيا بشدة، واعتبره الغرب جزءاً من الجهود الروسية للتمهيد لحرب.

وأفادت لجنة التحقيقات الروسية بأنها فتحت تحقيقاً بشأن تقارير إعلامية تحدثت عن انفجار قذيفة أطلقت على بعد نحو كيلومتر عبر الحدود في منطقة روستوف الروسية، دون أن تسبب وقوع أضرار أو إصابات.

وندّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بالتقارير التي أفادت عن سقوط قذائف أوكرانية في أراضٍ روسية، معتبراً أنها "زائفة".

في الأثناء، دعت كل من فرنسا وألمانيا مواطنيها إلى مغادرة أوكرانيا. ونقل حلف شمال الأطلسي موظّفيه الموجودين في أوكرانيا من العاصمة كييف إلى مدينة لافيف في غرب البلاد، وإلى بروكسل حيث مقرّه، لضمان سلامتهم، على ما أعلن مسؤول في الحلف لوكالة فرانس برس.

ولم يعطِ المسؤول تفاصيل بشأن أعداد هؤلاء الموظفين، مكتفياً بالقول إنّ "سلامة موظفينا أمر بالغ الأهمية، لذلك نُقل الموظفون إلى لافيف وبروكسل. ومكاتب حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا لا تزال تعمل".

وأعلنت شركة "لوفتهانزا" الألمانية للطيران والخطوط النمساوية وقف تسيير رحلات إلى كييف وأوديسا اعتباراً من الاثنين وحتى نهاية فبراير/ شباط، مع الإبقاء على الرحلات المتوجّهة إلى غرب أوكرانيا.

وانتقدت كوبا بشدة السبت، في خضمّ الأزمة حول أوكرانيا، "الهستيريا الدعائية" لواشنطن ضد موسكو، و"توسع" حلف شمال الأطلسي إلى حدود روسيا، وذلك خلال زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف  لهافانا.

(فرانس برس)

المساهمون