كورونا رئيساً للولايات المتحدة

كورونا رئيساً للولايات المتحدة

03 نوفمبر 2020
لن يهزم ترامب سوى فيروس كورونا (إيليجا نوفليج/Getty)
+ الخط -

ليس هناك من نهاية لائقة لعام 2020، سوى أن يتوَّج فيروس كورونا، الذي اجتاح العالم منذ أول أيامه، رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ويحكم البيت الأبيض، ولو لبضعة أسابيع في آخر أيامه الباقيات. لا يقل كوفيد 19 مكانة عن دونالد ترامب، وبما أن ترامب قد لمّح مراراً إلى استحالة تخليه بسهولة عن كرسي البيت الأبيض لصالح الديمقراطيين، فلن يفل الحديد إلا الحديد، ولن يهزم ترامب سوى الفيروس.
يراهن كثيرون على استطلاعات الرأي، التي تبدو واثقة بأن ترامب لن يذهب إلى فترة رئاسية ثانية، لكنها لا تبعث على الاطمئنان بذات القدر الذي يقدّمه فيروس كورونا. أعاد الوباء رسم خريطة العالم سياسياً واقتصادياً ورياضياً، ولا يبدو أن يوم الانتخابات الأميركية الذي يراقبه العالم سيكون في منأى عن الواقع الجديد.

مع اقتراب ليلة الحسم، قفز رقم الإصابات اليومية بفيروس كورونا إلى ما يزيد عن 100 ألف حالة، وبما أن ترامب نفسه هو من سلّم الولايات المتحدة للجائحة على طبق من ذهب، وبدت المنظومة الصحية الأميركية في عهده أقرب إلى الوضع في دولة نائية، يفترض أن يُعاقب الرئيس من الفيروس.
سيكون كورونا سيد العالم بلا منازع، إذا نجح في إرجاء إعلان نتائج الانتخابات إلى يوم آخر عن الموعد المقرر، وخصوصاً في ظل الاعتماد الكبير على التصويت عبر البريد، وسيسدي الفيروس خدمة للبشرية التي أنهكها، منذ يناير/كانون الثاني وحتى الآن، لو أن 9 ملايين و500 ألف أميركي، ممن أصيبوا بالفيروس، قد اتخذوا قراراً بأن ترامب لا يستحق ولاية ثانية، ولن يمنحوه أصواتهم.

أظهرت الأسابيع الماضية أن ترامب قد استنفد كل أوراقه لكسب ثقة الأميركيين، وبعد عجزه عن تقديم علاج للفيروس، ذهب للاستثمار في مكاسب ثانوية، أبرزها إطلاق قطار التطبيع مع دول عربية. لم يجد ترامب ما يقوله للشعب بشأن خصمه جو بايدن، فاتجه لتحذير الشارع الأميركي بأنه "لن يكون هناك مصادر للطاقة في حال تم انتخاب بايدن، ولن تكون هناك صناعة للنفط، ولن تكون هناك تدفئة في الشتاء، ولن تعمل مكيفات الهواء في الصيف، ولن تكون هناك كهرباء".

حشد ترامب كل المصائب أمام الشعب الذي يفكر في تغييره، ولم يكن ينقص فقراته الكوميدية، سوى التحذير بأن الولايات المتحدة ستنزلق نحو اليمننة، وأن واشنطن ستصبح نسخة من صنعاء، في حال انتخاب بايدن، أو أن الحوثي، الذي يهتف بالصرخة الخمينية بالموت لأميركا وإسرائيل، قد يرددها العام المقبل من حديقة البيت الأبيض.

احتفظ ترامب بعدد من الأوراق للعام الأخير من فترته الأولى، بهدف الفوز بفترة رئاسية ثانية، ابتداء من قتل زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني في العراق، وقتل زعيم "القاعدة في جزيرة العرب" قاسم الريمي في اليمن، وحارب التكنولوجيا الصينية من "هواوي" إلى "تيك توك"، فجاءه التهديد الذي لم يكن يتوقعه من "الفيروس الصيني"، كما يطلق عليه ساخراً.
الرئيس الذي جعل بلاده مستباحة أمام فيروس قتل 236 ألف نسمة، والذي يغذي الصراعات والحروب في دول الشرق الأوسط الفقيرة، بهدف إدامة عمليات بيع الأسلحة، لا يستحق سوى أن يسقط بشكل مدوٍ، وعلى أيدي فيروس تاجي، لا خصم ديمقراطي.