كباش إسقاط الحكومة الباكستانية: الأزمة تنتقل إلى الشارع

كباش إسقاط الحكومة الباكستانية: الأزمة تنتقل إلى الشارع

28 مارس 2022
مؤيّدون لخان ينتقلون من كراتشي للعاصمة، يوم السبت (صابر مظهر/الأناضول)
+ الخط -

في 8 مارس/ آذار الحالي، قدّمت المعارضة الباكستانية المكوّنة من معظم الأحزاب السياسية والدينية، قرار سحب الثقة من حكومة عمران خان إلى البرلمان، ولكن الحكومة بدأت تتباطأ في الرد على القرار داخل البرلمان وتتخذ خطوات مختلفة من أجل إرجائه.

هذا الأمر دفع المعارضة إلى الاحتكام للشارع من جديد، وهو ما فعلته الحكومة أيضاً، لتتحرك الحشود المعارضة للحكومة والمؤيدة لها، صوب العاصمة إسلام أباد، ووصلت بعضها صباح أول من أمس السبت، لترتفع المخاوف من وقوع صدام بين الطرفين.

إزاء هذا الوضع، لوّح وزير الداخلية شيخ رشيد بنشر قوات الجيش في العاصمة إذا دعت الحاجة، فيما لا يستبعد مراقبون أن يعلن رئيس الوزراء عن انتخابات مبكرة من أجل الخروج عن المأزق.

ووفق الدستور الباكستاني من المفترض أن يدعو رئيس البرلمان إلى اجتماع استثنائي من أجل التصويت على قرار سحب الثقة من الحكومة خلال 15 يوماً بعد تسليم القرار في الأمانة العامة للبرلمان.

غير أن حكومة خان رفضت ذلك بحجة أن إسلام أباد كانت تستضيف اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي منذ أكثر من أسبوع، وهو ما قبلته المعارضة احتراماً لهذا الحدث المهم، كما أعلنت في بيان.

دور المحكمة العليا في باكستان

ودعا رئيس البرلمان أسد قيصر، وهو من المقربين من خان وقيادي في الحزب الحاكم، يوم الجمعة الماضي، إلى اجتماع البرلمان، وكان على أجندته النظر في قرار سحب الثقة، وكانت المعارضة تنتظر الإدلاء بالصوت ضد حكومة خان، متوقعة أن الحكومة ستنهار، خصوصاً أن عدداً كبيراً من نواب الحزب الحاكم أعلنوا معارضتهم لعمران خان، مطالبين بإزاحته من المنصب.

كما أن الأحزاب المتحالفة مع الحزب الحاكم أيضاً وصلت إلى توافق مع المعارضة للتصويت ضد الحكومة. لكن قيصر عمد إلى فعل شيء لم تتوقعه المعارضة، إذ قدّم التعزية بوفاة أحد أعضاء البرلمان قبل أيام، وأعلن إنهاء الجلسة احتراماً لوفاة الرجل، معلناً أيضاً إرجاء الجلسة والنظر في قرار سحب الثقة، اليوم الإثنين.

وتخشى المعارضة أن يعمد رئيس البرلمان أيضاً لإرجاء عملية التصويت اليوم بأي ذريعة، ربما أبرزها أن الحكومة الباكستانية قدّمت دعوى في المحكمة العليا تطلب منها موقفاً من إلغاء أصوات جميع النواب الذين تركوا الحزب الحاكم وغيّروا ولاءهم.

واستندت الحكومة إلى المادة الدستورية 63 التي تنص على أن يكون عضو البرلمان صادقاً وأميناً، وعلى حد قول الحكومة فمن يغيّر ولاءه لن يبقى صادقاً ولا أميناً. وأعلنت المحكمة العليا أنها ستنظر في القضية خلال هذا الأسبوع.


لوّح وزير الداخلية بنشر الجيش في العاصمة

ولكن زعيم المعارضة في البرلمان شهباز شريف، وهو زعيم حزب "الرابطة - جناح نواز شريف"، لوّح بإعلان المعارضة العصيان المدني في حال إرجاء رئيس البرلمان التصويت على قرار سحب الثقة اليوم الإثنين.

وللضغط بهذا الاتجاه، بدأ الحزب بجمع مؤيديه في إقليم البنجاب للتوجه صوب العاصمة، وتقود تلك المسيرة ابنة نواز شريف، مريم نواز، وابن أخيه عضو البرلمان حمزة شريف، وتحرّكت المسيرة أول من أمس السبت، وكان من المفترض أن تصل أمس الأحد إلى إسلام أباد.

وتشارك في المسيرة آلاف السيارات والمؤيدين للمعارضة، وسُمّيت بمسيرة "الخلاص من الغلاء"، ما يشير إلى أن المعارضة تستغل التصدعات الداخلية في الحزب الحاكم وبين الأخير وبين الأحزاب المتحالفة، وتستغل كذلك الوضع السائد لا سيما المعيشي في ظل غلاء مستشر، ما قد يخرج الكثير من المواطنين الباكستانيين ضد الحكومة.

في هذا السياق، قالت مريم نواز، في حديث لها خلال تحرك المسيرة من مدينة لاهور، إن المواطن يائس من تعامل الحكومة التي وصفتها بالفاشلة، مؤكدة أن المواطن يصدر قراره اليوم بالخروج ضد الحكومة الفاشلة التي لم تعد مؤهلة لمواجهة تحديات البلاد الداخلية والخارجية.

كذلك بدأت المسيرات والحشود الأخرى تتوجه من إقليم السند الجنوبي وخيبربختونخوا، شمال غربي البلاد، صوب العاصمة، بقيادة جمعية علماء الإسلامي بزعامة المولوي فضل الرحمن، الذي يتزعم حالياً تحالف المعارضة من أجل الديمقراطية.

ويشارك فيها آلاف من أبناء المدارس الدينية والمعارضين للحكومة، وبدأت تصل إلى العاصمة منذ السبت، وستبقى فيها حتى تقرر الحكومة التصويت على قرار سحب الثقة من عمران خان.


حاولت الحكومة إرضاء حلفائها للحفاظ على تماسكها

من جانبه، حذر وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد أحمد، في مؤتمر صحافي السبت، من مغبة التلاعب بالأمن، ملوّحاً إلى أنه وفق الدستور يمكن لرئيس الوزراء أن يطلب نشر قوات الجيش من أجل إحلال الأمن في العاصمة، ولكنه طلب من المعارضة أن يحترم أنصارها القانون.

لكن زعيم حزب الشعب بلاول بوتو، اتهم الحكومة بالمسؤولية عما يحدث، قائلاً في كلمة له أمام اجتماع في مدينة باره جنار، شمال غربي البلاد، إن المعارضة مصممة على إحداث التغير عبر البرلمان ووفق القانون، غير أن الحكومة تتباطأ في ذلك، وبالتالي يقع اللوم عليها لا على المعارضة.

الحكومة تحشد في إسلام أباد

ولم تكتفِ الحكومة بإرجاء قرار سحب الثقة عبر المحكمة، بل أيضاً من خلال تحريك جمهورها، وأعلنت إقامة مهرجان شعبي كبير أمس الأحد في العاصمة.

لكن جمع الحشود في العاصمة من قبل الطرفين لم يعجب حتى المتحالفين مع الحكومة، إذ قال القيادي في حزب "الرابطة - جناح قائد أعظم"، نائب زعيم الحزب شودري برويز إلهي، في بيان، إن جمع الحشود في العاصمة ليس عملاً ديمقراطياً، بل قد يتسبب في انهيار العملية الديمقراطية في البلاد برمتها.

إضافة إلى ذلك، حاولت الحكومة للمرة الأخيرة إرضاء الأحزاب المتحالفة معها وإقناعها بالوقوف إلى جانب رئيس الوزراء، إذ عقد وزير الخارجية شاه محمود قرشي ووزير الدفاع برويز ختك اجتماعات السبت مع قيادة حزب الرابطة جناح قائد أعظم وحزب عوامي الوطني للمهاجرين، ولكن الحزبين أكدا في بيانين لهما أن الحكومة تأخرت كثيراً.

وفي تعليق لها، قالت الإعلامية هاديه بخش محمد، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تأخرت فعلاً في القضية والحزبين الآن مع المعارضة لأنهما توصلا إلى توافق قبل أن تتحرك الحكومة.

كذلك أكدت أن تعامل الحزب الحاكم لا يعجب الأحزاب المتحالفة ولا المواطنين، مشيرة إلى ما قاله قياديون في الحزب الحاكم من أن العمليات الانتحارية تجوز على برلمان يقف في وجه عمران خان، ويسحب الثقة عنه، لافتة إلى أن نبرة حديث رئيس الوزراء في حق المعارضين له أيضاً غير مناسبة.

وفي ظل كل ما يدور، بات دور المؤسسة العسكرية أهم، غير أن بخش محمد رأت أن هذه المؤسسة لم تقف مع خان، لذا استفحلت الأمور في وجهه، مؤكدة أن رئيس الوزراء يترقب قرار المحكمة العليا علها تقر بعدم صحة صوت كل نائب يترك حزبه، لكن الأمر قد لا يحدث، بالتالي الطريق الأخرى في وجه خان هو الاستقالة من منصبه وإعلان انتخابات مبكرة، وهو ما يحفظ له ماء وجهه ويحل النزاع من دون سحب الثقة عنه، لأن الأمر سيضره في المستقبل أيضاً.

المساهمون