قمة دول جوار السودان تنطلق في القاهرة غداً الخميس

قمة دول جوار السودان تنطلق الخميس في القاهرة في ظل تخوّف قوى سودانية من انحياز مصري

12 يوليو 2023
تتعثر الجهود الديبلوماسية لوقف الحرب في ظل تفاقم معاناة المدنيين (أسوشييتد برس)
+ الخط -

تنطلق في العاصمة المصرية، القاهرة، غداً الخميس، أعمال مؤتمر قمة دول جوار السودان، لمناقشة سبل وقف الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والحيلولة دون آثارها السلبية على دول الجوار.

ونقلت وسائل الإعلام في وقت سابق عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي قوله، إن القمة ستنظر في وضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة.

وتأتي قمة "جوار السودان" بعد 3 أيام من قمة اللجنة الرباعية التي شكلتها الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، وتضم كلًّا من كينيا وجيبوتي وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي الاجتماعات التي قاطعها وفد الحكومة السودانية لاعتقاده بعدم حياد كينيا التي تترأس اللجنة. كما تأتي قمة القاهرة بشأن السودان في ظل المبادرة السعودية الأميركية التي تجمدت منذ أسابيع نتيجة تعنت الطرفين في مواقفهما، وعدم التزامهما بالهدن المعلنة والمتفق عليها.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أن قمة دول جوار السودان تأتي حرصاً من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المُباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.

ويجاور السودان 7 دول، هي مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، كما للسودان حدود بحرية مع المملكة العربية السعودية، وأعلن عدد من الدول المعنية بالمؤتمر موافقته على المشاركة في القمة، وبدأ بعض الزعماء بمغادرة بلادهم، والتوجه إلى القاهرة، للمشاركة في القمة.

ولقي قرار القمة ترحيباً من بعض الأوساط السودانية، على رأسها السلطة القائمة برئاسة الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، إذ أعلنت وزارة الخارجية السودانية، ضمن بيان لها، أمس الثلاثاء، ترحيب السودان بقمة دول الجوار التي تستضيفها مصر بـ"غرض مناقشة الأزمة في السودان، مشيرة إلى أن ترحيبها يأتي "اتساقا مع موقفها الذي رحب بمبادرة جدة". 

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال مستشار قوات الدعم السريع أحمد عابدين، إنهم "يرحبون بأي جهد أو مسعى لإنهاء الأزمة الحالية في السودان، وقوات الدعم السريع ليس لديها موقف تجاه أي دولة بما في ذلك مصر، ولا نريد للسودان عيشاً بعيداً عن محيطه الإقليمي ودول جوار، كما عاشها في أيام نظام الرئيس المعزول عمر البشير"، متهما عناصر النظام السابق من الإسلاميين بـ"العمل على إعادة البلاد لعزلتها قبل الثورة، ذات المجموعة، تتسبب في توتر وعدم استقرار في العلاقات مع مصر وبقية دول الجوار، إذ تحول السودان إلى حواضن إرهابية تنشط ضد بلدانها".

وأضاف عابدين أن القاهرة لم تتواصل معهم بشأن القمة، لكنهم رغم ذلك "يرحبون بها ومستعدون للتعاطي معها بإيجابية"، مؤكداً أن "العلاقات الأزلية والتاريخية بين السودان ومصر ودور مصر المحوري في أفريقيا والعالم العربي يمكن أن تنجح في إحداث اختراق في المشهد السوداني، كما أنها تستطيع الضغط على الجيش لاسترداد قراره المختطف من قبل عناصر الحركة الإسلامية داخل هذا الجيش نفسه، ويمكن للقمة اتخاذ مواقف وإجراءات تمنع تمدد الحرب لدول الجوار أو تحول القتال إلى حرب أهلية يخطط لها النظام القديم، مستفيدة من دروس الحالة الليبية".

وحول مدى التضارب والتناقض بين التحركات المصرية وتحركات "إيغاد"، ذكر مستشار قوات الدعم السريع، أن على مصر "تجاوز اعتقادها بصدارة التأثير على الأحداث في أفريقيا، وذلك بعد التغيرات الواضحة في الموازين، لذا مطلوب منها أكبر قدر ممكن من التنسيق بين المبادرات كافة والمواءمة بينها وبين التحلي بقدر من الحيادية، والانتباه للترويج الكثيف من قبل الإسلاميين للمبادرة المصرية اعتقاداً منهم بأنها ستحقق لهم ما عجزوا عن فعله على أرض المعركة، مبينا أنه لا مجال لاتخاذ دولة مواقف وقرارات منفردة سواء مصر أو إثيوبيا أو غيرهما ولا الاكتفاء بمبادرة واحدة بعيدة عن التنسيق مع المبادرات الأخرى".

تحالف قوى الحرية والتغيير رحّب هو الآخر، في بيان له، بالقمة، معرباً عن أمله أن تتكامل مع الجهود المبذولة لإنهاء الحرب، وتسليم السلطة للمدنيين، واستعادة الاستقرار في السودان.

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، أوضح القيادي في "الحرية والتغيير" عمار حمودة، أنهم يدعمون كل الجهود الهادفة لإنهاء الحرب، "ونأمل أن يتوحد منبر التفاوض اتساقاً معها"، مشيراً إلى أن "العبرة في مضاعفة الضغوط على طرفي النزاع للتعامل بجدية تتناسب وحجم الكارثة".

وقال حمودة: "نحن لا نريد للسودان أن يكون أرض تجاذبات إقليمية أو دولية".

من جهته، قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر: "لمصر علاقة تاريخية مع السودان، مثلها مثل بقية دول الجوار الأخرى، التي لديها مصالح حقيقية معه، وإن كانت بعض دول الجوار أعلنت موقفاً صريحاً منحازاً لواحد من طرفي القتال، وإن أرادت تلك الدول إحداث تقدم في مجال إنهاء الحرب، فعليها أن تكون أكثر اعتدالا في مواقفها دون انحياز لأي طرف".

وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن على قمة القاهرة أن "تعبر بحق عن تطلعات الشعب السوداني، لرد الدين للشعب السوداني الذي وقف مع معظمها حين ألمت بها الخطوب، مستنكراً المواقف الرمادية لكثير من الدول، ووقوفها وقوف المتفرج أمام معاناة السودانيين الحالية، وتنكرها لهم".

وأشار عمر إلى أن القمة يمكن أن تلعب دوراً في وقف إطلاق النار، لكن "الحلول السياسية النهائية يجب أن تترك للقوى السياسية ولحوار شامل ومصالحة لا تستثني أحداً"، وحذر من "بوادر الاستقطاب الإقليمي تجاه الحرب في السودان إذ تتحرك مصر الداعمة للجيش من جهة، وكينيا وإثيوبيا الداعمتان للدعم السريع من جهة أخرى".

هذا حسب تقديره يعقد الأزمة في السودان، وفي نفس الوقت "يفرض على السودانيين العمل بجد لإحداث توافق بينهم، يجنب بلادهم حدة الاستقطاب والتدخلات الإقليمية. جميعها تدخلات تقف وراءها قوى عالمية"، مشدداً على أنهم في حزب المؤتمر الشعبي "يرفضون أي نوع من التدخل لتنفيذ أجندات دولية، والحل المتاح حالياً في السودان هو العودة إلى العملية السياسية وتطوير الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع تعديله لمعالجة إفرازات الحرب وظلالها، بحيث تشارك فيها كل القوى السياسية بعيداً عن الاصطفاف الأيديولوجي، وإعلاء المصالح الوطنية على المصالح الحزبية".

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 15 إبريل/ نيسان الماضي، وتسببت في مقتل آلاف السودانيين ونزوح ولجوء ما لا يقل عن 3 ملايين من العاصمة الخرطوم، ومدن أخرى، باتجاه ولايات أكثر أمناً أو باتجاه دول الجوار.

المساهمون