قمة أثينا الثلاثية: رغبة مصرية بعدم توسيع الهوة مع تركيا

قمة أثينا الثلاثية: رغبة مصرية بعدم توسيع الهوة مع تركيا

21 أكتوبر 2021
انعقدت قمة أثينا الثلاثية أول من أمس الثلاثاء (الأناضول)
+ الخط -

زادت القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص في أثينا، أول من أمس الثلاثاء، التوتر بين القاهرة وأنقرة والحساسيات التي شابت المفاوضات المتعثرة بينهما لتحسين العلاقات، على الرغم من محاولة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته التي ألقاها خلال القمة الابتعاد عن الهجوم المباشر على الأتراك، مع الإشارة الضمنية إليهم برفض مصر التوترات في المنطقة. لكن إسهامه في إصدار البيان المشترك الصادر عن القمة، الذي تضمن انتقادات صريحة لتركيا، كان السبب الرئيس لإصدار الأخيرة بياناً تحث فيه مصر على "التحالف مع الجانب الصحيح من منطقة شرق المتوسط". وجاء في البيان التركي أن قمة أثينا تُعد مثالاً جديداً على السياسات العدائية لأثينا ونيقوسيا ضد أنقرة وقبرص التركية، وأن "انضمام مصر لهذا البيان، مؤشر على أن الإدارة المصرية لم تدرك بعد الجانب الصحيح الذي يمكنها أن تتعاون معه شرق المتوسط". ودان البيان المشترك لأطراف القمة ما وصفها بـ"عمليات التنقيب غير القانونية التي تقوم بها السفن التركية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص والجرف القاري في المناطق البحرية التي تم ترسيمها بالفعل وفقاً للقانون الدولي، والانتهاكات المستمرة للمجال الجوي الوطني اليوناني والمياه الإقليمية في بحر إيجة وجميع الأنشطة غير القانونية الأخرى في المناطق الواقعة داخل الجرف القاري لليونان".


الرئاسة المصرية لم تنشر البيان المشترك مع اليونان وقبرص

وكان لافتاً أن الرئاسة المصرية لم تنشر رسمياً البيان المشترك الصادر عن القمة، في موقف يدل على عدم رغبتها في الاشتباك المباشر مع تركيا. وقال مصدر دبلوماسي مصري مطلع، إن هناك رغبة مصرية في عدم اتساع الهوة مع تركيا أكثر مما هي عليه، على الرغم من أن الملفات الشائكة ومحل الخلاف بين البلدين ما زالت غير محلولة. وأضاف المصدر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن المحرك الرئيس لمشاركة مصر مع اليونان وقبرص في القمة التاسعة من نوعها وفي هذا التوقيت، هو استشعار السيسي لأهمية الحفاظ على العلاقة بين البلدين، في ظل عدم حصول تغير جذري في موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تركيا. وكان السيسي يتوقع أن تحصل أنقرة على دعم أكبر من واشنطن في عهد إدارة جو بايدن، خصوصاً بعد التقارب الذي شهدته الأشهر السابقة لتسلّمه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وفي ظلّ بروز إشارات التشجيع لتعاون ثلاثي بين مصر وتركيا والاحتلال الإسرائيلي في مجال الطاقة. غير أن توقيت توقيع تجديد اتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة واليونان، أظهر دعماً أميركياً صريحاً لليونان ضد تركيا، يتفق مع مساعي الإدارات السابقة.

ويسمح هذا الاتفاق للقوات الأميركية بالتدريب والعمل في قواعد إضافية خارج قواعدها الحالية في اليونان، لمدة خمس سنوات إضافية، بعدما كان يتم تجديده سنوياً منذ عام 1990، مع إضافة تفاهم بسريان الاتفاق إلى أجل غير مسمى بعد ذلك، ما لم يقم أي من البلدين بتقديم إشعار قبل عامين. ويراقب السيسي الانتقادات الأوروبية الأخيرة لتركيا، المتعلقة أيضاً بالمشاكل الحدودية مع اليونان في بحر إيجة، والتي لم يحل دون تجددها انعقاد الجولة الـ63 من المشاورات التركية اليونانية المشتركة في 6 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. وبعد أيام قليلة من جلسة المشاورات، صادق البرلمان اليوناني على اتفاق دفاعي كبير مع فرنسا بقيمة ثلاثة مليارات يورو، لشراء ثلاث فرقاطات.

وذكر المصدر أن هذه المؤشرات الواردة من جهات يحرص السيسي على إرضائها وعدم الخروج عن القواعد التي تضعها للتعامل مع الأتراك، تكاملت مع الخلافات القائمة بالفعل حول التعامل مع ملف الإخوان المسلمين ووسائل الإعلام المعارضة في تركيا. كما تكاملت مع الإشكاليات القائمة حول الملف الليبي والخلافات على ملامح خريطة الطريق السياسية للمستقبل، وتقسيم مراكز القوى في النظام الحاكم والتواجد العسكري التركي في غرب ليبيا. واستدرك المصدر: "لكن الوضع الحالي، رغم دقته، قابل للتطور"، مشيراً إلى أن التصعيد الإعلامي في البيان المشترك الذي أعلنته اليونان وقبرص وردت عليه تركيا، لا يحجب حقيقة أن أثينا نفسها تسعى في الوقت الحالي لحل سياسي دبلوماسي لقضية الحدود البحرية مع تركيا، حتى تلك البعيدة عن المناطق المتنازع عليها. وهي نقطة إيجابية ترتبط مباشرة بمساعي ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا أيضاً، والتي ما زالت قيد المباحثات. وكشف المصدر أن اللقاء الثلاثي تطرق لهذه النقطة، وشارك رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعض المعلومات بشأن الاتصالات الأخيرة مع أنقرة، واحتمال اللجوء لطريقة مشابهة لما حدث في مفاوضات الترسيم بين اليونان وإيطاليا، عبر تعيين المناطق الاقتصادية الخاصة بالبلدين تحديداً في الجزر المتنازع عليها، وهو ما رحب به السيسي بوضوح.


طمأن السيسي أثينا ونيقوسيا وطالب في المقابل بدعمه أوروبياً

وتحدث المسؤولون اليونانيون والقبارصة مع السيسي عن طبيعة التقارب الحالي مع تركيا بعد جولة المباحثات الاستكشافية الثانية بين البلدين، لكنه طمأنهم بأن المباحثات ما زالت في طور البحث عن نقاط التقاء يمكن البناء عليها مستقبلاً، وأن التنسيق لن يكون موجّهاً ضد قبرص واليونان. وكشف أن مصر وضعت ضمن حزمة الشروط التي طلبت تحقيقها عدم المساس بالسيادة القبرصية، والابتعاد عن التصرفات الاستفزازية في المناطق المتنازع عليها، والالتزام بقواعد القانون الدولي، والابتعاد عن فرض ترسيم الحدود البحرية من طرف واحد كأمر واقع.

في المقابل، أكد السيسي ضرورة دعم البلدين لنظامه من خلال الاتحاد الأوروبي، من الناحيتين السياسية والمالية، ومواجهة محاولات الضغط على القاهرة أو وقف التعامل معها أو فرض بعض العقوبات على خلفية الملفات الحقوقية والسياسية والملاحظات الأوروبية العديدة التي تسجل على أداء النظام، والتركيز على سبل تطوير العلاقات بين البلدين. واستعرض المجتمعون الخطوات التنفيذية للربط بين حقل غاز أفروديت القبرصي ووحدتي الإسالة المصريتين في إدكو ودمياط، أسوة بما تم سلفا مع حقل ليفياثان المملوك للاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي قد يسهم في تحديد ملكية شبكة الأنابيب المقامة بين مصر وإسرائيل، المملوكة حالياً لشركة جديدة، بين شركتي "نوبل إنيرجي" الأميركية و"ديليك" الصهيونية وشركة "غاز الشرق" المصرية.

أخبار
التحديثات الحية