"قتلت إسرائيل قلبي".. غزيون يحصون أحباءهم في مجازر الإبادة

"قتلت إسرائيل قلبي".. غزيون يحصون أحباءهم في مجازر الإبادة

16 أكتوبر 2023
أبادت إسرائيل مناطق مأهولة بالكامل في حربها المستمرة على غزة (رويترز)
+ الخط -

"قتلت إسرائيل قبل قليل أغلى الناس على قلبي. قتلوا قلبي حرفيًا، أختي حبيبة قلبي وروحي وعمري كله وبناتها وأولادها وزوجها صديقي ورفيق العمر وأقاربي. ارتكبوا مجزرة في حياتي"، بهذه الكلمات وصف المغترب الفلسطيني كريم أبو الروس الصدمة التي تلقاها من قطاع غزة حيث تنسف الغارات الإسرائيلية عائلات كاملة.

وأضاف أبو الروس على "فيسبوك": "أسمع شيئًا واحدًا يتردد في أذني منذ الصباح، ولا أقوى على فعل شيء. تقول إيلين وسيلين ابنتا أختي جملتهما المشهورة على الهاتف: خذنا عندك يا خالو. بنفع أجي أنا يا خالو؟".

إيلين وسيلين كانتا من بين أكثر من 800 طفل سقطوا في الغارات الوحشية الإسرائيلية التي ضربت المناطق المكتظة بالمدنيين في مناطق متفرقة في قطاع غزة على مدار 10 أيام من الحرب.

ومثل أبو الروس، رشحت آلاف رسائل الفقد المفجع والاستغاثة من داخل القطاع لغزيين أبيدت عائلاتهم بأكملها، بعدما أخذت إسرائيل ضوءاً أخضر غربيا للرد على غزة، وذهبت فعليا باتجاه الإبادة الجماعية كما أظهرت المشاهد.

ووفق رصد جهات فلسطينية، ارتكب الاحتلال قرابة 50 مجزرة بحق عائلات في غزة، بعضها أبيد أفرادها بالكامل خلال عمليات القصف العنيف على المباني.

وقالت وزارة الصحة في غزة إنه بالمعدل، يسقط كل 5 دقائق شهيد جراء القصف المتواصل منذ 10 أيام، مشيرة إلى أن عدد الشهداء في الأيام الثمانية الأولى من الحرب فاق العدد في 51 يوماً من حرب 2014.

وأمام تسارع الأهوال وجرائم الإبادة الجماعية جراء غارات الاحتلال المستمرة على مناطق مكتظة بالمدنيين والنازحين، ليس من الممكن ذكر هويات الضحايا، ولم يجد الغزيون إلا تذكار أحبائهم في عبارات من الأسى والنعي على منصات التواصل.

بعبارات تفيض بمشاعر الحب الذي أحيل إلى ألم وحسرة، يعدد محمد أحمد من غزة، أسماء أفراد عائلته الذين سقطوا خلال القصف الوحشي في منشور على "فيسبوك"، كتب فيه: "أحتسب عن الله: أمي قرة عيني، وأخي رأفت تاج راسي، وزوجتي أوكسجين حياتي، وليندا نبض قلبي، وسيدرا نور عيوني، وهايدى فلذة كبدي، وقصي ابني وحبيبي وعمري وراس قلبي يابا والله قلبي يابا انتا الله يرحمك، وعبيدة حبيب قلبي يا عم روحت مع قصي حبيبك، وزوجة رأفت ونعم الزوجة، ويامن ابن رافت، وضياء أختي حبيبتي تاج راسي ونبضي، يختي ابنك معي في أمانتي. غيداء وهيفاء نور عيوني وقلبي ضي عيوني".

محمد أبو يحيى، فقد العشرات من عائلته، كتب: " الله جل في علاه اصطفى 43 من أفراد عائلتي شهداء. زوجتي الحبيبة (أم العبد). ابنتي الكبيرة العابدة (خديجة). ابنتي الصغيرة الحبوبة (ريم). ابني الأوسط جميل. ابني الصغير عبدالله".

وأضاف أن عائلات كاملة من أقاربه أبيدت: "عمتي الحبيبة أم زوجتي. أخو زوجتي خليل وزوجته. ابنة عمي وثلاثة من أطفالها. أخو زوجتي خالد. أخو زوجتي عبد الرحمن. أخو زوجتي علي. عم زوجتي جهاد. ابنة عمي زوجت جهاد وأبناؤهم شاهر، إبراهيم، حنين، رغد. زوجة وائل عم زوجتي، وأبناؤه معين، أحمد، أماني، ساجدة وأبناؤها. زوجة رائد عم زوجتي وأبناؤها إبراهيم وابنه، مريم وابنتها، وابنتا عمة زوجتي وزوجها وأبناؤهم".

وبدا أن سيل عبارات النعي التي انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل، سبيل أمام الغزيين لتذكار ضحاياهم، وسط الكارثة الحاصلة.

وقال مدير المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبدو إنه فقد هو الآخر عائلات كاملة من أقاربه، وكتب على "فيسبوك" سلسلة منشورات في نعيهم. جاء في أحدها: "التحقت بركب الشهداء ابنة خالي الدكتورة آية فروانة والأستاذة إسراء فروانة وأطفالهما، وابن خالي عزيز وابنة خالي سندس وأطفالهما.. إلى الملتقى".

وفي منشور آخر في نفس اليوم كتب عبدو: " تأكد استشهاد أنسبائي القاضي فهمي النجار والقاضية فاطمة المخللاتي والمستشار محمد والمهندس فراس وعوائلهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله".

الصحافي صالح مصري هو الآخر كان من بين عدد لا يحصى ممن فقدوا أحباءهم جراء مجازر الإبادة، إذ تعرض منزل عائلة شقيقه لقصف فجر اليوم الاثنين. وكتب مصري: "أحد عشر قمراً …شقيقي الأكبر الأستاذ محمود وزوجته وأولاده محمد وبراء وأحمد وزوجته وطفلته وابنته آيه وطفلها وزوجة أخي محفوظ وابنته. تم قصف منزلهم فجر اليوم دون سابق إنذار".

ووصل عدد الشهداء في قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب، إلى قرابة 2800 شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء. وأعلن جيش الاحتلال عن إلقاء آلاف الأطنان من القنابل على القطاع الذي تبلغ مساحته 365 كلم مربعا، ويصنف على أنه المكان الأكثر كثافة سكانية في العالم.

وحتى اليوم السادس للحرب، أعلن الاحتلال عن إلقاء 4 آلاف طن متفجرات بواقع 6 آلاف قنبلة على القطاع المحاصر برا وجوا وبحرا. وظهر هذا جليا في حجم الدمار الهائل في البنية المدنية السكنية، والذي دفع نحو نصف مليون مدني على النزوح إلى مناطق أخرى في القطاع هرباً من الدمار والقصف.

وقال الصحافي سامح أبو دية وهو أب لعائلة من مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة إن منزله دمر بالكامل بفعل سقوط قذائف على منزل مجاور.

وقال في رسالة صوتية لـ"العربي الجديد": "يوم السبت مع بداية الحرب، في الساعة السادسة والنصف، استيقظنا على صوت ضربات المقاومة، وتركنا منزلنا بحثا عن مكان آمن".

وأضاف: "كرست حياتي لبناء بيت مستقل لعائلتي. سكنته منذ 4 شهور فقط. في اليوم الثاني للحرب أبلغني جيران لنا أنه دمر بالكامل جراء القصف. منذ ذلك اليوم لم نستطع الوصول للمنطقة. دمرت مبان كثيرة وأراض زراعية، حيث تشتهر المنطقة بزراعة الفراولة. المحاصيل دمرت".

أصبح سامح وعائلته في عداد المهجرين ويقطن اليوم مع أقارب له في منزل خاله بغزة. يقول: "نعيش في كارثة إنسانية حقيقية. لا مقومات حياة هنا. لا يوجد طحين أو مواد غذائية. الكهرباء مقطوعة، نعيش على البدائل المتمثلة ببطاريات نعمل من خلالها على شحن أجهزة الجوال. مياه الشرب مقطوعة، نحن نشرب اليوم مياها غير صالحة".