قادة العالم في قمة "الأمل الأخير والأفضل" للمناخ في غلاسكو

قادة العالم في قمة "الأمل الأخير والأفضل" للمناخ في غلاسكو

01 نوفمبر 2021
ليس من المرجح إبرام أي اتفاقات إلا بعد ساعات أو أيام من موعد انتهاء المؤتمر (فرانس برس)
+ الخط -

يجتمع أكثر من 120 من قادة العالم الاثنين في غلاسكو، في قمة تمثّل "الأمل الأخير والأفضل" للتعامل مع أزمة المناخ وتجنّب وقوع كارثة وشيكة.

ويُعقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 26) في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، ويأتي بعد إخفاق قمة مجموعة العشرين في الالتزام بموعد تم تحديده في 2050 للوصول إلى مستوى صفري لانبعاثات الكربون، وهو الأمر الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه شرط للحيلولة دون تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويتوقع أن يؤكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمام المؤتمر، وفق مقتطفات من خطابه، أنه "علينا التحرّك حالاً.. ما لم نتعامل بجدّية مع التغيّر المناخي اليوم، فسيكون قد فات الأوان على أطفالنا للقيام بذلك غداً".

اتهامات متبادلة وتخوف من مصير مشابه لقمة العشرين

لكن مستوى الانتقادات بين الدول الأكثر مسؤولية عن الانبعاثات لن يجعل الأمر هيناً. حيث وجه الرئيس الأميركي جو بايدن انتقادات إلى الصين وروسيا لعدم تقديمهما مقترحات على الطاولة.

وقال بايدن الذي يواجه معارضة في الداخل لطموحاته بشأن المناخ للصحافيين، خلال قمة مجموعة العشرين، إن "خيبة الأمل تتعلق بأن روسيا والصين لم تقدما أي تعهدات للتعامل مع تغير المناخ".

كما من المنتظر أن يلقي الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة أمام المؤتمر اليوم في بيان مكتوب، وذلك وفقاً لجدول رسمي.

وأمِل مراقبون أن يعطي اجتماع قادة مجموعة العشرين، وهي الدول التي تمثل 80 بالمئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، زخماً قوياً لقمة "كوب26" المنعقدة في غلاسكو، بعدما تأجّلت مدة عام جرّاء الوباء.

وأعربت كبرى اقتصادات مجموعة العشرين، الأحد، عن التزامها بحصر الاحترار المناخي بحدود 1,5 درجة مئوية، الهدف الأكثر طموحاً لاتفاقيّة باريس المبرمة عام 2015.

كما اتفقت على وقف تمويل محطات جديدة تعمل بالفحم في مختلف أنحاء العالم بحلول أواخر العام 2021.

ولكنها لم تعترف سوى "بالأهمية الرئيسية" للوصول إلى مستوى صفري للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري "بحلول منتصف القرن، أو نحو ذلك، دون تحديد جدول زمني لتخلص الدول التدريجي من الفحم. ولم تخرج المحادثات بوعود قاطعة للحد من انبعاثات غاز الميثان، وهو غاز آخر من الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على "تويتر": "في حين أرحّب بتأكيد مجموعة العشرين التزامها بحلول عالمية، أغادر روما بآمال لم تتحقق، وإن كانت لم تُدفن على الأقل".

إذا تحرّكنا معاً سيكون بإمكاننا حماية كوكبنا الغالي

وصرّح جونسون الأحد: "أحرزنا تقدماً (خلال قمة مجموعة العشرين). وضعنا أنفسنا في موقع معقول استعداداً لكوب في غلاسكو، لكن الوضع سيكون صعباً للغاية في الأيام القليلة المقبلة"، محذراً: "إذا فشل (مؤتمر) غلاسكو فإنّ كلّ شيء سيفشل".

ويأتي مؤتمر غلاسكو، الذي يستمر حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني، في وقت تعكس ظروف الطقس الصعبة في مختلف أنحاء العالم التداعيات المدمّرة لتغيّر المناخ الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري على مدى 150 عاماً.

وستؤدي التعهدات الحالية للبلدان بخفض الانبعاثات إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الكوكب 2.7 درجة مئوية هذا القرن، وهو ما تقول الأمم المتحدة إنه سيؤدي إلى زيادة الدمار الذي يسببه تغير المناخ بالفعل، من خلال اشتداد العواصف وتعريض المزيد من الناس للحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة، والقضاء على الشعاب المرجانية وتدمير الموائل الطبيعية.

وقال رئيس القمة ألوك شارما، لدى افتتاحها الأحد، إنّ مؤتمر "كوب 26" يمثّل "الأمل الأخير والأفضل لإبقاء (هدف) 1,5 درجة مئوية ممكناً". وأضاف: "إذا تحرّكنا الآن وتحرّكنا معاً، فسيكون بإمكاننا حماية كوكبنا الغالي".

بدورها، أعربت مجموعات مدافعة عن المناخ عن خيبة أملها حيال البيان الصادر في ختام قمة مجموعة العشرين.

وقالت نامراتا تشاوداري، من منظمة "350.org" غير الحكومية، الأحد: "على هؤلاء الذين يطلق عليهم قادة القيام بأداء أفضل. لديهم فرصة أخرى في هذا الصدد تبدأ غداً".

 

بعد الصين.. الأنظار على الهند

وبينما قدّمت الصين، أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، خطتها الجديدة بشأن المناخ إلى الأمم المتحدة مؤخراً والتي كررت فيها هدفها القائم منذ مدة طويلة ببلوغ الانبعاثات ذروتها بحلول العام 2030، تتسلّط الأضواء حالياً على الهند.

لم تكشف الهند بعد عن "مساهمتها المحددة وطنياً" الجديدة، لكن في حال أعلن رئيس وزرائها ناريندرا مودي عن جهود جديدة للحد من الانبعاثات في خطابه الاثنين، فسيكثّف بذلك الضغوط على الصين وغيرها، بحسب ألدن ماير من مركز أبحاث الطاقة والمناخ "E3G".

وأما المسألة الأخرى الملحة، فتتمثّل بإخفاق الدول الغنية في تخصيص مئة مليار دولار سنوياً اعتباراً من العام 2020، لمساعدة الدول النامية على خفض الانبعاثات والتأقلم، بناء على تعهّد صدر أول مرة سنة 2009.

وتأجّل هذا الهدف إلى العام 2023، ليفاقم أزمة الثقة بين دول الشمال، المسؤولة عن الاحترار العالمي، وتلك الواقعة في جنوب الكرة الأرضية والتي تعد ضحية تداعياته.

وشددت ليا نيكولسن، بالنيابة عن "تحالف الدول الجزرية الصغيرة" الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن تغيّر المناخ، على أن "التمويل المرتبط بالمناخ ليس عملاً خيرياً. إنها قضية عدالة"، فيما نددت كذلك برفض الاقتصادات الكبرى التخلي عن الفحم.

وقالت إن التوقعات الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة بأنه يمكن أن يصل العالم إلى عتبة 1,5 درجة مئوية قبل عشر سنوات من الموعد المتوقع، أي بحلول 2030، "مرعبة"، خصوصاً بالنسبة للأشخاص الأكثر تأثراً بأزمة المناخ والذين يعانون أساساً من التداعيات في عالم ارتفعت درجة حرارته بحوالي 1,1 درجة مئوية.

ولفتت إلى أنه رغم كل ذلك، يبدو أن البعض لا يشعرون بالخوف، بل إنهم حتى غير آبهين.

لا العام المقبل ولا الشهر المقبل.. الآن

ويرجّح أن تلقى تصريحاتها صدى في خطابات قادة الدول الأفريقية، وتلك المطلة على الهادئ، الاثنين والثلاثاء.

وفيما يستبعد حضور الرئيسين الصيني والروسي شخصياً؛ فإن عشرات رؤساء الدول والحكومات، بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة دول الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، سيحضرون في غلاسكو.

وستراقب تصريحاتهم وخطواتهم عن كثب، خصوصاً من قبل الناشطين الشباب الذين توجّهوا إلى اسكتلندا رغم العقبات الماثلة جرّاء الوباء.

وقالوا في رسالة مفتوحة صدرت عن عدد منهم، بمن فيهم الناشطة السويدية غريتا تونبرغ التي وصلت الأحد بالقطار: "كمواطنين من مختلف أنحاء الكوكب، نحضّكم على مواجهة حالة الطوارئ المناخية.. لا العام المقبل ولا الشهر المقبل. الآن".

وبعد يومين من الكلمات التي يلقيها زعماء العالم اعتباراً من اليوم، ستعقب ذلك مفاوضات فنية. وليس من المرجح إبرام أي اتفاقات إلا بعد ساعات، أو حتى أيام، من موعد انتهاء المؤتمر في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني.