فلسطين ليست غطاء

فلسطين ليست غطاء

14 يناير 2022
لم تستطع زيارات الوفود الفلسطينية إعادة المُهجرين لمخيمات سورية (Getty)
+ الخط -

خلال السنوات العشر الأخيرة، وصل الجدل حول استخدام القضية الفلسطينية كمبرر لسياسات بعينها في المنطقة إلى ذروته. محور البحث عن التطبيع كرر أن سياساته تلك جاءت "خدمة للقضية الفلسطينية".

وفي مقابل ذلك، أمعن آخرون في استخدام فلسطين كمبرر لاستهداف الشارع العربي ودوله، من صنعاء إلى بيروت، حيث تحالفت قوى سياسية ومسلحة لترسيخ مشاريع لا علاقة لها بمصالح وحرية الشعوب.

الساحة السورية قدمت أحد أهم الأمثلة على سوء استخدام اسم فلسطين كمدخل لتسويق التدمير والتهجير وجلب كل الجماعات المسلحة، بإشراف إيراني، لقمع تطلعات الشعب إلى الديمقراطية والحريات، وبحجج واهية عن "مواجهة المؤامرة".

وتُعمق انتقائية البعض الفلسطيني ذلك الجدل المتواصل، خصوصاً في جعل المعاناة الذاتية فوق معاناة العمق العربي، شعوباً وقوى سياسية، بالتصريح تارة بتمجيد تدخل إيران في سورية، (كما ذهب القيادي في "حماس" محمود الزهار في ذكرى مقتل قاسم سليماني)، وفي أخرى وصف تجميد الجامعة العربية عضوية النظام السوري بأنه "عار"، (وهو ما صرح به أخيراً أمين سر حركة "فتح" جبريل الرجوب بعد زيارة دمشق). 

ولم تستطع كل زيارات الوفود الفلسطينية إعادة مئات آلاف الفلسطينيين المُهجرين إلى منازلهم في مخيمات سورية.

ساحة الشتات الفلسطيني عانت لسنوات جراء تلك السياسات، خصوصاً بعد مشاركة البعض، على قلته، بحمل السلاح إلى جانب نظام بشار الأسد في سورية. فتحت ذرائع "مواجهة المؤامرة" قاتل هؤلاء كتفاً إلى كتف مع مرتزقة مستجلبين من باكستان وأفغانستان والعراق، مثلما غرق "حزب الله" في الوحل السوري باسم "طريق القدس".

وعليه، القضية الفلسطينية لا تحتمل تحويلها إلى غطاء لسياسات لا علاقة لها ببوصلة فلسطين، ولا بالحفاظ على العمق الشعبي العربي. ويصعب فهم أن شعارات "الموت لإسرائيل" و"يا قدس إنا قادمون"، وبروباغندا "محو إسرائيل في 7 دقائق"، هي حقاً في خدمة تحرير فلسطين، إذ إن الناتج على الأرض مزيد من القتل والتدمير لشعوب عربية.

ببساطة، الحالة الفلسطينية لا تحتاج استمرار عبثية قراءة الدم الفلسطيني بأنه أعلى شأناً من دماء أشقائه العرب، أقله من منطلق عدم تجزئة الحرية والعدالة والكرامة. فمعاناة الشعب السوري واليمني والعراقي واللبناني، ومخيمات اللجوء الفلسطيني، لا تستحق أن تستمر باسم "الممانعة" والقضية.

وهي حالة تحتاج رسمياً وفصائلياً، سواء من "حماس" و"فتح" أو من بقية التيارات، بيسارها وقومييها، إلى وقفة لمراجعة هذا التمادي في استباحة الدماء العربية بحجة فلسطين.

المساهمون