فرجة رسمية عربية مكلفة

فرجة رسمية عربية مكلفة

03 نوفمبر 2023
بعد قصف مخيم النصيرات بغزة، الثلاثاء (محمد دهمان/أسوشييتد برس)
+ الخط -

صحيح أن الزمن ليس زمن غزو لبنان وحصار بيروت في عام 1982، وارتكاب مذبحة صبرا وشاتيلا، إلا أن طبيعة الأسئلة المطروحة حالياً شبيهة بتلك المرحلة، خصوصاً حيال مواقف عربية رسمية متناقضة مع شوارعها، كما هو الحال في بعض حكومات الغرب.

 

ولأنه ليس ذات الزمن، بتغيّر هائل في المعرفة والاطلاع، فإن شوارع عربية كثيرة باتت لديها القدرة والإرادة على تمييز ما عاناه ناس فلسطين على مدار 75 سنة نكبة، والتراخي الرسمي. واليوم، مثل أمس 1982، بات سؤال شارع عربي مختلف عن سابقيه، حول ماهية وأسباب وجود الجيوش والأسلحة، ممجوجاً بعد انفضاح الصورة والأهداف.


ومن المفارقات العربية-الغربية ليس فقط أن دولاً في أميركا اللاتينية، وغيرها عالمياً، اتخذت خطوات ومواقف تتجاوز "أشقاء" ركنوا إلى مواقف "الشجب والاستنكار" والدعوة إلى "قمة طارئة" بعد شهر من المذبحة، بل أيضاً مقاربات الشوارع بين الأنظمة العربية وفتح مخازن سلاح دول كبيرة وصغيرة من التبعية الأميركية في أوروبا لجيش الاحتلال.

 

بالطبع ليس المطلوب فتح المخازن، فالشارع العربي أذكى أصلاً من ذلك. لكن أقلّه أن تكون المنظومة العربية بجرأة بعض الدول اللاتينية، لا أن تقتصر، بعد شهر على الدمار واستباحة دماء آلاف الضحايا، على بعض البيانات والخطوات الرمزية.


فمشكلة بعض السياسات العربية، ونتيجة تكبيلها بسلب الإرادة وحساباتها الخاطئة، ذهابها بقدميها نحو دفع ثمن رخصة القتل الأميركية الممنوحة لدولة الاحتلال، وتراخيها أمام جرائم الحرب، والتي ستؤسس لغضب آخر، قد يتجاوز حتى الموجات الأولى للربيع العربي في 2011.


وبعيداً عن "صواريخ" الخطابات العاطفية من هنا وهناك، كان يمكن للحالة العربية أن تستغل ما يجري لصالحها في التنافس بين الشرق والغرب، من أجل وضع حد للاستهتار الأميركي-الغربي لصورتها ومستقبلها ومشروعيتها أمام شعوبها.


فأمام الرسميين العرب صورة واضحة. لم يكن هناك من هو أكثر "سلمية" و"ليونة" من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بعد رحيل ياسر عرفات. ومع ذلك ماذا أنتجت 20 سنة ماضية؟ حصار غزة استمر، مع رفض حل الدولتين، ومواصلة تهويد القدس، وبناء مليشيات استيطانية معربدة، بتسليح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لها أمام عيون "العالم المتحضر".


صلف واستعلائية وعنجهية حكومات تل أبيب المتعاقبة تصاعد. وبعض العرب في زمن التطبيع صار يخطب ودّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمناداته "أبو يائيير"، وذلك في ذروة نشوء دولة الأبرتهايد، الراغبة بتطهير عرقي في فلسطين.


أمام ذلك، وغيره كثير وسط هذا الدمار على الهواء، فليسأل الرسميون العرب أنفسهم: هل بالفعل نتوقع أن يرفع الشعب الفلسطيني الراية البيضاء؟ أو أن يقبل بحكومة فيشي وكيلة للاحتلال؟

المساهمون