غموض حول الاستهداف الأميركي لـ"داعش" في سورية

غموض حول الاستهداف الأميركي لـ"داعش" في سورية

08 أكتوبر 2022
أسفرت العملية الأميركية عن مقتل قيادي في "داعش" (جون مور/Getty)
+ الخط -

لا يزال الغموض يكتنف استهداف القوات الأميركية بعض قيادات تنظيم "داعش" بريف الحسكة السورية، شمال شرقي البلاد، ليل الأربعاء ــ الخميس الماضي. 

ففي حين أكدت مصادر "العربي الجديد" حدوث عملية إنزال للقوات الأميركية، باستخدام المروحيات، على قرية ملوك سراي، جنوب غرب مدينة القامشلي، بريف الحسكة، ما أدى لمقتل أحد المتهمين بالارتباط بالتنظيم والتعاون معه، فإن بيان للقيادة المركزية الأميركية حول استهداف قيادات أخرى من "داعش" بعد ساعات من الإعلان عن عملية ملوك سراي، خلط الأوراق في ما يتعلق بما إذا كان الاستهداف لمجموع من تم قتلهم أو إصابتهم أو اعتقالهم، كان خلال عملية واحدة أو اثنتين، وما إذا تم ذلك في منطقة واحدة أو أكثر. 

استهداف الشمري في ملوك سراي

وأكدت معلومات "العربي الجديد" حدوث عملية إنزال ليل الأربعاء ــ الخميس في قرية ملوك سراي بريف القامشلي، أسفرت عن مقتل راكان سعدو وحيد الفداغي الشمري (34 سنة)، الملقب بأبو حايل، وهو شخص قدم إلى القرية قبل عامين، ويتحدر من بلدة تويمين السورية المحاذية للحدود العراقية.

يعرف عن الشمري وأغلب سكان قريته القيام بعمليات تهريب
 

وأكدت مصادر لـ"لعربي الجديد"، أنه يعرف عن الشمري وأغلب سكان قريته القيام بعمليات تهريب لأهداف تجارية وربحية، غير أن بيان القيادة المركزية الأميركية اتهم الشمري بأنه أحد مسؤولي "داعش" لعمليات تهريب السلاح والمقاتلين.

كما قاطعت "العربي الجديد" معلومات عدد من المصادر، التي ذكر بعضها أن الشمري يتهم بالوقوف وراء مقتل ضابط أميركي بشكل مباشر في وقت سابق، وأن اعتقال التحالف لأحد أقاربه أدى إلى معرفة مكانه واستهدافه. 

تحويل أموال قادت لاستهداف الشمري

وذكرت المصادر أيضاً أن عمليات تحويل مالية قادت لاستهداف الشمري، إذ إن اعتقال مالك مكتب صرافة وحوالات مالية من الحسكة قبل نحو شهر من قبل "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، أفضى لمعلومات حول وجود الشمري الذي يستفيد من المكتب بعمليات التحويل المالية.

ووُصفت العملية بالنادرة لكونها استهدفت مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري إلى جانب مليشيات تعمل إلى جانبه، مثل "أنصار الأمن العسكري" التابعة للأمن العسكري (جهاز مخابرات رئيسي ضمن بنية النظام الأمنية)، ومجموعات تنتسب إلى "الدفاع الوطني" ومليشيات محسوبة على إيران. 

وأشارت المصادر إلى أن العملية شهدت مقتل شخص آخر إلى جانب الشمري، واعتقال 19، بينهم أفراد العائلة المستضيفة للشمري (منزل شخص يدعى حسن اليونس)، وباقي أفراد أسرة الشمري (متزوج ولديه ابنتان)، وأيضاً إصابة واعتقال علي حنوش، أحد قادة المليشيات المرتبطين بالأمن العسكري، والذي وصفته المصادر بكونه شريكا للشمري في تجارة الآثار والتهريب وعمليات تجارية أخرى.

وأشارت المعلومات إلى أن القوات المهاجمة اعتقلت عناصر يتبعون للأمن العسكري والمليشيات المقربة منه، أطلقوا النار على مروحيات التحالف خلال العملية، قبل أن يتم إطلاق سراحهم. 

وحصلت "العربي الجديد" على هذه المعلومات من مصادر متفرقة من أهالي القرية غير المقيمين فيها، بالتواصل مع أقاربهم، أو من سكان القرية بشكل مباشر. لكن لم يتسن لـ"العربي الجديد" التأكد من صحة المعلومات، نظراً للتشديد الأمني الذي تشهده منطقة تنفيذ العملية الخاضعة لسيطرة النظام والمليشيات.

من جهتها، قالت القيادة المركزية الأميركية، في بيانها الأول، إن "قوات شنت غارة بمروحية في شمال شرق سورية، بالقرب من القامشلي، استهدفت راكان وحيد الشمري، وهو مسؤول في (داعش) معروف بتسهيل تهريب الأسلحة والمقاتلين لدعم عمليات التنظيم"، 

وأضافت أنه "خلال العملية قتل المستهدف وأصيب أحد معاونيه، فيما احتجزت القوات الأميركية اثنين من مساعديهما". ولفت بيان القيادة إلى أن العملية لم تسفر عن إصابة أي جندي أميركي، ولا حتى من المدنيين، كما لم تلحق خسائر بالمعدات المشاركة في العملية.

مقتل نائب والي سورية بغارة أميركية

ولم تمض ساعات على هذا البيان حتى خرجت القيادة ببيان آخر أشارت فيه إلى مقتل قياديين اثنين من التنظيم، وقالت، في البيان: "نفذت القوات الأميركية غارة جوية ناجحة في شمال سورية، ما أسفر عن مقتل أبو هاشم الأموي، نائب والي سورية، ومسؤول كبير آخر في داعش مرتبط به". 

وقال قائد القيادة الأميركية في الشرق الأوسط (سينتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، في البيان، إن "هذه الضربة ستضعف قدرة داعش على زعزعة استقرار المنطقة وضرب قواتنا وشركائنا"، مضيفاً: "تبقى قواتنا في المنطقة لضمان الهزيمة الدائمة لداعش".

حسن أبو هنية: التنظيم يتحرك بحرية في مناطق سيطرة النظام السوري

وأدت الفترة الزمنية الفاصلة بين البيانين إلى حدوث لغط بشأن ما إذا كانت القوات الأميركية نفذت عملية واحدة أو اثنتين في الحسكة، وما إذا كانتا قد استهدفتا مكاناً واحداً، أي قرية ملوك سراي، أو مكانين منفصلين. كما أن الأسماء التي أوردتها البيانات الأميركية لم يكن لها ذكر سابق في البنية الهرمية القيادية للتنظيم، لا في القسم السوري ولا العراقي، وهم مجهولو النشاط على الأقل بالأسماء والكنى المعلن عنها.

العملية الأميركية غير مسبوقة

وتعليقاً على العملية، قال الخبير في الشؤون الجهادية حسن أبو هنية، لـ"العربي الجديد"، إن "العملية غير مسبوقة، كونها استهدفت مناطق سيطرة النظام السوري، إذ كان المعتاد استهداف خلايا التنظيم في مناطق نفوذ حلفائها في قسد". 

وأضاف أبو هنية، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن "هذه العملية كشفت أن التنظيم يتحرك بحرية في مناطق سيطرة النظام السوري، وهذا الأمر طبيعي في ظل انشغال الروس بالحرب الأوكرانية وانسحاب الكثير من القوات الروسية من سورية، التي كانت تشن هجمات متفرقة على خلايا التنظيم ومواقع نشاطه. وبالتالي تحرك التنظيم منذ بداية العام (الحالي)، فكان الهجوم على سجن غويران ومن ثم العمليات المتفرقة لاستهداف النظام أو قسد".
ورأى أن "التنظيم يعمل على إعادة هيكلة نفسه في سورية، ويعتمد على تراخي النظام في عملية مكافحته".

وحول الأسماء الثلاثة المستهدفة، أشار أبو هنية إلى أن "هيكلة قيادات التنظيم في سورية غير واضحة، ويوجد حيالها شح في المعلومات. فالتنظيم عمل بين العامين 2017 و2018 على فك الارتباط بين ولايتي العراق وسورية. وفي حين تتوفر المعلومات أكثر عن الهيكل القيادي للتنظيم في العراق، لا نجد الأمر ذاته عن هيكل التنظيم في سورية، باستثناء ما تقدمه الولايات المتحدة من معلومات".