عودة التوتر بين بغداد وأربيل والأخيرة تلوح بالرد على هجمات الفصائل

02 يناير 2024
عرض عسكري لقوات البيشمركة التابعة لحكومة أربيل (Getty)
+ الخط -

عادت أجواء التوتر بين حكومتي بغداد وأربيل بعد بيانات وتصريحات متتالية من الجانبين، إثر شن فصائل مسلحة حليفة لإيران سلسلة هجمات بطائرات انتحارية مسيرة، أول من أمس الأحد، طاولت مقرات لقوات "البيشمركة" الكردية في ضواحي أربيل، الأمر الذي دفع حكومة الإقليم لتحميل الحكومة العراقية مسؤولية الهجوم باعتبار تلك الفصائل ممولة منها، في إشارة إلى فصائل "الحشد الشعبي".

وقال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هورماني، في بيان له عقب الهجوم الذي استهدف مقرات للبيشمركة انطلاقاً من نينوى التي تخضع لنفوذ فصائل "الحشد الشعبي"، إن "الحكومة الاتحادية تتحمل مسؤولية هذه الهجمات، لأن هذه الجماعات الخارجة عن القانون يتم تمويلها من قبل الحكومة الاتحادية (حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني)، وتتحرك بعلمها وتنقل الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة وتنفذ هجمات إرهابية على مؤسسات رسمية وعسكرية".

واتهم هورماني الحكومة العراقية بـ"تجويع شعب إقليم كردستان" عبر قطع مستحقات الإقليم المالية بينما "تمول تلك الجماعات بهذه الأموال".

وعلى الفور، رد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان عبر فيه عن استغرابه الاتهامات التي وصفها بـ"غير الواقعية"، قائلاً إن التصريحات "فيها خلط معلومات مضللة وأكاذيب وتساهم في تعقيد المشهد السياسي والحكومي، كونها غير بناءة وتضر بحالة الاستقرار السياسي والاجتماعي".

وإثر ذلك، أشارت مصادر كردية في أربيل في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إلى تأجيل وفد حكومي من أربيل زيارة إلى بغداد كانت مقررة هذا الأسبوع، لبحث جملة من الملفات، أبرزها الموازنة المالية وملف الانتشار الأمني في مناطق قرب كركوك بين الجيش العراقي و"البيشمركة".

واتهم القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" الحاكم في أربيل وفاء محمد كريم، في حديث لـ"العربي الجديد"، مَن وصفها بـ"أطراف داخلية وخارجية" بالعمل على استهداف الإقليم من أجل "زعزعة الأمن والاستقرار فيه لفرض أجندة سياسية محددة"، مبينا أن "هناك أطرافاً مسلحة ذهبت للتصعيد ضد الإقليم من خلال العمليات العسكرية الإرهابية بالطيران المسير وسط ضعف الحكومة العراقية بردع هذه الجهات التي هي مقربة منها".

وأضاف كريم أن أربيل "تملك خيار الرد بالطرق العسكرية ضد هذه الجماعات التي تريد إرجاع الخلافات ما بين المركز والاقليم لنقطة البداية لتستغل هذا الملف كورقة ضغط لتنفيذ أجندة سياسية إقليمية أو غيرها".

بدوره، حمّل عضو تحالف "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، حكومة أربيل مسؤولية الأزمة، وقال إن "الحكومة العراقية أعلنت بكل صراحة رفضها لأي اعتداء على الإقليم وفتحت تحقيقاً بذلك واتخذت إجراءات مختلفة للحد من عمليات كهذه، لكن أربيل افتعلت الأزمة بسبب موضوع مرتبات موظفي الإقليم الذي وعد السوداني بحله قريبا، حيث تريد حكومة الإقليم إبقاء هذا الملف بيدها وليس بيد بغداد".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي ماهر جودة، لـ"العربي الجديد"، إن عودة الخلافات ما بين بغداد والإقليم أمر متوقع بأي لحظة "بخاصة أن التقارب الأخير كان هدفه تشكيل الحكومة الاتحادية وتوزيع المناصب"، مرجعاً عودة الخلافات إلى "عدم وجود إرادة سياسية حقيقية". ولفت جودة إلى أنّ "الخلافات تعتاش عليها قوى سياسية رئيسية في بغداد وأربيل، لكسب فئات في الجمهور ذات توجهات عنصرية"، مضيفا: "دائما ما تكون تلك الخلافات عنصرا رئيسيا في الترويج الانتخابي والسياسي لبعض الكتل والأحزاب في بغداد والمحافظات أو مدن الإقليم".

وأضاف الباحث في الشأن السياسي أن "استخدام العمل العسكري في فرض إرادات سياسية معينة، قد يدفع إلى ردود فعل عسكرية من قبل الإقليم على بعض الأطراف المسلحة أو السياسية المقربة من الإطار والحكومة، وهذا الأمر ستكون له تداعيات خطيرة وفيه تهديد للسلم الأهلي، وقد يدفع نحو اقتتال داخلي، وهنا الجميع سيكونوا خاسرين"، محذراً من أن "مخططات كهذه قد تكون مدفوعة من جهات خارجية وحتى داخلية".

وتعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من أبرز المعضلات التي تواجه الحكومات العراقية المتعاقبة، وأبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها.

دلالات
المساهمون