عمليات "نزع" السلاح المنفلت في العراق: جدل الاستمرار والنتائج

عمليات "نزع" السلاح المنفلت في العراق: جدل الاستمرار والنتائج

12 ديسمبر 2020
تغاضي الحملات عن سلاح المليشيات (علي يوسف/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي يثير فيه مسؤولون وسياسيون عراقيون شكوكاً واسعة من جدوى العمليات الأمنية التي تطلقها الحكومة، تحت مسمى "نزع السلاح غير المرخص" في عدد من المحافظات الجنوبية، لا سيما البصرة، والتي تعد معقلاً للفصائل المسلحة الناشطة في البلاد، تواصل القوات العراقية الإعلان، بين وقت وآخر، عن إطلاق تلك الحملات من دون أن تثمر عن أي نتائج منذ عدة أشهر، أو تكشف الحكومة عما حققته فعلاً.

ومنذ الصيف الماضي، بدأت الحكومة العراقية تنفيذ عمليات تفتيش وبحث عما تسميه "السلاح المنفلت"، شملت مناطق في العاصمة بغداد، والمحافظات الجنوبية، وركزت على محافظات البصرة، والقادسية، وميسان، وتشارك فيها فصائل "الحشد الشعبي" مع قوات الجيش والشرطة بتنفيذ تلك العمليات، على الرغم من أن فصائل "الحشد" تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية انفلات السلاح.

وصباح اليوم السبت، شرعت قيادة عمليات البصرة في تنفيذ المرحلة الرابعة من عملية "الوعد الصادق"، التي تهدف إلى مصادرة السلاح المنفلت، وملاحقة المطلوبين، وضبط الأمن في المحافظة.

ووفقاً لبيان صحافي أصدرته القيادة، فإنّ "العملية تنفذ على محورين: الأول المحور الشمالي، تنفذها قوة من الجيش ومديرية شرطة البصرة، ولواء القوة الضاربة، والوكالات الأمنية والاستخبارية، والحشد الشعبي، وتشمل مداهمة وتفتيش المناطق الشمالية في البصرة".

وأضاف أنّ "المحور الثاني تنفذه قيادة القوة البحرية، وقيادة حرس الحدود، وقيادة عمليات البصرة، والوكالات الأمنية والاستخبارية، والحشد الشعبي، وأقسام مديرية شرطة البصرة، لمداهمة وتفتيش المناطق الشمالية في البصرة". 

مسؤولون في الحكومة المحلية بالبصرة أبدوا عدم ثقتهم في تلك العمليات، معتبرين أنها "غير مجدية"، وأنها "لا تنفذ بمهنية".

وقال مسؤول في إدارة المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف السلاح المنفلت في المحافظة لا يمكن السيطرة عليه من خلال تلك العمليات، التي لا تستهدف السلاح، بقدر ما تكون مجرد عمليات تفتيش ودهم لمنازل مواطنين هم أساسا يعانون من السلاح المنفلت".

وأوضح المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "السلطات الأمنية على علم بأن السلاح المنفلت في المحافظة منحصر لدى الفصائل المسلحة والعشائر، والغريب في الأمر أن العمليات الحالية تدور داخل الأحياء السكنية للموظفين والمواطنين المتضررين من حالة اللااستقرار بسبب السلاح المنفلت".

شرعت قيادة عمليات البصرة، السبت، بتنفيذ المرحلة الرابعة من عملية "الوعد الصادق" التي تهدف إلى مصادرة السلاح المنفلت

وتحدّث عن "مجاملة في هذا الملف ومحاولة تستر على عجز حكومي عن التعامل بمهنية إزاءه، إذ أنها (الحكومة) غير قادرة على سحب السلاح من العشائر والمليشيات، لذا تلجأ إلى تنفيذ تلك العمليات التي تعد عمليات إعلامية فقط".

وشدد على أن "السلاح المنفلت في المحافظة كثير جداً، وهو بمثابة ترسانة خطيرة، والدليل أن المعارك العشائرية شبه المستمرة في البصرة، والتي تشهد قصفاً متبادلاً بأنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة أحياناً"، مؤكداً أنّ "السيطرة على السلاح المنفلت تحتاج إلى قرار حكومي صارم، وإبعاد الملف عن المجاملات السياسية".

بدوره، وصف عضو مجلس محافظة البصرة السابق، علي المالكي، الحملات بأنها "لم تعد مجدية"، متسائلاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، عما حققته خلال الأشهر الماضية، إذ إنها "تبدو إعلامية ولم يلمس المواطن أي فارق"، مذكّراً بأنّ "الحكومة لم تسحب ولو 1% من سلاح الشارع لغاية الآن".

تقارير عربية
التحديثات الحية

من جهته، دعا عضو الحزب الشيوعي العراقي، فلاح الفتلاوي، الحكومة، إلى "وقف تلك العمليات، على اعتبار أنها غير جدية، وأنها مجرد إضاعة للوقت والجهد"، معتبراً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة وكأنها تسخر من ذكاء ووعي العراقيين من خلال تلك العمليات، والتي لم تسفر عن أي نتائج تذكر ولم تدخل حتى معاقل حاملي السلاح ومخازنه".

ودعا الفتلاوي، الحكومة، إلى "استعراض نتائج عملياتها السابقة، وتحديد الجهات التي ضبط لديها السلاح"، مستغرباً من "مشاركة الفصائل المسلحة المتورطة في حالة عدم الاستقرار في تنفيذ تلك العمليات"، متسائلاً: "أليس سلاح تلك الفصائل منفلتاً؟".

دعا الفتلاوي الحكومة إلى "استعراض نتائج عملياتها السابقة، وتحديد الجهات التي ضبط لديها السلاح"

وانتقد "ازدواجية التعاطي مع الملف الأمني من قبل الحكومة، والتي تستثني الفصائل من حملة ضبط السلاح"، مؤكداً أن "نزع السلاح المنفلت يتطلب نزع سلاح الفصائل المسلحة".

ومنذ عام 2005 وحتى اليوم، رفعت الحكومات العراقية شعار "حصر السلاح بيد الدولة"، فيما لا يبدو أن هناك خطوات فعالة لتنفيذه. ويرجح مراقبون عدم إمكانية الحكومة على تنفيذ ذلك، في ظل تداعيات سياسية متقاطعة بهذا الاتجاه.

وكانت جهات سياسية قد حذّرت من خطورة انفلات السلاح بيد الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، وتأثير ذلك على الانتخابات البرلمانية المرتقبة، في يونيو/حزيران 2021، مطالبين الحكومة بالعمل على حصر السلاح بيد الدولة.