عشرات أساتذة القانون في تونس يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين

عشرات أساتذة القانون في تونس يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين

08 يونيو 2023
الأساتذة يدعون لاحترام المساطر القانونية (Getty)
+ الخط -

وقع عشرات الأساتذة الجامعيين المتخصصين في القانون في تونس، أمس الأربعاء، عريضة تندد باعتقال القادة السياسيين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.

وجاء في العريضة: "لقد تواترت الآلة القمعية في وجه أي صوت معارِض للسلطة القائمة، واشتدت مطاردة المعارضين والمعارضات في سياق تعدّدت فيه تصريحات رئيس الدولة (قيس سعيّد) بنعت المعتقلين بـ(الخونة والمتآمرين)، معتبرا أنّ (التاريخ نطق بإدانتهم قبل القضاء)، مسلِّطا بالمناسبة ضغوطا لا مثيل لها على القضاء بقوله مثلا: (مَن يتجرّأ على تبرئتهم، فهو شريك لهم)".

ومنذ فبراير/ شباط الماضي، شهدت تونس حملة اعتقالات طاولت شخصيات معارضة، من بينها وزراء سابقون ونواب ورجال أعمال وصحافيون وقضاة ومحامون، وشملت رموز جبهة الخلاص الوطني المعروفة بمعارضتها الشديدة للرئيس قيس سعيّد، وأيضا رموز حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، وأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، وأمين عام التيار الديمقراطي السابق غازي الشواشي، وغيرهم.

وأضافت العريضة: "نظرا لكون المظنون فيهم يقبعون منذ أشهر في السجون دون وجه حق ودون محاكمة عادلة، بعد إثارة الدعوى على أساس القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال (قانون أساسي عدد 26 لسنة 2015) وتوجيه إدانات مشبوهة وتهم خيالية وبالجملة (بالتآمر على أمن الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً، وغسل الأموال، والتواطؤ مع دول أجنبية، ونشر أخبار كاذبة واقتراف أمر موحش ضد رئيس الدولة وحتى استهدافه للنيل من حياته)".

وأمام هذه الموجة القمعية، أكدت العريضة: "نحن، أساتذة التعليم العالي في القانون والعلوم السياسية بالكليات والمعاهد العليا والمدارس وغيرها من الأكاديميات في العلوم القانونية والسياسية والإدارية والتصرف الموقعين على هذه العريضة، نطالب، للأسباب الآتية، بالإفراج الفوري والشامل عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي الذين زج بهم في السجون دون وجه حق أو محاكمة عادلة".

وقال الموقعون إنه من بين الأسباب "إنه بات ثابتا من خلال تصريحات محامي ومحاميات هيئة الدفاع عن المعتقلين أنّ الملفات فارغة لا تتضمّن أية عناصر إدانة جدية، وهي خالية من أية براهين مثبتة للتهمة يمكن أن يُعتَدَّ بها. ولم يقع عند مداهمة منازل المعتقلين ضبط أو حجز أية أسلحة أو ذخيرة أو متفجّرات أو غيرها من المواد والمعدّات والتجهيزات والوثائق المعدّة أو المستعملة لارتكاب أية جريمة إرهابية أو غير إرهابية أو لتسهيل ارتكابها".

وأشاروا إلى أن "تأسيس قضية التآمر على أمن الدولة على معاينة وتفحّص حواسيب المعتقلين وهواتفهم الجوّالة لم يفض إلى أيّ شيء، عدا تبادل بعض الإرساليات ّالعاديةّ والتي لا تشكِّل بأيّ حال من الأحوال أيّ فعل إجرامي إرهابي أو غير إرهابي. ولأنه من المبادئ العامة في القانون (إذا لم تقم الحجة، فإنه يحكم بترك سبيل المتهم)، وإلا سادت الشكوك حول وجود نوايا مبيتة بإطالة إجراءات التحقيق والمماطلة فيها، وهو ما يتعارض مع الصبغة الاستثنائية للإيقاف التحفظي".

وقالوا إن "المماطلة في إجراءات التحقيق في قضية الحال باتت ثابتة ضرورة أنه لم يقع استنطاق كل معتقل من قِبَل قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمجابهة الإرهاب إلا مرة واحدة حال انقضاء فترة الاحتفاظ، وإنّ أعمال التحقيق غائبة منذ ذلك الحين إذ لم تقع استنطاقات جديدة ولا سماع شهود ولا مكافحات ولا اختبارات. ولأن قوانين مكافحة الإرهاب هي قوانين خصوصية لا يمكن تسليطها على الأفعال والأعمال والآراء السياسية التي تندرج عادة في الحياة الديمقراطية التنافسية والخلافية، وهو الحد الأدنى من حق مشاركة كل مواطن ومواطنة في الشأن العام للبلاد".

وأكد الموقعون على العريضة أن "المراسيم والأوامر التي اعتمدت على أساس التدابير الاستثنائية، ومن بينها المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر (أيلول) 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصالات، تتسم بانتهاك الدستور والشرعية انتهاكا جسيما تنحدر بهما إلى الانعدام، ولأن مقوّمات المحاكمة العادلة غير متوفرة في قضايا الحال، منها بالخصوص قرينة البراءة التي تبقى قائمة إلى أن تثبت إدانة المتهم في محاكمة علنية وعادلة، والتي تمنع في المقابل إلقاء المتهم في السجن بافتراض ذنبه".

 وخلصوا إلى أنه "لكل هذه الأسباب التي تخاطب الضمير الحقوقي، نحن، الموقعين على هذه العريضة، نجدد نداءنا للإفراج الفوري والشامل عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي الذين زج بهم في السجون دون وجه حق ومحاكمة عادلة".

منظمة العفو الدولية تدعو لتحرك عاجل في تونس

من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، السلطات التونسية إلى "إسقاط التهم الموجَّهة إلى شيماء عيسى وجوهر بن مبارك وخيام التركي والإفراج عنهم فورًا"، مشيرة إلى أنهم "محتجزون بسبب ممارستهم حقوقهم الإنسانية من خلال أنشطتهم".

وقالت المنظمة في بيان لها، اليوم الخميس: "منذ فبراير/ شباط 2023، فتحت السلطات التونسية تحقيقات جنائية ضد ما لا يقل عن 21 شخصًا، من بينهم نشطاء سياسيون معارضون ومحامون ورجال أعمال، استنادًا إلى اتهامات لا أساس لها بالتآمر. وفي الوقت الحالي، تحتجز السلطات ما لا يقل عن 9 أشخاص على ذمة هذه التحقيقات، من بينهم شيماء عيسى وجوهر بن مبارك وخيام التركي. ويخضع هؤلاء للتحقيق أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس"، داعية إلى تحرك عاجل للإفراج عنهم.