عدوان لتثبيت سياسة الفصل

عدوان لتثبيت سياسة الفصل

06 اغسطس 2022
مصابة بالعدوان الإسرائيلي على غزة (محمود همص/فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن العدوان الذي بدأه جيش الاحتلال أمس الجمعة على قطاع غزة، بعد سيل من التهديدات التي وجّهها كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية يئير لبيد، ووزير أمنه بني غانتس، إلا مسألة وقت، بعد أن بدا أن حركة "الجهاد الإسلامي" مصرة على شروطها للتهدئة، مما يهدد بفعل ربط "الجهاد" بين الاعتقالات في الضفة الغربية وبين الرد عليها من غزة، الاستراتيجية التي تعتمدها دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2006، بالفصل الكامل على كافة الأصعدة بين ما يحدث في الضفة والقدس المحتلتين، وبين السياسة في غزة.

وجاء العدوان والعمليات الإسرائيلية تحت مزاعم وجود معلومات استخباراتية، بشأن انطلاق خلية على الأقل لتنفيذ تهديدات "الجهاد الإسلامي".

لكن التحشيد العسكري للعدوان الذي بدأ كـ"خطوات احترازية"، يؤشر إلى أن إسرائيل بدأت معركة جديدة حفاظاً على استراتيجيتها المذكورة، بعد أن بدأ تهديد "الجهاد"، وما سبقه العام الماضي من اتجاه "حماس" إلى إطلاق معركة "سيف القدس" ضد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وخطوات تكريس التقسيم الزماني، بالركون إلى أن واقع الانقسام السياسي، سيكون عائقاً أمام خطوة فلسطينية تعترض على سياسة واستراتيجية الفصل بين غزة، والضفة الغربية والقدس المحتلتين.

ويبدو أن وجود قائد "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة في إيران ولقاءاته مع القيادة الإيرانية، زاد من حرج حكومة الاحتلال واتجاهها لشن العدوان، خصوصاً في ظل الحسابات الانتخابية الداخلية، من منظور لبيد وغانتس، واستباقاً لحرب شيطنة قد يشنها عليهما زعيم المعارضة، بنيامين نتنياهو، متهماً إياهما بالتساهل أمام تقويض استراتيجية بنتها إسرائيل منذ الانقسام الفلسطيني وحوّلت حيثياتها على الأرض إلى واقع، بدا أن تغييره بعيد المنال بفعل الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية كوكيلة لأمن الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة.

ليس واضحاً الآن، عند كتابة هذا التعليق، حجم العدوان ولا خططه الهجومية، لكن من المؤكد أن الدوافع الانتخابية من جهة، وموقف المؤسسة الأمنية والعسكرية، في ظل مس "الجهاد الإسلامي" بموضوع استراتيجي، يهدد بتغير كل معادلة الصراع، ويعيد، ولو على مستوى مقاومة الاحتلال، "فلسطين" الضفة والقطاع إلى وحدة جغرافية ونضالية في وجه الاحتلال، تنذر بعدوان قاسٍ تستغله المؤسسة العسكرية كما القيادة السياسية الإسرائيلية لمصالحها، وبالأساس لمحاولة حماية استراتيجية الفصل بين غزة والضفة الغربية.