صراع أولويات في الانتخابات النصفية الأميركية

صراع أولويات في الانتخابات النصفية الأميركية: توقعات متقاربة للجمهوريين والديمقراطيين

11 أكتوبر 2022
مدافعة عن حق الإجهاض أمام مقر الكونغرس، 8 أكتوبر (روبرتو شميدت/فرانس برس)
+ الخط -

4 أسابيع لا تزال تفصل الأميركيين عن موعد الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، التي تجرى كلّ عامين، وتعدّ بشكل أساسي، استفتاء على العامين الأولين لولاية أي رئيس أميركي، سواء إذا كانت الولاية الأولى أم الثانية. ونادراً ما تمكّن الرؤساء الأميركيون، من الإفلات من هذا التصويت "العقابي"، مع قدرة خصومهم على رصد مكامن الضعف في أدائهم واستثمارها في هذه الانتخابات.

وإذا كانت الحال كذلك، فإن الانقسام السياسي المستعر في الولايات المتحدة، بين الجمهوريين والديمقراطيين، والذي تجلّى بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، يجعل المعركة حامية جداً هذه المرة، ومتقاربة مع تبدل توقعات استطلاعات الرأي بشكل سريع.

الجمهوريون يراهنون على تراجع شعبية بايدن

وفيما يحاول الجمهوريون الاستفادة من الشعبية المتدنية للرئيس جو بايدن، ونسبة التضخم المرتفعة في البلاد، وربط عدد من الأزمات كالهجرة وارتفاع نسبة الجرائم إلى الحزب الأزرق، يركز الديمقراطيون على مسائل تهم الشرائح غير المحافظة، والتقدمية، والملونة، كحق الإجهاض، وتقنين السلاح الفردي، وحقوق المثليين.

وتبدو المعركة حامية، في ولايات مصيرية، كبنسلفانيا وجورجيا، علماً أن الانتخابات النصفية هذا العام، ستشكل أيضاً مقياساً بالنسبة لترامب، الذي لمّح مراراً إلى رغبته بالترشح مجدداً للرئاسة.

التضخم والإجهاض عنوانا الحملات الانتخابية

وتتبدل سريعاً نتائج استطلاعات الرأي الأميركية، قبل 4 أسابيع من الانتخابات النصفية، والتي ستشمل أيضاً انتخاب نحو 36 حاكم ولاية. وستُجرى هذه الانتخابات في 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، الذي يصادف يوم ثلاثاء، وسيصوت الأميركيون فيها لتجديد جميع مقاعد مجلس النواب، البالغ عددها 435 مقعداً، وأكثر من ثلث مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها 100 مقعد، أي 35 مقعداً. كذلك ينتخب الأميركيون بعض حكّام ولاياتهم، ومجموعة من المسؤولين المحليين، الذين يقرّرون سياسات ولاياتهم بشأن الإجهاض والتنظيم البيئي وغير ذلك، على أن يبدأ المنتَخبون الجدد ولايتهم في 3 يناير/كانون الثاني المقبل.

ويسيطر الديمقراطيون، منذ انتخابات نوفمبر 2020 التي فاز بها بايدن بالرئاسة، على مجلسي النواب والشيوخ، ولكن بأكثرية ضئيلة في النواب (220 للديمقراطيين مقابل 212 للجمهوريين مع 3 شواغر منذ سبتمبر/أيلول الماضي)، ومناصفة في الشيوخ، مع صوت زائد للديمقراطيين يحتسب لنائبة الرئيس كامالا هاريس. وكان الديمقراطيون قد تمكنوا من انتزاع مجلس الشيوخ من يد الجمهوريين بانتخابات 2020. أما مجلس النواب، فكان بيد الجمهوريين بين عامي 2011 و2019، ليسيطر عليه الديمقراطيون منذ 2019 برئاسة نانسي بيلوسي.

وكانت المعارضة الجمهورية، التي لا تزال تأمل باستعادة "النواب" و"الشيوخ"، تعد نفسها بانتصار كاسح على الديمقراطيين بانتخابات المجلسين هذا العام، بعد سلسلة إخفاقات للإدارة الديمقراطية، منها الخروج الأميركي المذل من أفغانستان، وبقاء فيروس كورونا، وارتفاع نسبة التضخم التي فاقمتها تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، بالإضافة إلى مسائل داخلية، منها ما يهم الشرائح المحافظة والإنجيلية كالإجهاض، ومنها ما يتعلق بأزمة المهاجرين غير النظاميين على الحدود والتي تبقى أزمة متفجرة في وجه بايدن.

لكن الديمقراطيين استعادوا زخمهم، بعد إلغاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة في يونيو/حزيران الماضي، التشريع التاريخي (رو ضد وايد)، الذي يمنح حق الإجهاض للنساء في الولايات المتحدة منذ عام 1973، ما جعل قضية الإجهاض تتصدر عناوين الحملات الانتخابية للمرشحين عن الحزب الأزرق، في مقابل تصدر التضخم وسبل مكافحته عناوين حملات الجمهوريين.

التضخم يحتل المرتبة الأولى على لائحة القضايا التي تشغل الأميركيين

ويستغل هؤلاء أيضاً الانقسام السياسي الحاد في البلاد، ومطالب جمهور ترامب، الذي لا يزال مؤمناً بنظرية سرقة الانتخابات في 2020، ومن المؤمنين بذلك أيضاً من ترشحوا للانتخابات ويحظون بدعم ترامب، ليعدوا بحال فوزهم بإنهاء التحقيق باقتحام الكونغرس في يناير 2021، وحتى بمحاكمة بايدن.

وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، كما تقول وكالة "فرانس برس"، فإن الجمهوريين لديهم فرصة جيدة للفوز بما لا يقل عن 10 إلى 20 مقعداً في مجلس النواب، وهو ما يكفي للحصول على الأغلبية النيابية. وتبدو الاستطلاعات أقل وضوحاً في ما يتعلّق بمصير مجلس الشيوخ.

وعكس زعيم الأقلية الجمهورية في الشيوخ، السيناتور ميتش ماكونيل (الذي لا يخوض انتخابات تجديد هذه المرة)، هذا الحذر، بقوله في آخر أسبوع من شهر سبتمبر/أيلول الماضي: "نحن نخوض سباقات متقاربة، نملك فرصة 50 – 50 لاستعادة مجلس الشيوخ". أما بالنسبة إلى مسألة الإجهاض، التي يمكن أن تؤثر على أصوات النساء في الأرياف، واللواتي تتأرجح أصواتهن عادة بين الديمقراطيين والجمهوريين، رأى ماكونيل أن "هذه المسألة تتراوح طبيعة التعاطي معها بين ولاية وأخرى"، معدداً قضايا أساسية سيركز عليها حزبه خلال الحملات، وهي "التضخم والجريمة والحدود المفتوحة".

وصوّت الناخبون في ولاية تكساس، والتي يسيطر عليها الجمهوريون، خلال الصيف، بشكل مفاجئ، ضد تعديل دستوري كان سيسمح للمشرعين في الولاية بتفعيل قيود الإجهاض، وهو الاستفتاء الأول منذ قرار المحكمة العليا حول الإجهاض، علماً أن الناخبين في ولايات كاليفورنيا وكنتاكي وميتشيغين وفرمونت سيجيبون في يوم الانتخابات النصفية، على أسئلة تتعلق بهذه القضية.

لكن بحسب استطلاعات أجرتها شبكات "أن بي آر" و"بي بي أس نيوزآوير"، إلى جانب "ماريست ناشونال"، وهو مركز استطلاعات رأي، في سبتمبر الماضي، فإن التضخم يحتل المرتبة الأولى على لائحة القضايا التي تشغل الأميركيين. وقال 30 في المائة من المستطلعين إن التضخم أول ما يخطر في بالهم عندما يفكرون في كيفية تصويتهم في 8 نوفمبر. ولكن بحسب هذه الاستطلاعات، فإن النسبة انخفضت عن يوليو/تموز الماضي، حين وصلت إلى 37 في المائة من المستطلعين. واحتل الإجهاض المرتبة الثانية، إذ اعتبره 22 في المائة أولاً على لائحة أولوياتهم، في انخفاض أيضاً بحدود 4 نقاط عن يوليو.

وسلّط موقع "أكسيوس"، أمس الاثنين، الضوء على حدّة الانقسام السياسي في البلاد، إذ وجد "مؤشر الأميركيتين" الذي ترصده شركة "إيبسوس" للاستطلاعات و"أكسيوس"، أن 4 من كل 10 جمهوريين، وواحداً من كل 4 ديمقراطيين، قالوا إنهم سيلقون اللوم على التزوير الانتخابي إذا ما خسر حزبهم الانتخابات.

المساهمون