سريلانكا: جزيرة آسيوية ذات تاريخ مضطرب

سريلانكا: جزيرة آسيوية ذات تاريخ مضطرب

09 يوليو 2022
عاشت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية منذ عام 1948 (Getty)
+ الخط -

تقع سريلانكا، التي فرّ رئيسها غوتابايا راجابكسا السبت من مقر إقامته الرسمي، في جنوب آسيا، وهي جزيرة ذات تاريخ مضطرب مع حرب أهلية طويلة الأمد لم تنته إلا في عام 2009.

فمئات المتظاهرين الذين هاجموا قصر الرئيس في العاصمة كولومبو يحمّلونه مسؤولية الأزمة الاقتصادية الكارثية التي تشهدها البلاد. كما اقتحموا المقر الخاص لرئيس الوزراء السريلانكي وأضرموا النار به، بعد ساعات من إعلانه الموافقة على الاستقالة بعد تشكيل حكومة جديدة.

سيلان القديمة

والجزيرة التي كانت مركزاً أساسياً للتجارة في المحيط الهندي في حقبة روما القديمة، وكانت تطلق عليها تسمية سيلان، سيطر عليها البرتغاليون من عام 1505 حتى عام 1656، لتنتقل بعد ذلك إلى الهيمنة الهولندية حتى عام 1796 حين أصبحت مستعمرة بريطانية.

وحكم آخر الملوك السنهاليين الجزيرة من عام 1798 حتى عام 1815.

ونالت الجزيرة استقلالها عن بريطانيا في عام 1948، وهي مذّاك عضو في مجموعة دول الكومنولث، وأصبحت جمهورية في عام 1972، كما أصبح اسمها رسمياً سريلانكا.

تقع سريلانكا على بعد نحو عشرين كيلومتراً من أقصى جنوب شرق الهند، وتبلغ مساحتها 65 ألف كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها 21,9 مليون نسمة (وفق أرقام البنك الدولي في عام 2020) وعاصمتها كولومبو.

والسريلانكيون بغالبيتهم بوذيون (70 بالمائة، خصوصاً من أبناء العرقية السنهالية)، فيما يتركّز انتشار الهندوس وخصوصاً التاميل في الشمال والشمال الشرقي ويشكلون 12 بالمائة من السكان، بينما يشكل المسلمون 10 بالمائة والمسيحيون 7 بالمائة.

مقاتلو "النمور"

في عام 1972، شكّل الطالب السابق فيلوبيلاي براباكاران، وهو من أبناء عرقية التاميل ومتحدّر من إقليم جافنا الشمالي، "نمور التاميل الجدد"، وهي مجموعة متمردة تناضل ضد التمييز الذي تمارسه الأكثرية السنهالية ضد هذه الأقلية.

وبعدما انتقل إلى العمل السري عاود الظهور في عام 1975، معلناً استهداف رئيس بلدية جافنا في أول عملية اغتيال سياسي له.

في عام 1976، تحوّلت مجموعته إلى "نمور تحرير إيلام التاميل" التي خاضت تمرداً من أجل إقامة دولة مستقلة للتاميل في شمال سريلانكا وشرقها، في أراضٍ تعادل مساحتها ثلث المساحة الإجمالية للجزيرة.

وشعار المنظمة نمر يزأر فيما شعار سريلانكا أسد ذهبي يحمل سيفاً.

في عام 1991 اغتال "النمور" رئيس الوزراء الهندي الأسبق راجيف غاندي، وفي عام 1993 الرئيس راناسينغي بريماداسا، وأعقبت ذلك هجمات انتحارية عدة.

حصيلة فادحة واتهامات

في عام 2009، سحق الجيش التمرد في عملية دامية قتل خلالها قادة المجموعة، ولا سيما براباكاران.

في تلك الفترة كان غوتابايا راجابكسا قائداً للقوات المسلّحة، فيما كان شقيقه ماهيندا الذي يتولى حالياً رئاسة الوزراء رئيساً للبلاد.

وتتّهم جهات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان الرجلين بارتكاب جرائم حرب، وتشير إلى مقتل 40 ألف مدني من عرقية التاميل في الأشهر الأخيرة للنزاع، ما تنفيه على الدوام السلطات.

وبحسب الأمم المتحدة، أوقعت الحرب الأهلية التي شهدتها سريلانكا على مدى 37 عاماً نحو مائة ألف قتيل.

اعتداءات

في 21 إبريل/ نيسان 2019، نفّذ سبعة من عناصر المجموعة المتطرفة "جماعة التوحيد الوطني" هجمات انتحارية في ثلاث كنائس خلال إحياء مراسم عيد الفصح وفي فنادق فاخرة، ما أوقع 279 قتيلاً، بينهم 45 أجنبياً. وأعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن الهجمات.

وفاقمت هذه الاعتداءات الاستياء تجاه الأقلية المسلمة، وهو ما كان رهبان بوذيون متشددون قد عملوا على تأجيجه لسنوات.

وفي عام 2018، أوقعت أعمال شغب معادية للمسلمين ثلاثة قتلى وأكثر من عشرين جريحاً.

أسوأ أزمة اقتصادية منذ عام 1948

وكانت للهجمات التي وقعت في عيد الفصح في عام 2019 وما تلاها من تفشٍّ لجائحة كوفيد-19 تداعيات كارثية على اقتصاد البلاد، ما حرم سريلانكا رافعتها السياحية والتحويلات المالية للشتات التي تعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية. كذلك، فاقمت قرارات سياسية خاطئة مشكلات البلاد، وفق خبراء اقتصاديين.

وبعدما تخلّفت سريلانكا في إبريل/ نيسان عن سداد دينها الخارجي البالغ 51 مليار دولار، طلبت البلاد الحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، الذي طالب كولومبو بوضع حد للفساد وزيادة الضرائب بشكل كبير.

وفي الأشهر الأخيرة، تضاعفت الاحتجاجات الشعبية التي تخلّلتها أحياناً أعمال عنف على خلفية تقنين التغذية بالتيار الكهربائي والنقص في المواد الغذائية وتسارع التضخم.

(فرانس برس، أسوشيتد برس)

المساهمون