روسيا تراقب الأزمة التونسية... ومخاوف من انتقالها إلى دول الجوار

روسيا تراقب الأزمة التونسية... ومخاوف من انتقالها إلى دول الجوار

30 يوليو 2021
بيان الخارجية التونسية بدا منحازاً لسعيد (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن تونس لا تشكل أهمية حيوية للسياسة الخارجية الروسية، إلا أن خبراء روساً يتابعون عن كثب تطورات المشهد السياسي التونسي بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد عن قراره تجميد عمل البرلمان لمدة شهر، ورفع الحصانة عن النواب، متسائلين عن آفاق تسوية هذه الأزمة ومدى خطورة اتساع رقعة الأحداث التونسية لتشمل دولاً أخرى، مثلما حدث عند انطلاق "الربيع العربي" قبل عشر سنوات.  

وفي هذا الإطار، قلّل الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية (منظمة غير ربحية معنية بدعم اتخاذ القرار في مهام السياسة الخارجية)، سيرغي بالماسوف، من أهمية تونس في حد ذاتها بالنسبة إلى روسيا قياساً بدول مثل مصر أو ليبيا، محذراً في الوقت نفسه من حدوث أزمات سياسية في بلدان أخرى في المنطقة، وفي مقدمتها الجزائر. 

وقال بالماسوف، في حديث لـ"العربي الجديد": "ترتبط كلمة تونس في أذهان أغلبية الروس ببلد سياحي بعيد، ولكن الخبراء يعلمون أن الربيع العربي انطلق منه تحديداً، مما يشكل مؤشراً مقلقاً لواقع محزن في دول أخرى مثل الجزائر وبلدان الشرق الأوسط. صحيح أن تونس أقل ثقلاً من مصر، مثلاً، ولكنها رمز لانطلاق الأحداث في المنطقة".  

وعن رؤيته لأسباب وقوع الجزائر تحديداً ضمن دائرة الخطر هذه المرة، قال: "من وجهة النظر المالية، تعيش الجزائر بما يفوق إمكاناتها، وهناك زيادة سكانية في غياب سياسة ديمغرافية، كما أن نفقاتها العسكرية مرتفعة، وكأنها بلد عضو مهم في حلف شمال الأطلسي. إذا لم تحدث معجزة ولم يرتفع سعر النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، فإن الوضع في الجزائر قد يكون قابلاً للانفجار خلال الفترة المقبلة".   

من جهته، توقع مدير مركز البحوث العربية والإسلامية في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فاسيلي كوزنيتسوف، أن مسألة مستقبل تونس سيتم البت فيها خلال شهر بعد تبين ردود أفعال القوى الداخلية التونسية.  

وفي مقال بعنوان "الوتيرة الخاصة. حول المنطق الداخلي في الأحداث التونسية" نُشر في موقع مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، ذكّر كوزنيتسوف بأن تونس تتصدر عناوين وسائل الإعلام العالمية بمعدل مرة كل خمس سنوات، وكانت آخرها في عام 2015، حين تسلم رباعي الحوار الوطني جائزة نوبل للسلام، وقبلها عند انطلاق أحداث "الربيع العربي" التي أدّت إلى إسقاط الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وهروبه إلى السعودية.

ورسم كوزنيتسوف ثلاثة سيناريوهات لتطورات الأزمة التونسية، أولها فوضوي في حال عجز تركز السلطة بين يدي سعيّد عن تحقيق تحسن كبير للوضع، وتفسير قضايا الفساد على أنها أداة لتصفية الحسابات داخل النخبة السياسية، وتعبئة أنصار "النهضة" لحماية "قيم الثورة". 

أما السيناريو الثاني، فهو حصول الرئيس على دعم إضافي وتنظيمه لعمل منظومة الرعاية الصحية ورفع بضع قضايا جنائية بحق الفاسدين، مما سيتيح لسعيّد إدخال تعديلات دستورية من شأنها توسيع الصلاحيات الرئاسية وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، مشبهاً ذلك بنموذج تعزيز سلطة بن علي في التسعينيات من القرن الماضي. 

والسيناريو الثالث والمتفائل، وفق تقدير الباحث الروسي، هو الاستحسان المجتمعي لأعمال سعيّد. وفي ظل تعب المجتمع من الأزمات الدائمة وعدم استعداده لتكرر عام 2011، فإن المشاورات الدائمة مع الاتحاد التونسي للشغل والمنظمات المؤثرة الأخرى ستتيح للرئيس الحفاظ على الهدوء الاجتماعي. 

وعلى الصعيد الرسمي، صدرت ردود أفعال محدودة من موسكو، ولكن بيان وزارة الخارجية الروسية بدا منحازاً لسعيّد، مقرّاً بأن إقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وتعليق عمل البرلمان جاءا في إطار الصلاحيات الدستورية للرئيس، وداعياً إلى تسوية الخلافات الداخلية في تونس في إطار القانون.

بدوره، أكّد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن روسيا تتابع عن كثب الوضع في تونس، آملة في أنه لن يكون تهديداً لاستقرار هذا البلد وأمانه. 

دلالات

المساهمون