رئاسة المغرب مجلس حقوق الإنسان: فرصة للتغيير وإطلاق المعتقلين؟

رئاسة المغرب مجلس حقوق الإنسان الأممي: فرصة للتغيير وإطلاق المعتقلين؟

15 يناير 2024
انتخب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان بعد حصوله على 30 صوتاً من مجموع 47 (Getty)
+ الخط -

تصاعدت الدعوات المطالبة بانفراج سياسي وحقوقي في المغرب، عنوانه الرئيس إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحافيين، تزامناً مع انتخاب الرباط، الأربعاء الماضي، لرئاسة الدورة 18 لعام 2024 إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وعلى الرغم من أن هذه المطالب ليست جديدة، إلا أن الرهان هذه المرة على منصب رئاسة مجلس حقوق الإنسان الذي ظفر به المغرب، يبدو بالنسبة لمنظمات حقوقية وشخصيات سياسية، فرصة تفرض إحداث تغيير في واقع الحقوق والحريات في البلاد.

وفي هذا السياق، دعا حزب العدالة والتنمية إلى إطلاق المعتقلين وطالب خلال المجلس الوطني، الذي انعقد يوم السبت بـ"بث دينامية ونفس سياسي وحقوقي جديد وإيجاد الصيغة المناسبة واستحضار روح الإنصاف والمصالحة والمبادرات الملكية التي تُعمل حق العفو الكريم في ملفات المحكومين على خلفية بعض الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين وكتاب الرأي والمدونين".

واعتبرت جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (غير حكومية) انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان فرصة لإحداث انفراج سياسي وحقوقي في المملكة، داعية إلى أن تكون هذه السنة "سنة تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ودعم الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ورفع كل أشكال التضييق على عملها... سنة بعث الآمال في انفراج في الساحة السياسية والحقوقية وتسوية حكيمة لبعض الملفات العالقة".

من جهته، اعتبر "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان" ( من 22 هيئة حقوقية)، في رسالة مفتوحة وجهها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن انتخاب المغرب إلى رئاسة مجلس حقوق الإنسان "يستوجب توفر إرادة فعلية لدى الحكومة لتغيير الوضع السيئ لحالة حقوق الإنسان في البلاد، حتى تكون في مستوى الانتظارات التي تفرضها المهمة".

ضرورة إطلاق المعتقلين بعد ترؤس المغرب مجلس حقوق الإنسان

ودعا الائتلاف الحقوقي رئيس الحكومة إلى "تنفيذ الالتزامات الحقوقية للمغرب أمام المنتظم الدولي، واتخاذ كافة المبادرات التي يتطلبها ذلك؛ ومنها على الخصوص وقف ظاهرة الاعتقال لأسباب سياسية أو حقوقية أو نقابية، أو بسبب الرأي والتعبير"، مؤكدا "ضرورة الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين، من معتقلي الرأي والصحافيين والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمدونين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي ومناضلي الحراكات والاحتجاجات الاجتماعية، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف".

وبحسب رئيس "العصبة المغربية لحقوق الإنسان" (أقدم تنظيم حقوقي مستقل في البلاد وإحدى مكونات الاختلاف الحقوقي) عادل تشيكيطو، فإن المطالب التي عبر عنها الائتلاف "ذات راهنية وأولية، وهي مدخل لكل مبادرات رسمية إصلاحية تروم تصفية الأجواء الحقوقية في البلاد".

وعبر تشيكيطو لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده بأن "لا بد من بث دينامية جديدة عبر تعزيز ضمانات احترام حقوق الإنسان وضمان عدم الرجوع إلى ممارسات الماضي، وقبل هذا وذاك الإفراج عن المعتقلين على خلفية قضايا الرأي وبعث روح جديدة في سلوك الإدارة، خاصة عندما يتعلق الأمر بعدد من الحقوق التي تم الهجوم عليها مؤخرا، بشكل مقلق كالحق في التعبير والحق في الاحتجاج والحق في التنظيم".

وتابع: "منطلقات مطالب المنظمات الحقوقية والسياسية والنقابية، انطلقت من إحساسها بنزوح العقل الحقوقي للدولة إلى تهدئة الأوضاع واتساع خاطره في التعامل مع قضايا اجتماعية خلال الآونة الأخيرة، ثم إلى السياق المرتبط بانتخاب المغرب رئيساً للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إذ يعتبر جميع الفاعلين أن هذا المعطى ملزِم بضرورة تنقية الأجواء الحقوقية، حتى نكون في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا من قبل المنتظم الدولي".

ولفت إلى أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والرياضية لا يمكنها أن تعبر إلى بر النجاح من دون الإعلان عن طي بعض القضايا وبث نفس سياسي ديمقراطي حقوقي جديد.

من جهته، أوضح الناشط الحقوقي خالد البكاري، في حديث مع "العربي الجديد "، أن تصاعد تلك المطالب "محكوم بسياق خاص، مطبوع بحدثين: الأول له علاقة بانتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وهي الولاية التي ستستمر لسنة، مؤكدا ضرورة استثمار هذا الحدث للضغط على الدولة من أجل أن يكون هذا الانتخاب منسجما مع كلفته الحقوقية والالتزامات الأخلاقية والسياسية والحقوقية المترتبة عنه".

أما الحدث الثاني، بحسب البكاري، فيرتبط بـ"المحاكمات والمتابعات الحالية المرتبطة بملفات الفساد التي تورط فيها منتخبون كبار محسوبون على أحزاب مقربة من الإدارة، وهي الملفات التي كشفت عن اختراق لمؤسسات مختلفة في الدولة ولها أهميتها، وهو الأمر الذي يبرر إصلاحا سياسيا يعيد الاعتبار للعمل السياسي، وكذا يعيد الثقة لمختلف المؤسسات، وهو أمر لا يستقيم دون انفراج سياسي وحقوقي كذلك".

وعن توقعاته بشأن مدى استجابة الحكومة لمطالب الهيئات الحقوقية والسياسية، قال: "لا يمكن أن ننكر أن الدولة أخطأت مواعيد كان يمكن فيها تنقية الجو السياسي والحقوقي، مما جعل قراءة تهيمن مفادها أن أطرافا داخل مؤسسات سيادية وذات حساسية أمنية أو استخبارية أو إدارية ليس من مصلحتها حدوث أي انفراج، بل إنها تكاد تبرر الحاجة إليها بتضخيم خطر المعارضة وتحاول ربطها بأجندات خارجية، ولكنني أعتقد أن مزاعم كهذه أصبحت متجاوزة، وأن الاحتقان الذي هو وليد الوضع الاجتماعي المتأزم، يفرض توازنا بين المؤسسات، ويفرض أجوبة حقيقية عوض توجيه الأنظار نحو مؤامرات خارجية مزعومة، ويقتضي نوعا من الجدية في التعاطي مع القضايا المطروحة".

وتابع: "كل المعطيات تفيد أن انفراجا سياسيا وحقوقيا هو في مصلحة الجميع، بما في ذلك الدولة، خصوصا أن الأصوات تتعالى داخل الفئات الاجتماعية المختلفة من كون أنه يتم التساهل في ملفات الفساد حد الحماية، فيما يتم التعامل بقسوة مع منتقدي ومعارضي هذا الفساد من صحافيين ومدونبن ومحتجين".

يذكر أن المغرب انتخب، الأربعاء الماضي، رئيسا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعام 2024، بعد حصوله على 30 صوتا من مجموع أعضاء المجلس الـ47، فيما حصلت جنوب أفريقيا على 17 صوتا.

المساهمون