دبلوماسي ألماني يحذر من تحول جيوسياسي لصالح واشنطن بالحرب الأوكرانية

دبلوماسي ألماني يحذر من تحول جيوسياسي لصالح واشنطن بالحرب الأوكرانية

28 مايو 2022
يحذر الدبلوماسي الألماني من الاعتماد الأعمى على مواقف واشنطن (آنا مانيميكر/ Getty)
+ الخط -

اعتبر مساعد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، الدبلوماسي الألماني، مايكل فون دير شولنبرغ، في تحليل نشره موقع "برلينر تسايتونغ"، اليوم السبت، بخصوص تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا على أوروبا، أنّ الولايات المتحدة هي من تحدد النهج الغربي لهذه الحرب وليس أوروبا، على الرغم من أنّها  تبعد أكثر من 10 آلاف كيلومتر عن ساحة الحرب.

وقال إنّ هذا كله يوضح أنه حتى بعد مرور 30 عاماً على نهاية الحرب الباردة لم تجد أوروبا، ولا سيما الاتحاد الأوروبي، صوتاً ورأياً خاصاً بها.

وحيال ذلك أيضاً، اعتبر فون دير شولنبرغ، أنّ أوروبا برهنت على أنها قادرة فقط على الحد الأدنى من الإجماع، مثل سلسلة العقوبات على روسيا وتسليم الأسلحة لأوكرانيا، في حين أنّ البيانات الأوروبية الرسمية لا تعكس كيف يمكن تحقيق السلام.

وأبرز الدبلوماسي الألماني أنّ الأوروبيين ما زالوا يعتقدون أنّ التضامن عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة، أكثر أهمية من البحث عن سلام في عموم أوروبا، مستحضراً التجربة الأفغانية التي قال إنها أظهرت مدى عدم اليقين في الاعتماد الأعمى على المواقف الأميركية. وأشار إلى التوقعات بأنّ كل شيء قد يبدو مختلفاً تماماً في الولايات المتحدة بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وحذر فون دير شولنبرغ، من أنّ أوروبا ترتكب نوعاً من "الإخصاء الذاتي"، سيما أنها توجه نفسها بشكل حصري تقريباً نحو الغرب، في حين أنّ عدداً لا بأس به من دول العالم لا تدعم العقوبات ضد روسيا، موضحاً أنّ الولايات المتحدة ليست لديها مصالح اقتصادية كبيرة في أوكرانيا، وغير مهددة بشكل مباشر. وأشار إلى أنه لا يمكن تفسير الحضور الساحق للولايات المتحدة في هذا الصراع وانتشارها العسكري الهائل ودعمها لأوكرانيا بالعتاد والمال، إلا من أجل تحقيق أهداف جيوسياسية.

التجربة الأفغانية أظهرت مدى عدم اليقين في الاعتماد الأعمى على المواقف الأميركية

من جهة ثانية، حذر الدبلوماسي المخضرم، والذي عمل في العديد من مناطق الصراع حول العالم، بينها أفغانستان وهايتي وباكستان وإيران والعراق وآسيا الوسطى والبلقان، من أن تصبح الحرب الروسية الأوكرانية أكثر خطورة مع ردود الفعل غير المتوقعة من موسكو بعدما أصبحت حرب أوكرانيا مسألة بقاء بالنسبة للكرملين.

كما تساءل عن مآلات سيناريو حدوث هزيمة روسية في أوكرانيا، قائلاً: "ألا يجب أن نكون مستعدين لدعم الصين لروسيا بدافع المصلحة الذاتية؟". وحذر من أنه مع سيناريو مماثل قد تتحول الحرب الروسية الأوكرانية إلى مواجهة خطيرة بين القوى النووية الثلاث؛ روسيا والصين والولايات المتحدة.

وأمام ذلك، خلص صاحب كتاب "حول بناء السلام ـ إنقاذ الدولة القومية وإنقاذ الأمم المتحدة"، إلى أنّ تحقيق انتصار السلام احتمالاته بعيدة رغم التفوق العسكري للولايات المتحدة، قائلاً إنّ الأخيرة لم تنتصر، إلا في حرب تحرير الكويت عام 1991، ولم تخلف في باقي حروبها سوى الدمار والفوضى والكثير من المعاناة الإنسانية، ولم تجلب الديمقراطية في أي مكان.

ودعا فون دير شولنبرغ إلى "الكف عن العيش في أوهام النصر" لأنّ الأسلحة الغربية تقتل وتدمر أيضاً، مرجحاً توغل روسيا في شرق وجنوب أوكرانيا، ما سيجعلها مهددة بالتقسيم وممزقة داخلياً ومدمرة اقتصادياً.

واعتبر الدبلوماسي الألماني، أنّ مصلحة أوروبا هي في الاستجابة لدعوة المجتمع الدولي لحلّ سلمي للصراع، وبأن يكون هناك خطة لمبادرة سلام بين روسيا وأوكرانيا، والعمل للحفاظ على وحدة أراضي وحياد كييف. وشدد على أنه سيكون من الوهم المطلق افتراض أنّ معاهدة السلام المطلوبة مسؤولية أوكرانية بحتة، كما تدعي بعض الحكومات الغربية.

وقال إنه على الأوروبيين التخلّي عن المزاجية، وألا يأملوا بأنه بالإمكان تحقيق الانتصار في الحرب من خلال تكثيف الدعم وإمدادات الأسلحة الثقيلة بكميات كبيرة، لأنه عندها ستعتبر متواطئة في "التدمير الأحمق" والخسائر الفادحة في الأرواح في أوكرانيا.

المساهمون