"داعش" يستهدف المناطق القريبة من قناة السويس

"داعش" يستهدف المناطق القريبة من قناة السويس

20 نوفمبر 2022
دورية لخفر السواحل المصري في قناة السويس، مارس 2021 (طارق وجيه/فرانس برس)
+ الخط -

جدد تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لـ"داعش"، استهداف المنطقة الجغرافية القريبة من المجرى الملاحي الأهم في الشرق الأوسط، قناة السويس، في سياق هجمات متكررة لمدن وقرى محيطة بالقناة، خلال الأشهر الماضية.

وذكرت مصادر محلية في مدينة القنطرة شرق، أن سبعة عسكريين مصريين، قُتلوا صباح أمس السبت، في هجوم واسع لتنظيم "ولاية سيناء" على المدينة التي يقع ضمن نفوذها قناة السويس، التابعة إدارياً لمحافظة الإسماعيلية.

مباغتة "داعش"

وأضافت المصادر أن التنظيم باغت بهجوم مفاجئ المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، وسيطر على عدة مبان حكومية فيها، وعلى مدرسة وكلية صيدلة، إلى أن هرعت قوات كبيرة من الجيش والشرطة والمجموعات القبلية المساندة لها، ووقعت اشتباكات استمرت طويلاً، تخلله انقطاع شبكات الاتصال والانترنت عن المدينة لساعات.

وبحسب المقاطع المصورة التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن اشتباكات ضارية وقعت بين الجانبين، واستدعى الجيش قوة كبيرة من القوات الخاصة والمظليين وقوات تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس.

ذكرت مصادر محلية في مدينة القنطرة شرق، أن 7 عسكريين مصريين قُتلوا

وفي وقت لاحق، أكدت مصادر طبية عسكرية لـ"العربي الجديد" مقتل ضابطين وخمسة مجندين في حصيلة أولية للهجوم. وأشارت إلى أنه تم نقل عدد من الإصابات للعلاج في مستشفيات القوات المسلحة، فيما عرف من بين القتلى ضابط برتبة مقدم أركان حرب محمد عبد الإله صالح من الدفعة 103 حربية، وأحد أبرز قادة القوات المصرية الخاصة في سيناء.

وأفاد شهود عيان بأن طائرات مروحية وحربية حلقت في سماء المنطقة خلال الهجوم، ضمن محاولة الأمن السيطرة على المنطقة وطرد "داعش" منها، وجرى استهداف مدرسة تحصن فيها عناصر التنظيم، مشيرين إلى وقوع خسائر في صفوف تنظيم "داعش"، الذي انسحب من المنطقة، فيما أدى الهجوم إلى توقف حركة المرور من سيناء وإليها عبر معديات قناة السويس.

وتضاف محاولة التنظيم للسيطرة على مدينة القنطرة وتنفيذ هجوم واسع فيها، إلى محاولات أخرى كان أبرزها ما جرى قبل ثلاثة أشهر بمحاولة السيطرة على قرية جلبانة القريبة من القناة، من خلال الانتشار على الجسور والطرقات الرئيسية ومحولات الكهرباء والمراكز الحكومية والصحية، إلا أن قوات الجيش والمجموعات القبلية صدت الهجوم ولاحقت عناصر التنظيم إلى المناطق الزراعية المحيطة بجلبانة.

غير أن وجود "داعش" مستمر في المنطقة الغربية من سيناء، بدليل أن هجوم أمس، لم يكن الأول من نوعه، فقد تعرّض الجيش لهجوم من "داعش" في جلبانة في 8 نوفمبر/تشرين الحالي، وقُتل قائد الكتيبة 101 صاعقة وعدد من عناصر المجموعات القبلية المساندة للجيش.

وفي التفاصيل، قال أحد الطلبة في جامعة سيناء فرع القنطرة لـ"العربي الجديد"، إنهم فوجئوا بسماع دوي إطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة في محيط الجامعة، إلى أن لاحظوا وصول قوات من الجيش إلى المنطقة.

وازدادت حدة الاشتباكات التي تخللها أصوات قصف من الطيران المروحي والحربي على أهداف كان عناصر "داعش" مختبئاً فيها، فيما شاهد بعض الطلبة سيارة مفخخة تفجرت في قوة من الجيش التي كانت تحاصر عناصر التنظيم في مدرسة الصنايع.

وسجل الطلاب عبر صفحاتهم على "فيسبوك" مقاطع مصورة وبثاً مباشراً لما جرى، من دون فهمهم لطبيعة الهجوم، ما دفع الإدارة التعليمية في القنطرة شرق، إلى تعليق الدراسة في كافة المؤسسات التعليمية إلى حين استيضاح الموقف الأمني من الجهات المختصة في المنطقة.

وحول هذه التطورات، اعتبر باحث في شؤون سيناء في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن أطماع "داعش" في المساس بقناة السويس تزداد مع مرور الوقت، منذ طرد التنظيم من مناطق شرق سيناء، وتمركزه مجدداً في المناطق الغربية، الممتدة من بئر العبد وصولاً إلى أطراف قناة السويس.

وأضاف أن المشهد بات أكثر وضوحاً بحجم وشكل الهجمات التي يشنها التنظيم في المناطق القريبة من القناة، والتي تشبه محاولات السيطرة على مدينة الشيخ زويد قبل خمس سنوات.

باحث في شؤون سيناء: أطماع "داعش" في المساس بالقناة تزداد

وقال إن الجيش منع وقتها "داعش" من السيطرة، وأمس ضربت القوة الجوية ضربت خلايا "داعش" التي تسللت إلى القنطرة شرق، وحاولت تفجير مراكز حكومية فيها، تمهيداً لفرض السيطرة عليها.

حملة استباقية للجيش

وأوضح الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن الجيش المصري أدرك مخططات "داعش" مبكراً، وعزز وجوده العسكري بشكل كبير في كافة القرى والمدن المحيطة بقناة السويس، ودفع بقوات خاصة على مدار الساعة في تلك المناطق، والتي لها خبرة في مواجهة التنظيم.

وهذا ما أدى إلى فشل مخطط أمس في السيطرة على القنطرة شرق، لأن ذلك يعني السيطرة على المجرى الملاحي في قناة السويس، وتعطيل الحركة فيه، وما يترتب على ذلك من آثار كارثية على الأمن والاقتصاد المصري. غير أن ذلك لا يعني انتهاء مخططات "داعش" للمساس بالقناة، فتاريخ التنظيم يشير إلى عدم تخليه عن مخططاته إلا بالضربات الاستباقية من قوات الأمن.

والقنطرة شرق هي مركز ومدينة مصرية على الضفة الشرقية لقناة السويس في شبه جزيرة سيناء على الحدود الشمالية لمحافظة الإسماعيلية، ويربطها جسر السلام بالجزء الغربي للمدينة، فيما جرى إقامة عدة أنفاق أسفل قناة السويس لتنشيط حركة الاستثمارات بالقنطرة شرق.

كما تمر ترعة السلام بالمدينة بعد عبورها لقناة السويس عن طريق سحارة، ويمر بالقرب من المدينة خط سكك حديد سيناء الذي يعبر القناة عن طريق جسر الفردان ويتجه إلى بئر العبد، كما ترتبط المدينة بالشبكة الكهربائية الموحدة لمصر، وهي تعتبر أول مدينة تم تحريرها في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.