حفتر... قوة السلاح بمنطق جديد

حفتر... قوة السلاح بمنطق جديد

08 ديسمبر 2022
تحدث حفتر عن حق العسكريين بالترشح للرئاسة (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الخيارات ضاقت على خليفة حفتر، ولم يعد أمامه إلا تبني خيار "الفيدرالية"، أو التهديد بالانفصال.

في خطابه، الاثنين الماضي، وسط أنصاره في أجدابيا، مسقط رأسه في شرق البلاد، كان حفتر يتحدث عن حق العسكريين "في الترشح"، و"ترؤس البلاد"، وأنه حق "لا يزايد" عليهم فيه أحد "لأنهم يواجهون المخاطر ويدافعون عن الوطن"، على حد زعمه.

وصوب على المجموعات المسلحة في طرابلس بوصفها سبباً في "هشاشة المؤسسات في العاصمة طرابلس"، وهو يقصد المجاميع المسلحة التي دافعت عن طرابلس، وأفشلت طموحه في حكم البلاد بقوة السلاح قبل عامين.

وقال إن سيطرة تلك المجاميع المسلحة على طرابلس "من أبرز العراقيل التي أدت إلى فشل كل المساعي للحل الشامل". ووصف كل الحلول السياسية بــ"التلفيقية"، وأنها "إضاعة للوقت والجهد وتفاقم للأزمات"، وعليه فإن هذا الوضع سيدفع "المدن والقرى التي تنعم بالأمن والأمان إلى اتخاذ قرارهم الحاسم بإدارة شؤونهم وإدارة مؤسساتهم، ورسم خريطة طريقهم بمعزل عن العاصمة طرابلس".

لم يوضح حفتر شكل هذا القرار "الحاسم"، ولا كيفيته، وما إذا كان تلويحاً بالانفصال أو دعماً لخيار الفيدراليات المطروح في خطابات العديد من الساسة، سيما الأطياف القبلية في شرق البلاد.

لكن سياق هذا الخطاب ضمن حديثه عن حق العسكريين في الترشح لرئاسة البلاد، في وقت كان يلوح فيه أفق تقارب جديد وحثيث بين أكبر فاعلين في مشهد الأزمة الليبية، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري قبل أن تحمل تطورات اليوميين الماضيين قائمة خلافات جديدة.

وعليه فلا مناص من القول إن حفتر يملك العديد من الخيارات، ومنها اللعب على وتر الفيدرالية الذي قد يمهد لانفصال أجزاء البلاد عن بعضها.

حفتر لأول مرة يعلن عن الحق السياسي للعسكريين في الترشح لرئاسة البلاد. وغني عن البيان أسباب عدم حديثه في السابق، فقد كانت القوة والسلاح رهانه في الوصول إلى سدة الحكم. وإثر هزائمه العسكرية وتوجه البلاد نحو استحقاق الانتخابات، وفر له مجلس النواب الإطار القانوني بإزاحة كل الأسباب التي تمنعه من الترشح عبر قوانين انتخابية أصدرها بشكل أحادي، فلم يكن من داع لحديثه عن هذا الحق المزعوم.

أما اليوم، فقد انكشف أن شرط ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية العرقلة الوحيدة أمام التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات. وفي ظل الدفع والضغط الدولي نحو ضرورة إجراء الانتخابات لم يعد أمام داعميه، خصوصاً في مجلس النواب، إلا إمكانية التفكير في تجاوزه، خصوصاً وأن صالح طامح هو الآخر في الترشح لرئاسة البلاد، ولا يمكنه أن يستمر في رهن مصيره بمصير حفتر.

كل ذلك وغيره، اضطر حفتر للتلويح ضمناً باستخدام القوة والسلاح. وهذه المرة لا للحرب، بل للقول إنه يملك قرار وكلمة "المدن والقرى" التي تقع تحت سيطرته لتبني قراره "الحاسم"، بإدارة الشؤون والمؤسسات "بمعزل" عن طرابلس. وحتى وإن كان خطابه التصعيدي هذا تهديداً، إلا أن لسان حاله يقول إن كل الخيارات ممكنة لديه، حتى وإن كانت تهدد وحدة البلاد.