"حسابات ويستمنستر": اتهام لنواب بريطانيين بالابتعاد عن هموم ناخبيهم

"حسابات ويستمنستر": اتهام لنواب بريطانيين بالابتعاد عن هموم ناخبيهم اليومية

14 يوليو 2023
أثار تحقيق "سكاي نيوز" غضب الكثير من النواب خاصة من الحزب الحاكم (أسوشييتد برس)
+ الخط -

قال الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، إن على أعضاء البرلمان أن "يركّزوا على مهامهم في خدمة الدوائر الانتخابية بدلاً من التركيز على القيام بوظائف أخرى إضافية". جاء ذلك بعد أن نشرت "سكاي نيوز"، الخميس، تحقيقاً مطولاً بعنوان "حسابات ويستمنستر". والذي يظهر أن النواب البريطانيين من الأحزاب السياسية كافة، ممن يقومون بمهمات وأعمال إضافية خارج قبة البرلمان، يتقاضون 233 جنيهاً إسترلينياً في الساعة، أي أكثر بـ17 مرة من المتوسط الوطني، وبعشرات الأضعاف من الحد الأدنى للأجور في الساعة.

ومع أن القواعد البرلمانية الحالية لا تمنع النوّاب من ممارسة وظائف خارجية، شرط أن يعلنوا عنها، وعن مدد العقود الخاصة بها ومقدار المكافآت والرواتب الناتجة عنها، فإن ملف الأرباح الخارجية لأعضاء البرلمان، لا يزال إشكالياً ومثيراً للجدل، فيُتهم النواب أكثر فأكثر بالانفصال عن ناخبيهم وعن الهموم اليومية المحيطة بالدوائر الانتخابية، لا سيما في الوقت الراهن الذي وصل معه معدل التضخم إلى مستويات قياسية، ما تسبب في معاناة الملايين وعجزهم عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.

ويشير تحقيق "سكاي نيوز" إلى أن الزعيمين المحافظين السابقين، ليز تراس وبوريس جونسون، هما الأعلى من بين جميع النواب من حيث نسبة الأجور والمكافآت التي يتقاضانها في الساعة، إذ تقاضت تراس ما يعادل 20 ألف جنيه إسترليني في الساعة الواحدة، مقابل خطابها "الشهير" في تايوان قبل شهرين، في حين حصل جونسون على أكثر من 21 ألف جنيه إسترليني في الساعة، خلال أعماله الخارجية ومشاركاته في المؤتمرات والجلسات المغلقة.

ونقلت "سكاي نيوز" عن زعيم ويستمنستر السابق عن الحزب الوطني الاسكتلندي إيان بلاكفورد قوله، إن "النقاش الدائر حول الأرباح الخارجية لأعضاء البرلمان هو نقاش مشروع"، مضيفاً أن عمل النواب في البرلمان هو "عمل مهم وبدوام كامل لتلبية تطلعات الناخبين". وكسب بلاكفورد أكثر من 38 ألف جنيه إسترليني مقابل 31 ساعة عمل على مدى السنوات الأربع الماضية، بحسب شبكة الأخبار البريطانية.

وأثار التحقيق غضب الكثير من النواب، خاصة المنتمين إلى الحزب الحاكم، فاتهم النائب ستيف برين المحطة بالإساءة إلى السياسيين و"تلطيخ" سمعتهم، مشيراً إلى أن "كل النواب الذين قابلتهم في ويستمنستر يركّزون على مهامهم وعلى الأعمال التي يجب القيام بها بالشكل الصحيح". برين نفسه، عمل 497 ساعة في وظائف خارج البرلمان بمتوسط 200 جنيه إسترليني.

أما زعيم المحافظين في البرلمان الاسكتلندي، دوغلاس روس، فسجّل أعلى معدل ساعات عمل خارج البرلمان، وبلغ الوقت الذي أمضاه في مهام خارج إطار دوره المفترض في مجلس العموم 3869 ساعة عمل، في حين بلغ الوقت الذي يمضيه النائب المحافظ دان بولتر في ممارسة مهام غير سياسية 3508 ساعات منذ انتخابات عام 2019، حيث يعمل طبيباً في خدمة الصحة الوطنية.

ويشير التحقيق إلى أن وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي هو الأعلى في "حزب العمال" المعارض من حيث عدد ساعات العمل خارج البرلمان، والتي بلغت 1000 ساعة في 45 منظمة مختلفة.

وخلص التحقيق إلى أن معظم النواب المذكورين والمستفيدين من أعلى نسبة مكافآت من أعمالهم خارج مجلس العموم، هم وزراء سابقون أو من موظّفي الدولة، أي إن الشركات الكبرى والمؤسسات تولي ثقة أكبر بهذه الشريحة المنخرطة في المناخ السياسي أكثر من غيرها.

يبقى أن هذا النقاش يكتسب اليوم وزناً إضافياً وتعقيدات جديدة، وسط أزمة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة والضرائب والفوائد، ووسط أزمة المحافظين أنفسهم، العاجزين حتى هذه اللحظة عن ضمان وصولهم إلى الانتخابات العامة المقبلة، والمقررة بعد عام ونصف على الأكثر.