"جرائم حزب البعث".. جدل حول إدراج مقرر دراسي لجامعات العراق

جدل بشأن قرار حكومي بإنشاء منهاج دراسي لطلاب الجامعات بعنوان "جرائم حزب البعث"

18 اغسطس 2023
مطالب بإبعاد المؤسسة التعليمية عن السياسة (Getty)
+ الخط -

أثار قرار وزارة التعليم العالي العراقية، الذي أعلنته الأسبوع الماضي، بإضافة مقرر دراسي بعنوان "جرائم حزب البعث" إلى مناهج الجامعات، جدلاً سياسياً وشعبياً واسعاً. وبينما رحبت أحزاب السلطة وقيادات الفصائل المسلحة بالقرار، انتقد أكاديميون ذلك، وطالبوا بإبعاد المؤسسة التعليمية عن السياسة.

القرار، الذي أصدرته الوزارة التي يتزعمها الوزير نعيم العبودي، وهو قيادي في جماعة "عصائب أهل الحق" المقربة من إيران، وعمم وفقاً للكتاب الصادر بتاريخ 13 أغسطس/آب على جميع الجامعات، يفرض تدريس مادة "جرائم حزب البعث" في الفصل الدراسي الثاني، ويُخول تدريسها للأكاديميين ذوي الخبرة في مجالات متنوعة مثل القانون، العلوم السياسية، الدراسات الإسلامية وغيرها. هذا القرار أثار تأييد أحزاب السلطة وقيادات فصائل مسلحة، حيث أشادوا بدوره في توضيح حقيقة تلك الفترة الزمنية ومنع تكرار أي تسلل لأفكار الحزب.

ورحب زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي بالقرار، مؤكداً في تغريدة على منصة "إكس"(تويتر سابقاً) أن "من مهام المساءلة والعدالة هي ملاحقة أفكار البعث وتنظيماته، ومنع أي تسلل له في الدولة بعقلية بعثية، ونحن نؤيد ما طرحه وزير التعليم العالي، بل طالبنا كثيراً بأن تتضمن المناهج الدراسية في كل مراحلها توضيح جرائم البعث وفساد أفكاره، وأن يلاحق كما لاحقت أوروبا الأفكار النازية".

زعيم مليشيات "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي أكد بدوره أهمية القرار، وقال في تغريدة، إن "القرار مهم لتعريف الأجيال الجديدة بحجم الظلم والإرهاب الذي كان يسلطه نظام البعث البائد على الشعب العراقي، وضمان إيجاد التوعية المطلوبة لقطع الطريق أمام محاولات إعادة تدويره مرة أخرى أو تبييض سيرته".

مقابل ذلك، انتقد أكاديميون وأساتذة جامعيون القرار، معتبرين أنه غير مفيد علمياً ويعزز من تسييس المؤسسة التعليمية، وإذ قال الأستاذ الزائر في جامعة بغداد علي اللامي، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار بمثابة إعلان تسييس الجامعات. ما فائدة فرضه على كليات مثل الطب والهندسة والعلوم التقنية والحاسوب مثلاً، يظهر أن القرار سياسي وهدفه المزايدة والبقاء بالمربع الأول الذي غادرناه قبل عشرين عاما؟".

وأردف قائلاً: "كان من المفترض على الوزارة أن تلاحق مواطن الضعف والخلل في الجامعات، وأن تلاحق ملفات كثيرة خطيرة تؤثر على المستوى التعليمي ومنها بيع الرسائل والأطروحات والبحوث، وغير ذلك، بدلاً من قرارات لا جدوى علمية لها، وتلتفت لتأهيل الجامعات المتهالكة".

من جهته، وصف أستاذ في الجامعة العراقية طالباً عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، القرار بأنه "سياسي بحت"، متسائلاً: "هل سيجرى تناول جرائم حزب البعث السوري الذي تدافع عنه أحزاب السلطة والفصائل المسلحة أيضاً، أم أن هذا الحزب مختلف؟".

وشدد على "ضرورة أن تدار الوزارة بشكل مهني أكاديمي للحفاظ على ما تبقى منها، وأن يتم التشجيع على تطويرها علمياً ومهنياً وتطوير بناها التحتية"، موضحاً أن "القرارات المسيسة ستنهك المؤسسة التعليمية وتزيد من تراجعها في التصنيفات العالمية".

الناشطة والأستاذة شمس الوائلي استغربت القرار، وقالت ساخرة: "انتهت مشاكل العراق ولم يبق سوى المناهج وتضمين جرائم حزب البعث في المنهاج!"، مطالبة بـ"تدريس الجيل القادم جرائم الحكومات الفاسدة كافة".

وعملت الأحزاب العراقية بعد العام 2003 على حظر حزب البعث وأفكاره، ولاحقت المنتمين إليه في المؤسسات كافة. كما أسست هيئة المساءلة والعدالة "هيئة اجتثاث البعث" في عام 2005، التي عملت على متابعة ملفات المرشحين للانتخابات، فضلاً عن ملفات الموظفين والضباط والسياسيين، والأساتذة الجامعيين، واستطاعت أن تقصي الآلاف بحجة الانتماء إلى حزب البعث المحظور. وتُتهم الهيئة بممارسة دور "سياسي" على مدى الدورات الانتخابية السابقة، واجتثاث آلاف الشخصيات السياسية، استجابة لضغوط من قبل قوى مؤثرة في الساحة السياسية.