تونس وحديث المؤامرات

تونس وحديث المؤامرات

04 يناير 2021
عاد سعيّد ليتحدث عن مؤامرات (حسام زواري/الأناضول)
+ الخط -

مرة أخرى، يخرج الرئيس التونسي قيس سعيّد ليتحدث عن مؤامرات تحاك في الداخل والخارج. وبمناسبة الاحتفال برأس السنة، توجّه سعيّد إلى وزارة الداخلية ليلاً، وحذّر من أن هناك من يتربص بالدولة شراً، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون على الجميع، لأن تونس تعيش مرحلة دقيقة وخطيرة، مؤكداً ضرورة أن تبقى المؤسسة الأمنية والعسكرية بمنأى عن كل التجاذبات السياسية. وفي كلمة متلفزة إلى التونسيين بمناسبة رأس السنة الميلادية، قال سعيّد إن "هناك جهات من داخل تونس حاولت إسقاط وإجهاض اتفاقيات أبرمها مع دول أجنبية". وأضاف: "على المستوى الدولي، التقيت عدداً غير قليل من المسؤولين من الأشقاء والأصدقاء... لكن للأسف حاول البعض من الداخل إجهاض الاتفاقات التي أبرمتها معهم"، وأن "أحد المسؤولين الأجانب قال لي أعينونا حتى نستطيع تقديم العون لكم... وهناك من يعمل على عرقلة أي مبادرة تأتي من غيرهم".

لا يتوانى سعيّد في كل خطاباته عن الحديث عن هذه المؤامرات التي تحاك في الظلام والغرف المغلقة، وتواطؤ بين الداخل والخارج، ويؤكد أنه يعرف مصدرها ولكن الوقت لم يحن لكشف تفاصيلها. منذ تولى الحكم قبل عام وهو يردد تقريباً الاتهامات نفسها التي لا تخلو من خطورة، لأن المتحدث ليس مجرد مسؤول في الدولة سلبه الدستور صلاحياته، وإنما هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعهده التونسيون جاداً حتى قبل تقلّد المسؤولية، بالتالي لديه ما يدعم حديثه وليس مجرد كلام في الهواء للاستهلاك السياسي، ليبقى السؤال قائماً: متى يفصح سعيّد عن خفايا ما يقول، وما هي اللحظة السياسية وربما الأمنية المناسبة التي ينتظرها لكشف هذه الخفايا؟
خطابات سعيّد تعكس غربة سياسية وهو يكتشف خفايا الحكم وكواليسه، كشف عنها بنفسه حين قال "أشعر أني في بعض الأحيان من كوكب آخر، حين أستمع إلى الافتراءات والمغالطات، ومع ذلك ظللت صامداً وثابتاً، على الرغم من الشعور المستمر بالألم والمرارة".

يخرج الرئيس التونسي عن المألوف بلا شك، ولا تشبه خطاباته ما عُرف عن الساسة التقليديين، إلا أن هذا يزيد من حيرة التونسيين ومن خوفهم على مصائرهم ومصائر أولادهم، فيما الحياة تزيد صعوبة يوماً بعد يوم، وهم يستمعون إلى الرجل الأول في الدولة يؤكد أنهم بين أيادٍ تتلاعب بهم، بقوتهم وقوت عائلاتهم وأمنهم، بسبب الصراع على السلطة، بينما هم في حاجة إلى كشف الحقيقة.

المساهمون