تونس على وقع الإضراب

تونس على وقع الإضراب

13 يونيو 2022
يريد سعيّد التحكم في القضاء (جديد وسيم/Getty)
+ الخط -

يدخل القضاة التونسيون أسبوعهم الثاني من الإضراب احتجاجاً على محاولات الرئيس قيس سعيّد السيطرة على القضاء بالكامل، بعد إعفاء 57 قاضياً، بيّنت كل المعطيات أن أغلبهم يشغل مناصب مهمة في سلسلة قضائية يحاول النظام السيطرة عليها، وتنفيذ ما أراده منذ ليل 25 يوليو/تموز الحالك، الذي يقود البلاد إلى ظلام الديكتاتورية وحكم الفرد المطلق.

ليلتها، كان الرئيس أعلن بوضوح أنه يريد أن يكون رئيساً للنيابة العمومية، لكن الرفض الواسع جعله يتراجع، أو بالأحرى يؤجل ذلك إلى حين، وهو ما أظهرته الأحداث.

هناك أحكام قضائية لا تعجب الرئيس، عبّر عنها بوضوح أكثر من مرة، وقرارات من القضاء بخصوص بعض الملفات المتعلقة بخصومه لا ترضيه. واليوم، انتهى صبره لأن الوقت ينفد منه وهو يستعجل الاستفتاء، لأنه يظن أنه أول بناء البيت الذي يريد أن يرفعه فوق أنقاض الجميع. لكن ذلك يستوجب الانتهاء من خصومه، وليس بيديه وإنما عن طريق أحكام باتة، وهذا هو بيت القصيد.

لذلك فقد قرر أمام صمود القضاة أن يحسم الأمر سريعاً بمبررات الفساد والزنى والتشهير بالناس وهتك الأعراض التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي في تونس خلال الأسبوع الماضي.

وليس هذا فقط، فقد أثار ما كشفه رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، بخصوص تدخّل وزيرة العدل ليلى جفال في قضية متعلقة بمؤتمر اتحاد الشغل ومحاولة التأثير فيها، صدمة كبيرة. وليتها تكون صدمة توقظ الجميع من غفوتهم وتبين لهم أخيراً، بعد أشهر طويلة من التردد والحسابات الخاطئة، أن الجميع مستهدف من دون استثناء، وأن الصراع السياسي تحت سقف الديمقراطية والمؤسسات الدستورية أرحم من كل الخيارات الأخرى.

ويستعد اتحاد الشغل لإضراب يشمل أكثر من 150 مؤسسة عمومية، الخميس المقبل (16 يونيو/حزيران الحالي)، وهي خطوة تصعيدية من الاتحاد، في ظل ما يقول إنه خلاف مع الحكومة حول خيارات اقتصادية واجتماعية.

ويردد مسؤولو الاتحاد أنّ الإضراب غير سياسي بالمرة، وأنه لو كان كذلك لأعلنوا عنه من دون تردد. لكن الحكومة والرئيس والمتابعون من حولهم يفهمون أنها خطوة سياسية أيضاً. وقد تحاول الحكومة اللجوء إلى تفاوض في ربع الساعة الأخير. لكن ما الذي يمكن أن توفره في المفاوضات بخزائن فارغة وهي تقدم لصندوق النقد الدولي كل ما يرفضه الاتحاد على مدى تاريخه؟

مشكلة حسابات الساحة السياسية في تونس أنها لا تزال تعتقد أن باب التفاوض والمناورة وتحقيق بعض المكاسب ضد خصومها لا يزال مفتوحاً. صمم سياسي ليس بجديد على مشهد يكرر نفس أخطائه منذ سنوات، ويدمر بلداً جميلاً وتجربة حرية رائعة... وسيندمون.