تونس: تشديد الملاحقة على المعارضين واستهداف متواصل للحريات

تونس: تشديد الملاحقة على المعارضين واستهداف متواصل للحريات

03 فبراير 2024
من تظاهرة لجبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس (العربي الجديد)
+ الخط -

تزداد المخاوف على الحقوق والحريات في تونس، حيث تراجعت أهم مكاسب الثورة في ظل موجة المحاكمات والاعتقالات التي طاولت معارضين وسياسيين وقضاة ومدونين ونشطاء ومحامين، وجلها بتهم "التآمر على أمن الدولة" أو" ارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية".

وصدر، أول من أمس الخميس، حكم جديد ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام بـ3 سنوات سجنا مع تخطئة الحزب، في ما يعرف بقضية اللوبيينغ، الحكم الذي وصفته هيئة الدفاع بخلوه من شروط المحاكمة العادلة، مضيفة في بيان لها الجمعة أنه صدر من دون حضور منوّبها وبعد رفض التّأخير لتمكين الدّفاع من إعداد ردوده، خاصّة بعد التّعاطي الانتقائي لهيئة المحكمة مع وثائق الملفّ وترجمة بعضها دون البعض الآخر.

وأكدت هيئة الدفاع عزمها على استخدام كلّ الوسائل القانونيّة المتاحة لتبيين حقيقة هذا الملفّ وخلفيّاته وإطلاع الرّأي العام على ملابسات التوظيف السّياسي الذي حفّ به.

ولا يعتبر الغنوشي، الذي سجن منذ نحو 292 يوما على خلفية قضية تتعلق بتصريحات له في مسامرة رمضانية لجبهة الخلاص الوطني، المحال الوحيد في قضايا سياسية، فقد سجن العشرات من قيادات حركة النهضة، من بينهم علي العريّض، ونور الدين البحيري، ومنذر الونيسي وغيرهم.

وصدرت، أول من أمس أيضا، بطاقة إيداع ثانية في قضية تحقيقية جديدة ضد رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي. وأكدت هيئة الدفاع عن موسي أن "هذا يعد تعدياً صارخاً على مجلة الإجراءات الجزائية وعلى أبسط حقوق الدفاع، فالحكم صدر قبل استنطاق موسي ومن دون اعتبار لطلب الإسعاف الطبي المقدم من قبلها وفي تجاهل تام لطلب هيئة الدفاع بتأخير الملف".

ونددت الهيئة في بيان لها، الجمعة، بتواصل الاعتداء على الإجراءات الأساسية الضامنة للمحاكمة العادلة، وخصوصا التجاهل التام للوضعية الصحية لموسي.

كذلك، قضت الدائرة الجناحية لقضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس، الجمعة، بالسجن مدة ثلاثة أعوام مع النفاذ العاجل في حق المرشح الرئاسي السابق نبيل القروي، وفق ما أكده لموزاييك الحبيب الترخاني، الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس.

وأضاف الترخاني أن ثلاثة متهمين آخرين في القضية ذاتها، قضت الدائرة بسجن كل واحد منهم مدة ثلاثة أعوام، وذلك بخصوص القضية المتعلقة بقبول تمويل أجنبي خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، مع حرمان المتهمين الأربعة من الترشح للانتخابات الرئاسية مدة خمسة أعوام.

ناقوس خطر يدق في تونس

ويرى الناشط السياسي والمحامي سامي بن غازي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تونس "في مرحلة دقيقة جدا على مستوى الحقوق والحريات السياسية في البلاد، فحرية التعبير مهددة خاصة بوجود المرسوم 54"، موضحا أنه في ظل ارتفاع وتيرة المحاكمات السياسية وارتفاع عدد المساجين السياسيين وأمام التضييق على بقية الحريات الفردية والعامة، فإنه يمكن القول أن ناقوس الخطر يدق في تونس".

وأضاف المتحدث أن "المجتمع السياسي والمدني يشعر بخطر كبير، ولا بد من مواصلة النضال من أجل حرية التعبير". ولفت إلى أن "هناك اليوم مؤسسة واحدة تتحكم في الدولة، وجهة تحكم بمفردها، ويمكن الحديث عن أننا في مرحلة ما قبل الاستبداد الشامل والمطلق، وهو ما يستدعي ضرورة التصدي للانحراف الحاصل من قبل جل الفاعلين السياسيين والتنبيه من الوضع، لأن مسألة الحريات تبقى أساسية حتى في ظل عدم التوافق".

من جانبها، أكدت عضو جمعية تقاطع مي العبيدي أنهم" ينددون بآليات القمع من خلال استعمال القوانين القديمة كالفصل 67 الذي تستعمله السلطة ضد المدونين والنشطاء والمعارضين، أو الجديدة منها، التي تكرس القمع كالمرسوم عدد 54، حيث تتواتر تهم ارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية أو هضم جانب موظف"، مضيفة في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "جلّ هذه القوانين قامعة لحرية التعبير وتمثل خطرا داهما على الشباب والناشطين والمحامين".

وبينت العبيدي أن "هذه القوانين يمكن أن توجد في دولة قمعية، ولكن ليس في دولة عاشت ثورة، ورفعت شعار احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير"، موضحة أن "تونس سبق أن وقّعت على عدة معاهدات ومواثيق دولية لاحترام الحقوق والحريات وفي ظل دستور ينص على ذلك"، مشيرة إلى أن وجود قوانين تتعارض مع الحقوق والحريات ومع ما تتبناه السلطة التونسية لا يمكن أن يستمر.

وأضافت أن "محاكمة شباب، كالرسام التونسي رشاد طمبورة مؤخرا بسنتين سجنا، دليل على أننا بصدد خسارة أهم مكسب للثورة وهو حرية الرأي والتعبير"، مبينة أن الثورة رفعت شعارات التنمية ورفع الظلم والتشغيل، ولكن كانت في صدارتها حرية الرأي والتعبير وهي تظل الأهم لبناء الديمقراطية".

وبينت المتحدثة أنها "كناشطة حقوقية، ترى أن أهم مكسب مهدد وأنه بمجرد تدوينة أو التعبير عن موقف أو نقد للأوضاع قد يجد الشخص نفسه محاكما ويُزج به في السجون، وهذا غير مقبول في بلد عاش ثورة".

المساهمون