توالي زيارات مسؤولين عسكريين روس وغربيين للجزائر.. الدوافع والخلفيات

توالي زيارات مسؤولين عسكريين روس وغربيين إلى الجزائر.. الدوافع والخلفيات

27 فبراير 2023
من زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف إلى الجزائر بالأمس (Getty)
+ الخط -

تشهد الجزائر توالياً لافتاً لزيارات مسؤولين عسكريين روس وغربيين، ما يضعها مجدداً في قلب استقطاب حاد، اجتهدت الجزائر للحفاظ على نقطة توازن فيه بين الطرفين، في خضم تداعيات الصراع القائم في أوكرانيا بين القوى الغربية وموسكو.

واستقبل قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، اليوم الإثنين، أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، الذي يزور الجزائر على رأس وفد هام، حيث تمت مناقشة حالة التعاون العسكري بين البلدين، والتطورات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

ووصف شنقريحة علاقات بلاده بروسيا "بالتاريخية والاستراتيجية، وخاصة في مجال التعاون العسكري"، مشيراً الى أن هذه العلاقات بنيت على أساس "احترام سيادة الدول الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة لكلا البلدين". واستقبل المسؤول الروسي لاحقاً في مقر الرئاسة من قبل الرئيس عبد المجيد تبون. وتعد هذه الزيارة الثالثة لمسؤول عسكري روسي إلى الجزائر في ظرف شهرين، يعد زيارة قبل أسابيع قليلة لرئيس المصلحة الفدرالية للتعاون العسكري والتقني في روسيا شوغاييف ديميتري أفغينيفيتش.

لكن زيارة أمين مجلس الأمن الروسي سبقها بيوم واحد استقبال قائد الجيش الجزائري وزير الدولة المكلف بالقوات المسلحة البريطانية جيمس ستيفان هيبي، إذ ناقشا -بحسب بيان وزارة الدفاع الجزائرية- "التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموماً والقارة الإفريقية على وجه الخصوص، وتبادل الخبرات في إطار مكافحة الإرهاب وفي مجال التكوين". وهذه ثاني زيارة لمسؤول عسكري بريطاني إلى الجزائر في ظرف شهر بعد زيارة قام بها المستشار الأعلى للدفاع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المارشال الجو مارتن إيليوت سامبسون، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي.

وتضاف هذه الزيارات العسكرية المتتالية إلى زيارات قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، الفريق أول مايكل لانغلي، في التاسع من الشهر الجاري، والذي التقى كبار قيادات الجيش الجزائري، لمناقشة التحديات الأمنية في منطقة الساحل وافريقيا؛ وقبله بفترة قصيرة زيارة مسؤول مجلس الأمن القومي الأميركي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، والذي كان مرفقاً بالمساعدة الرئيسية لنائبة كاتب الدولة الأميركي للشؤون الخارجية يائيل لومبرت.

وتبذل الجزائر على الصعيدين السياسي والعسكري جهداً كبيراً للحفاظ على مستوى من العلاقات المتوازنة والوقوف على مسافة متكافئة بين موسكو والقوى الغربية، في ظل الاستقطاب الحاصل بسبب الحرب القائمة في أوكرانيا، إذ أكد الرئيس الجزائري تبون، في تصريحاته الأخيرة، أن الجزائر "سياسياً وأيديولوجياً بلد غير منحاز، لا إلى الاميركيين ولا إلى غيرهم".

ذلك أيضاً ما ذهب إليه قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنڨريحة، خلال لقاء سابق مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (الأفريكوم)، إذ أكد أن "الجزائر تتشبث بمبدأ عدم الانحياز، وهي غيورة على استقلالها وقرارها السياسي، وتتعامل، في إطار خدمة مصالحها، مع دول صديقة كثيرة تربطها معها علاقات عسكرية واقتصادية".

ويعتبر الباحث في العلاقات الدولية والشؤون السياسية قاسم حجايج أن زيارات المسؤولين العسكريين الروس والغربيين الى الجزائر تضع الأخيرة في موقع ارتياح كبير، على أساس أنها تتمتع بثقة كل الأطراف المتصارعة سواء في الساحة الأوكرانية أو في ساحات الصراع الأخرى.

وقال حجايج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الزيارات تعطي أيضاً مؤشرات على أن مجموع الأطراف الدولية المعنية بهندسة الأمن العالمي، خاصة في منطقة شمال افريقيا والساحل، وفي منطقة المتوسط  جميعها تسعى لأن يكون لها حضور في المنطقة وشراكة وتعاون مع الجزائر لكونها البلد الاكثر استقراراً وقوة وتأثيراً في استقرار منطقة الساحل خاصة"، مضيفاً أن "هذا يفرض على الجزائر أن تحافظ بقدر كبير على مستوى من التوازن في العلاقة مع كل الأطراف".

المساهمون