تقرير يوثق مذبحة الطنطورة وأماكن المقابر الجماعية

تقرير يوثق تفاصيل مذبحة الطنطورة ودمارها إبان النكبة الفلسطينية.. ومطالب باحترام حرمة المقابر

23 مايو 2023
مقبرة جماعية لعشرات الشهداء الفلسطينيين في مجزرة الطنطورة(أرشيف/Getty)
+ الخط -

بعد عام ونصف العام من التوثيق والتحقيق، يصدر غداً الأربعاء، تقرير من قبل لجنة أهالي الطنطورة ومركز عدالة ومؤسسة فروزنيك اركيتكشر الدولية، عن أماكن المقابر الجماعية وشهادات لناجين من مجزرة الطنطورة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية إبان النكبة عام 1948. 

كما يحوي التقرير الذي يحمل اسم "الطنطورة"، مواد أرشيفية وخرائط التاريخ الشفوي وصور القرية الواقعة جنوبي مدينة حيفا قبل النكبة الفلسطينية.

توازياً، نظمت لجنة أهالي الطنطورة المهجرين ومركز عدالة الحقوقي ومؤسسة "فروزنيك اركيتكشر" الدولية، اليوم الثلاثاء، جولة في قرية الطنطورة المهجرة، وجالوا على المقابر الجماعية التي عملوا على كشفها، والتي تضم أكثر من 250 شهيداً سقطوا خلال المجزرة. 

وحدد المشاركون في الجولة القبر الجماعي الأول الذي تحول إلى موقف سيارات تابع لمنتجع على شاطئ جنوب مدينة حيفا، ولم يعد للقبر أي أثر.

وارتكبت العصابات الصهيونية مجزرة جماعية في قرية الطنطورة في تاريخ 22 و23 مايو/ أيار عام 1948، وقتلت بدم بارد أكثر من 200 شخص. 

وتبلغ مساحة أراضي الطنطورة 14520 دونماً، وقُدّر عدد سكانها سنة 1929 حوالي 750 نسمة، وفي عام 1945 حوالي 1490 نسمة، قبل أن تهدم العصابات الصهيونية المسلحة القرية وتشرّد أهلها البالغ عددهم عام 1948 حوالي 1728 نسمة.

وأوضحت المحامية سهاد بشارة من مركز عدالة الحقوقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن للجولة "رسالة تاريخية وحقوقية وسياسية وهي الحق في إكرام الميت وعدم المس بكرامته من خلال تدنيس القبور والمقابر".

وشرحت لذلك "قمنا في تحديد قسم من المقابر والقبور الجماعية والمقابر التي كانت في البلد قبل النكبة. بناءً على تحقيق دقيق بتقنيات عالية من قبل مؤسسة فرزنيك اركيتكشر. لأول مرة يسمح لنا أن نحدد أماكن المقابر بشكل دقيق".

وأكدت في الشأن، على "المطالبة باحترام تلك المقابر في بلدة الطنطورة والسماح بشكل كريم لأهالي الطنطورة أن يزوروا ضحاياهم ويصلّوا عليهم وفقاً لشعائرهم الدينية. وإيقاف المس في حرمة المقابر وكرامة الميتين وذويهم".

وأشارت إلى "أن عدالة ستتوجه برسالة رسمية مرفقة بالتقرير والمستندات التي تؤكد وجود هذه المقابر، وستصدر باسم أهالي الطنطورة".

وكذلك استمرت الجولة الميدانية إلى موضع الموقع الثاني للمقابر الجماعية والتي تقع اليوم داخل منتجع إسرائيلي.

وفي حديث مع سامي العلي منسق لجنة أهالي الطنطورة، قال: "نحن نقوم اليوم بجولة تستبق نشر وإصدار أول تحقيق في تاريخ شعبنا الفلسطيني، يكشف عن القبور الجماعية في قرية الطنطورة".

وأشار إلى أن "هذه القبور الجماعية تضم أكثر من 250 شهيداً وشهيدة ارتقوا خلال المجزرة التي اقترفتها العصابات الصهيونية وخاصة لواء السكندروني عام 1948".

وأضاف العلي أنه "من خلال الجولة اليوم قمنا استناداً لنتائج التحقيق برسم حدود المقابر ومواقعها الدقيقة".

وكشف أن "اليوم حددنا أربع مقابر رئيسية إضافة إلى المقبرة التاريخية التي نشاهدها خلال الصور الجوية".

وبحسب العلي، فإن "الصور الجوية قبل عام 1848 تؤكد وجود مقبرة تاريخية في قلب قرية نحشوليم على أنقاض قرية طنطورة، حيث أقيمت منتجعات سياحية وبنى تحتية لطمس المعالم وكل ما يشهد ويؤكد على وقوع مجزرة الطنطورة".

وأردف أن "الموقع الثالث للمقبرة الجماعية كان وراء بيت عائلة يحي وهو البيت الوحيد الباقية آثاره في القرية".

من جهتها، أكدت جهان سرحان، وهي مهجرة من الطنطورة، "أن أفراداً من عائلتها وعمها من ضمن ضحايا المجزرة".

وبحسب شهادة سرحان، فقد "أعدم شباب من عمر عشر سنوات حتى 55 عاماً. أما النساء تم تجميعهن على الشاطئ وبقين دون ماء ومأوى".

وأشارت "سُرق الحي وجُرد الناجون من كل شيء وطردوا من قريتهم".

وطالبت في حديثها "إسرائيل الاعتراف بالمجزرة على مستوى العالم وتكريم الشهداء وتحديد المقابر الجماعية وزرعها بالورود حتى يتسنى لنا قراءة الفاتحة ودفنهم على الشريعة الإسلامية وهذا أقل واجب نقوم به".

أما المقبرة الجماعية الرابعة كانت بمحاذاة المقبرة التاريخية للقرية والتي يقع عليها اليوم فندق نحشوليم.

وقال كمال خالد مصري الأطرش من مهجري قرية الطنطورة، إن "الشهداء جدي سليمان وعمي عيسى هم مدفونون مع الشهداء بمقبرة الطنطورة".

وأضاف "نحن هجرنا إلى قرية الفرديس، أما غالبية أقاربي هجروا إلى سورية".

وروى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أننا "كنا نعيش أجمل حياة بالطنطورة والدتي تعلمت حتى صف رابع في مدرسة الطنطورة وكانت تتقن اللغة الإنكليزية".

في حين، ذكر موسى حصادية عضو في لجنة أهالي الطنطورة، أن من قام "في البداية بالنشر حول المجزرة هو الصحافي محمد حسني بموقع كل العرب سنة 1992 وأجرى مقابلات مع الناجين".

وبحسب حصادية فإن "بعد المجزرة تركت جثث الشهداء على الأرض ولم يهتموا، وبعد أسبوع فاحت الروائح الكريهة وجاءت أوامر من القدس بأن يهتموا في الموضوع. أخذوا ناس من قرية الفرديس للم الجثث والتي كانت متعفنة ومن ثم دفنوهم بمقابر جماعية".

وكان الصحافي في جريدة كل العرب المحلية محمد حسني كعوش، أول من كشف عام 1992 عن مذبحة طنطورة وعن القبور الجماعية وعندها تم تهديده من قبل المؤسسة الإسرائيلية بعدم النشر.
 

المساهمون