كشف مسؤول مصري مطلع على الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، تفاصيل زيارة أجراها وفد عسكري إسرائيلي رفيع المستوى إلى العاصمة المصرية القاهرة، قبل أيام.
وقال المسؤول المصري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن "الزيارة جاءت استكمالاً لزيارة مشابهة قام بها رئيس جهاز الشباك رونين بار، قبل أيام قليلة"، مضيفاً أن الزيارات الإسرائيلية الأخيرة "كانت تهدف إلى احتواء الاستياء المصري من تنصل حكومة الاحتلال من تعهداتها بشأن قرار وقف إطلاق النار الذي تم بواسطة مصرية" في قطاع غزة.
وزار رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، رونين بار، القاهرة، في 21 أغسطس/آب الماضي، لاحتواء التوتر الذي يسود العلاقات بين إسرائيل ومصر، إثر تجاهل سلطات الاحتلال التزامات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في 7 أغسطس/آب الماضي.
وكشف المسؤول المصري أن "زيارة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة، التي غلب عليها الطابع العسكري، جرى خلالها التباحث بشأن عدد من الملفات، في إطار احتواء تداعيات الغضب المصري الناجم عن تراجع حكومة الاحتلال عن إطلاق سراح الأسيرين خليل العواودة وبسام السعدي، القياديين في حركة الجهاد الإسلامي، وهو البند الذي تم بموجبه وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في أعقاب المواجهة العسكرية الأخيرة، وأعلنه جهاز المخابرات العامة المصري في بيان تم تعميمه على وسائل الإعلام".
وبحسب المسؤول، فإن اجتماعات الوفد في القاهرة، "تم خلالها التوافق على خطوة إطلاق سراح العواودة، عقب إعلانه تعليق الإضراب عن الطعام".
وأشار المسؤول المصري إلى أنه "جرى التوافق خلال لقاءات القاهرة على أن يكون إطلاق سراح العواودة كمرحلة أولى، نظراً للخطورة التي كانت تهدد صحته بسبب الإضراب عن الطعام، على أن يعقب ذلك إطلاق سراح السعدي في أعقاب انتخابات الكنيست الجديدة في إسرائيل، في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل".
وفي الأول من سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت إسرائيل موافقتها على إطلاق سراح العواودة، الذي ضغطت مصر لإطلاق سراحه، عندما توسطت في اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة في وقت سابق.
ووفقاً للمسؤول المصري، فإن "التفاهمات التي تم التوافق عليها خلال اللقاءات، قوبلت بارتياح مصري"، مؤكداً أن القاهرة "تلقت ضمانات واضحة بتنفيذ التعهد الخاص بإطلاق سراح السعدي، عقب الانتخابات التشريعية في إسرائيل"، لافتاً إلى أن القاهرة "حصلت على الضمانات من الأجهزة الأمنية في إسرائيل، وليس من الحكومة الحالية، خشية أي تغييرات في أشخاص الحكومة، وبالتالي التنصل مجدداً من التعهدات".
وكشف المسؤول المصري عن أن القاهرة "تلقت تعويضاً" وصفه بـ"المناسب" نظير طائرة مسيّرة مصرية أسقطتها الدفاعات الإسرائيلية، بعد ما تجاوزت الحدود بالخطأ في وقت سابق، حيث إن هذا الملف -بحسب المصدر- أحد الملفات التي تسببت في تزايد الاستياء المصري، خاصة أن إسرائيل "لم تقدم تبريرات واضحة بشأن هذا الخطأ".
وفي 22 يونيو/حزيران الماضي، كشف جيش الاحتلال عن اعتراضه طائرة مسيرة تابعة للجيش المصري وإسقاطها في سماء النقب، لافتاً إلى أن الجيش المصري كان يقوم بتشغيلها لمراقبة نشاط تنظيم "داعش" في صحراء شمال سيناء. وقال إنها "واجهت على ما يبدو مشاكل تقنية تسببت في فقدان الاتصال مع مشغليها عند دخولها المجال الجوي الإسرائيلي عن طريق الخطأ".
وعلى صعيد التحقيقات الخاصة بملف المقبرة الجماعية التي دفن بها نحو 22 جندياً مصرياً قتلوا في مواجهات خلال معارك حرب 1967، في منطقة اللطرون شمال القدس، وإخفاء معالم القبر، كشف المسؤول المصري عن "مفاجأة" بشأن هذه القضية التي فجرت أخيراً، وتسببت في توتر العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.
وقال "إن الوفد العسكري الذي ضم ضابطين بارزين من الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى المستشار العسكري لرئيس الحكومة، أخطر المسؤولين في مصر، باستحالة استعادة رفات الجنود المصريين، والتي رجحت أن تكون قد تفرقت أو ضاعت معالمها بسبب إقامة مبان سياحية في المنطقة التي قيل إنها كانت تضم موقع القبر الجماعي".
وبحسب المصدر، فإن الوفد "قدم للجانب المصري ما يدل على قيام الجانب الإسرائيلي بتحقيقات موسعة في هذا الملف، في محاولة للوصول إلى نتيجة إيجابية يمكن معها تصحيح الموقف وإزالة الحرج الذي حدث بالإعلان عن الواقعة بشكل مفاجئ أخيراً".
وزاد الكشف عن القبر الجماعي للجنود المصريين من حدة التوتر بين القاهرة وتل أبيب، وعزز الاستياء المصري من الجانب الإسرائيلي، ليجري لاحقاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مكالمة هاتفية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية يئير لبيد، حيث تم التوافق على فتح تحقيق في الواقعة.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، إن "وفداً أمنياً إسرائيلياً رفيع المستوى، زار القاهرة "سراً" قبل أسبوع، وضم الوفد كلًا من السكرتير العسكري لرئيس الحكومة آفي جيل، وكبار الضباط، وممثلين عن وزارة الجيش، بهدف تخفيف التوتر بين الجانبين".
وبحسب إذاعة الاحتلال، فإن الوفد "بحث قضية الأسير خليل العواودة -الذي خاض إضراباً عن الطعام لأكثر من 24 أسبوعاً، بالإضافة إلى جهود البحث عن قبور جماعية للجنود المصريين الذين استشهدوا خلال حرب الأيام الستة عام 1967 في القدس المحتلة، ولا يعرف حتى الآن مكان دفنهم".
وفي أوائل يوليو/تموز الماضي، كشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن "إسرائيل" دفنت جثث عشرات الجنود المصريين من قوات "الصاعقة" الذين استشهدوا خلال حرب عام 1967 في مقبرة جماعية قرب اللطرون، بعد أن جاؤوا كقوة مساندة للقوات الأردنية.
وقالت الصحيفة "إن جثثهم مدفونة تحت ما أصبح اليوم موقفاً للسيارات في متنزه "ميني يزرائيل" في منطقة اللطرون التي احتلتها "إسرائيل" خلال الحرب المذكورة، وقامت بتهجير سكان قراها الثلاث المشهورة، "عمواس" و"يالو" و"المجدل".