تفاصيل الخلاف حول بنود الهدنة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال

تفاصيل الخلاف حول بنود الهدنة بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال

26 نوفمبر 2023
أدت الخلافات حول شروط تسليم المساعدات إلى تأخير الجولة الثانية من عمليات التبادل (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية مطلعة على جهود القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عن تفاصيل الاتصالات المصرية الإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة، والتي أعقبت قرار كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تأخير تسليم الدفعة الثانية من أسرى الاحتلال، قبل استكمال الاتفاق الذي جاء بواسطة قطرية وبمشاركة مصرية في ساعة متأخرة من مساء اليوم الثاني للهدنة.

وقال مصدر مصري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ "خلافاً رئيسياً نشأ بسبب (مراوغة) من جانب حكومة الاحتلال، في تفسير أحد بنود اتفاق الهدنة، والذي تضمن حرية التنقل بين شمال غزة وجنوبها، خلال مدة الأربعة أيام المقررة ضمن الهدنة، حيث حاولت حكومة الاحتلال التنصل، زاعمة أن ما وافقت عليه هو حرية التنقل من الشمال إلى الجنوب وليس (بين) الشمال والجنوب".

وأوضح المصدر المصري أنّ "التنصل الإسرائيلي من هذا البند، جاء بعدما فوجئ جيش الاحتلال المتمركز في نقاط تفصل شمال غزة عن جنوبها، بموجة نزوح عكسي من جنوب القطاع إلى شماله، على الرغم من حجم الدمار الذي لحق بمناطق هؤلاء النازحين، وهو ما دفع حكومة الاحتلال للمراوغة من أجل التنصّل من هذا البند، قبل تدخل الوسطاء المصريين والقطريين".

وكشفت المصادر، كواليس الساعات، التي وصفتها بـ"الصعبة"، وقد قررت خلالها حركة حماس، مساء السبت، تأجيل عودة المحتجزين لديها إلى إسرائيل، بعد تأكيدها أنّ الاحتلال خرق الاتفاق الذي تم التوصّل إليه.

وقالت المصادر إنّ "ضباطاً من جهاز المخابرات العامة المصرية، تدخلوا فور وقوع الأزمة، وسافروا إلى قطاع غزة، لمحاولة إقناع المسؤولين في حركة حماس، بضرورة إطلاق سراح المحتجزين".

وأضافت المصادر أنه "بالإضافة إلى ذلك، ساهم الضغط القطري وتدخل الرئيس الأميركي جو بايدن، في حل أزمة صفقة إطلاق سراح الرهائن وضمان تنفيذ الصفقة بالكامل".

وأدت الخلافات حول شروط تسليم المساعدات إلى تأخير الجولة الثانية من عمليات تبادل الأسرى، أمس السبت. وكان من بين الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق أن المساعدات لم تصل إلى الشمال بحسب الكميات المتفق عليها.

وكشفت المصادر أيضاً أنّ "الجانب الإسرائيلي طلب من المسؤولين في جهاز المخابرات العامة الذين يتولون عملية الوساطة والتنسيق بين حكومة الاحتلال وحركة حماس، تقديم معلومات بشأن الأعداد التي بحوزتهم من الأسرى". ولفتت إلى أنّ "المسؤولين في حكومة الاحتلال، اكتشفوا أنّ أعداد الأسرى في غزة -والمعلنة من جانبهم- غير دقيقة وأنها تتجاوزها، لكنهم يخشون الإعلان عن ذلك رسمياً خوفاً من غضب الشارع، وانضمام أسر جديدة للغاضبين المطالبين بتحرير ذويهم".

وأوضحت المصادر أنّ القاهرة "ستنقل خلال الساعات المقبلة، المطلب الإسرائيلي، إلى حماس، التي ترفض الكشف عن معلومات دقيقة بشأن الأعداد الحقيقية للرهائن، إذ تعتبر تلك أموراً تفاوضية، لا بد أن يكون لها أثمان تدفع من جانب حكومة الاحتلال".

وحول غضب المقاومة في قطاع غزة بشأن عدم دخول أعداد الشاحنات المقرر وصولها إلى القطاع خلال أيام الهدنة، قالت المصادر إنّ "الأمر يعود إلى أسباب لوجستية، حيث إنّ الطاقة الاستيعابية للمعبر، تشكّل صعوبة بالغة أمام دخول عدد الشاحنات المقررة والمقدر بـ200 شاحنة يومياً، إضافة إلى عدد آخر من شاحنات الوقود وغاز الطهي"، مشيرة إلى أنّ "الجانب المصري، وعد قيادة الحركة، بالضغط على المسؤولين في حكومة الاحتلال، من أجل تيسير إجراءات دخول الشاحنات عبر معبري العوجة وكرم أبو سالم من أجل ضمان تمرير أكبر قدر منها خلال اليوم الواحد". 

وحول كيفية مرور 500 شاحنة بشكل يومي إلى القطاع، قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت المصادر إنّ الشاحنات التجارية لم تكن تمر عبر معبر رفح المخصص بشكل أساسي لحركة الأفراد، لافتة إلى أن الشاحنات التجارية، كانت تمر عبر بوابة صلاح الدين ومنها إلى معبر كرم أبو سالم بشكل أساسي والعوجة كذلك.

في السياق ذاته، قالت المصادر إن القاهرة "لمست خلال الاتصالات التي جرت بين المسؤولين في مصر وحكومة الاحتلال، تمسّكاً من جانب إسرائيل باستكمال الاتفاق رغم محاولة التملّص من بعض بنوده"، مضيفة أنّ "هناك خوفاً من جانب حكومة نتنياهو من عدم استكمال حماس تسليم باقي الأسرى المدنيين لديها، وهو ما قد يفجّر موجة غضب كبيرة ضد الحكومة في الشارع الإسرائيلي من جهة ومن جانب داعمين غربيين لها من جهة أخرى".

وكشفت أن نتنياهو "أكد في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) مساء السبت، على التزام حكومته بالاتفاق، ودعا القاهرة إلى ممارسة ضغوط على حماس من أجل إكمال الاتفاق".

وقالت المصادر المطلعة على تفاصيل الاتصالات الأخيرة إنه "ربما يكون هناك عدم حماسة من جانب حكومة الاحتلال لتمديد الهدنة، حتى لا تفوت الدعم الأميركي والغربي في إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف حماس وقطاع غزة بشكل عام، إلا أنها تتمسك بشكل كبير بإتمام صفقة تبادل الأسرى التي خففت عنها جانباً كبيراً من الضغط الشعبي في الشارع الإسرائيلي". وشددت على أن نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت "لم تكن لديهما رغبة في إتمام الصفقة ولكنهما قبلا بها مرغمين أمام ضغط الشارع".

وأوضحت المصادر أنّ "هناك اتجاهاً دولياً في اللحظة الراهنة، لإيقاف الحرب على قطاع غزة عند هذا الحد، وهو ما يخشاه نتنياهو"، لافتة إلى "تلقي الإدارة المصرية إشارات أميركية، بشأن رغبة في إنهاء الحرب سريعاً، إضافة إلى وجود تحركات دولية للوصول إلى صيغة يمكن بها إنهاء الحرب عقب انتهاء الهدنة". وأكدت أن "جميع المؤشرات الحالية تقود إلى مدها إلى نحو 4 أيام إضافية".

وبحسب المصادر، فإن "ما يعزز الرغبة الأميركية في إنهاء الحرب بشكل سريع، هو تلميحات بعثت بها إيران عبر وسطاء، بشأن إمكانية اتساع رقعة التداعيات السلبية للحرب على القطاع في الإقليم، من جانب محور المقاومة"، وفق تعبير المصادر.

في مقابل ذلك، كشف مصدر دبلوماسي مصري، عن "اجتماع جرى أخيراً بحضور وزير الخارجية سامح شكري، مع مسؤولين أممين، طالبوا القاهرة، بسرعة إقامة مخيم مؤهل لاستيعاب أعداد من النازحين في منطقة رفح المصرية، يكون تابعاً للأمم المتحدة، بحيث يكون قادراً على تقديم الدعم لنازحين بشكل مؤقت وبأعداد ليست كبيرة، ويكون كذلك محطة فرز للمصابين وإعادة توجيههم، سواء للمستشفيات الميدانية في الداخل المصري أو لخارج مصر، بناء على طلبات مقدمة من بعض الدول مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا".

وأوضح المصدر أن الجانب المصري "لم يرد على الطلب الأممي حتى الآن، حيث طلب وزير الخارجية المصري مهلة للرد بعد العودة للأجهزة المعنية الأخرى"، مشيراً إلى أنّ "هناك تخوفاً مصرياً كبيراً بشأن تلك الخطوة ومدلولاتها، وما قد تجره من خطوات أخرى في ظل الضغط الكبير على القاهرة". 

ولفت إلى أنه "يمكن اعتبار تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً، خلال مؤتمر جماهيري لدعم غزة الخميس الماضي، رداً على المطلب الأممي، حيث اعتبر أن مسألة تهجير سكان القطاع إلى رفح المصرية بمثابة خط أحمر بالنسبة للقاهرة".